يحاول الرئيس الفلسطيني محمود عباس الوصول في أسرع وقت إلى غايته في البحث عن بدائل تنزع حقًا حصريًا وطويل الأمد للولايات المتحدة بالوساطة في عملية السلام، لكن إلى الآن يبدو أنه لم يتمكن بعد من إيجاد شريك لها.
وفي أوروبا أصيب عباس بخيبة أمل كبيرة، بعدما طرح مشروعًا يشبه إلى حد كبير تشكيل صيغة (5+1) التي ساهمت في التوصل إلى الإتفاق النووي الإيراني عام 2015، عبر دفع مجلس الأمن للعب دور أكبر في الوساطة.
واليوم يحاول عباس نقل العطاء إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث نسبت وكالة الإعلام الروسية إلى المتحدث بإسم الكرملين ديمتري بيسكوف قوله، أمس الخميس، إن بوتين سيجري محادثات مع عباس في مدينة سوتشي بجنوب روسيا في الـ 12 من شباط.
في هذا السياق، ذكرت قناة "روسيا اليوم" أن الإعلان جاء ردًا من المتحدث بإسم الكرملين، دميتري بيسكوف، على سؤال صحافي حول ما إذا كان هناك اجتماع في جدول أعمال بوتين في الـ 12 من شباط للقاء عباس في سوتشي، ولفتت القناة إلى أن عباس التقى الخميس في رام الله سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف، بحضور نائب وزير خارجية موسكو ميخائيل بوغدانوف.
والجدير ذكره، أنه منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أواخر العام الماضي عن اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، يتبنى الفلسطينيون حملة دبلوماسية موسعة لخلق حلول بديلة تخلق توازنا وتنهي هيمنة الولايات المتحدة على الملف.
وقال دبلوماسي أميركي سابق نقلًا عن صحيفة "العرب اللندنية" إن "الفلسطينيين شعروا فجأة بأنهم أصبحوا أيتامًا".
وتضيف الصحيفة، ان بوتين لم يبد إلى الآن أي استعداد للتوسط أو مزاحمة الولايات المتحدة عبر تبني رؤية مناهضة لتحركاتها المنحازة تمامًا لإسرائيل.
من جهة ثانية، يقول خبراء في شؤون الشرق الأوسط إن بوتين يشعر بثقل العبء الملقى على كاهل روسيا في سوريا، ولا يرى في ملف التسوية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين أداة قد تمنحه المزيد من النفوذ في المنطقة، فما وصل إليه بالفعل كان أكثر من كاف بالنسبة له، وأضافوا أن تبني رؤية تهدف إلى تقليص سيطرة الولايات المتحدة على الملف الأكثر حساسية في المنطقة قد يؤثر على تفاهمات ضمنية متشعبة في سوريا والعراق بين واشنطن وموسكو، وهو ما لا يرغب بوتين في التورط به.
من جهة أخرى، يبدو أن عباس يفهم غياب جدوى التعويل على روسيا، لكن الزيارة إلى سوتشي قد تمثل ضغطًا على الولايات المتحدة، وإظهار رغبة الفلسطينيين بالتصعيد، رغم تقليص الدعم الأميركي لوكالة الإغاثة الأنروا، والتهديد بقطع المساعدات التي تتلقاها السلطة الفلسطينية من واشنطن على أساس سنوي.
من جهته، قال مصدر فلسطيني في رام الله "زيارة الرئيس إلى روسيا رسالة واضحة للولايات المتحدة بأننا غير قابلين للإبتزاز، ولن نتنازل عن ثوابتنا ونضالنا من أجل ترامب أو حفنة مساعدات".