سقطت سريعاً طائرة حربية روسية في سورية بصاروخ أميركي من على منصّة كتف مقاتل سوري تصفه موسكو بالإرهابي وتعتبره واشنطن معارضاً معتدلاً وتزوده بالسلاح المطلوب لمواجهة النظام وإيران وروسيا ومن معهم من فصائل وافدة من كل جهات الأرض دفاعاً عن مصالح اتضح حجم التضحيات المبذولة بأنها كبيرة جداً ولا يمكن تحديدها أو اعتبارها محدودة طالما أنها باتت متصلة بالأمنين القوميين لروسيا و إيران .
شنت روسيا حملة اتهامية على أميركا التي تُغذي الإرهاب كما تدّعي موسكو واعتبرتها أداة مهددة للسلم الذي طرح أرضاً في سوتشي ومخربة للتفاهمات المخفضة للتوتر في مناطق حددها المتفاهمون فيما بينهم ولم يلتزموا بها ولكنهم حرصوا على أن تلتزم بها المعارضة و إلاّ فشلت الخطوات الروسية الساعية إلى إنضاج حل على نار السوريين .
إقرأ أيضا : مقتل طيار روسي بعد اسقاط مقاتلته في سوريا!
هكذا ترى روسيا نفسها سبيلاً لسلسبيل يشرب منه السوريون ليروا عطشهم وتعتبر أن الآخرين يصنعون الخراب والدمار ولا يريدون حلولاً بمواصفات روسية الطيبة وهكذا تدّعي روسية بأن أميركا هي شرّ سورية والجميع يوافقها على ذلك كونها سمحت لها و لغيرها اللعب في الملعب السوري ودفعت بالحرب إلى آتونات محرقة كونها لا تُريد حلاً بل تريد حرباً ضروساً تستنزف جميع المقاتلين المعنيين في الحرب السورية وهذا ما أرادته إدارة أوباما ويبدو حتى الآن أن إدارة ترمب متماشية مع إدارة أوباما ولكن بتعديل جوهري مبني على بناء أميركا لقواعد عسكرية لها في سورية . أي أنها دخلت في اللعبة المباشرة ولكن دون أن يستنزفها طرف أو دولة لخوف الجميع منها وعدم إستطاعتهم التحرش عسكرياً بالقواعد الأمريكية لذا اهتم الروس الأذكياء بالدور التركي لعلّ عفرين تكون بادرة خير لهم من خلال حرب أو ما يشبهها و تدور رحاها بين أميركا وتركيا وعندها يفرح المؤمنون .
لقد دمرت روسيا سورية بسنة ما لم تدمره سنوات الحرب السورية وهي التي استطاعت أن تعطي النظام حدوداً لم تكن متوفرة لدولته و أن تثبته بصواريخ عابرة للقارات و أن تحشد له معارضة تتحدث باللغة الروسية وتوهم بسطاء السوريين بأنها فاعلة خير دفعتها الكنيسة الأرثوذكسية لإحلال سلام السيّد المسيح عليه السلام بين السوريين حقناً لدمائهم وحفظاً لممتلكاتهم وتعزيزاً لوحدتهم ونبذاً لعنفهم وتحقيقاً لنظام مسالم لا عنف فيه بعد أن دبّت فيه تعاليم الكنيسة التي يؤمن بها القيصر الروسي الجديد .
إقرأ أيضا : هيئة تحرير الشام تُعلن مسؤوليتها عن إسقاط المقاتلة الروسية
بعد أن سقطت الطائرة وقتل الطيار الذي لم يكن في نزهة بل بمهمة قتل أكبر عدد ممكن من السوريين قام الروس بقصف القرية التي انطلق منها الصاروخ الأميركي الذي أصاب طائرة- بابا نويل روسي- كان يقدم الهدايا والألعاب للمواطنين السوريين ولم تحرك روسيا غير لسانها ضدّ أميركا فإذا كان السلاح من أميركا وهو محرم على المعارضة بحسب قواعد اللعبة القائمة ما بين الروس و أميركا فلماذا لم توجه روسيا صواريخها بوجه المموّل الأميركي ودفعتها دفعة واحدة ضدّ المواطنين ؟
طبعاً لا تستطيع روسيا اللعب بالنار مع الولايات المتحدة ولا تستطيع إقناع أحد بأنها طرفاً نزيهاً يسعى لملاقاة السوريين وسط التسوية الممكنة لبناء شراكة بعيدة عن نظام- أنا أو لا أحد- وهذا ما يبقيها أداة قتل يومي للسوريين فقط دون غيرهم وهذا ما سيفشل وساطاتها المتكررة كونها تريد إدخال النظام من النافذة بعد أن طرده العالم من الباب .