انتهت أزمة باسيل وبري على خير، لكن ما ذنب الشعب في أن يخوض صراعات زعمائه؟ وماذا إن لم يكن التهديد الإسرائيلي حجة لإنهاء الأزمة؟
 

لكل زعيم حزب أو تيار جمهوره، ذلك الجمهور الذي يرى في زعيمه صورة المُخلص البطل، السياسي العظيم وكلامه أوامر، فيتحول الجمهور من مجموعة تُناصر زعيمها إلى مجموعة تُنفذ الأوامر...
هي علاقة روحية بين الجمهور وقائده أو زعيمه، علاقة لا يُفسرها سوى مدى ولاء الشعب لزعيمه، ومدى حرص الأخير على حماية جمهوره.
وعندما يطل الزعيم أمام الحشود ملوحًا لها، تهتف الأخيرة بإسمه إلى أن يختفي صوتها وتنزل دمعتها حبًا له، لكن ماذا إن شُتم هذا الزعيم؟ أو إختلف مع زعيم آخر حول مسألة سياسية معينة؟؟
هنا بيت القصيد، في الإحتمال الأول أي شتم الزعيم، سيثور الشعب غاضبًا، شاتمًا ومُحرضًا، وربما قاتلاً وكل ذلك من أجل الزعيم "فالروح بترخصلو"...
أما في الإحتمال الثاني، أي إختلاف الزعيم مع زعيم آخر حول مسألة سياسية معينة، سيخوض الجمهور معركة طويلة مع جمهور الطرف الآخر مدافعًا عن موقف زعيمه، وقد تؤدي تلك المعركة إلى القتل والحرب والدمار، وتُسفر عن  ضحايا أبرياء، وأيضًا "الروح بترخصلو"...

إقرأ أيضًا: حرب الهاشتاغات كادت أن تنتهي بالدم
لكن ماذا إن تصالح كلا الزعيمين في سبيل حماية الوطن على حد قولهم؟
ماذا لو عادت المياه إلى مجاريها، بعد سفك الدم والقتال، وزرع الحقد والفتن بين الجمهورين؟
الجواب، هو أن الجمهورين واللذين ينتميان إلى نفس الوطن، سيظلان فقراء، سيظلان غارقان في مشاكل وأزمات البلد من كهرباء، مياه، فقر، بطالة، نفايات....
وهنا ماذا حقق الجمهور؟ لم يحقق شيئًا سوى أن زعيمه إستغله في صراعه مع الطرف الآخر لتحقيق أهدافه.
ولن نذهب بعيدًا، مرّ لبنان منذ أربعة أيام مسبوقة بأسابيع مشحونة، بأزمة مخيفة إثر خلاف كبير بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، على إثر الفيديو المُسرب لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وكلامه بحق رئيس مجلس النواب نبيه بري، وثار جمهور الطرفين في وجه بعضهما إلى أن كادت تسوء الأمور وتهدد أمن لبنان، لكن سرعان ما انفرجت الأزمة يوم أمس الخميس، في اتصالٍ أجراه رئيس الجمهورية ميشال عون مع الرئيس بري، إذ أبلغ عون بري أن "كرامتك من كرامتي ولا أقبل أن يحصل ما حصل معك، وهو ما كان يجب أن يحدث"، ودعاه إلى طي الصفحة ولملمة الأوضاع الناجمة عن ذلك.

إقرأ ايضًا: بعد إضرابهم، من يشفي موظفي المستشفيات الحكومية من مرضهم؟
وانتهى الإتصال، وطويت الصفحة، وتم وقف الحملات الإعلامية المتبادلة بين الطرفين، وأعلنت حركة أمل وقف التحركات الشعبية التضامنية مع رئيسها.
ولاشك أن تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الأخير فيما يخص البلوك 9 من المنطقة الإقتصادية الخالصة في المياه اللبنانية في الجنوب، مدّعياً أنه لإسرائيل؛ أعاد توحيد المواقف اللبنانية، وشكل مخرجاً ومناسبة لإجراء الإتصال وحجة للتداول بالخطوات لمواجهة هذه التهديدات".
وأخيرًا، توحد اللبنانيون على التهديد الإسرائيلي، لكنهم للأسف اختلفوا على إختلاف زعمائهم، فهكذا لبنان موحد في وجه العدو، لكنه ممزق من الداخل!
وصحيح أن الأزمة انتهت على خير، لكن ما ذنب الشعب في أن يخوض صراعات زعمائه؟ وماذا إن لم يكن التهديد الإسرائيلي حجة لإنهاء الأزمة؟