ورأى فريدمان أنّ زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لموسكو حيث حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أنّ إيران تحاول تحويل لبنان إلى قاعدة ضخمة لصناعة الصواريخ كانت "منطقية جداً"، قائلاً: "بما أنّ إسرائيل لم تتدخّل بروسيا في سوريا، حان الوقت كي تتجه (إسرائيل) إلى روسيا والطلب منها لجم الإيرانيين؛ وهذه مهمة لا يتمتع الروس بالضرورة بالقدرة على إنجازها".
وأوضح فريدمان أنّه "سيكون على الروس، إذا ما أرادوا تحقيق المطلب الإسرائيلي، أن يطلبوا من الإيرانيين القبول بوجود محدود في منطقة تُعتبر مهمة استراتيجيا بالنسبة إليهم"، متسائلاً: "هل يمكن للروس صد الإيرانيين من دون الضرر بمصالحهم الاستراتيجية في سوريا والمنطقة؟".
في هذا السياق، شرح فريدمان أنّ الإيرانيين يمثِّلون "مشاكل خطيرة" بالنسبة إلى الأميركيين الذين رسخوا استراتيجيتهم في البلدان العربية، مبيّناً أنّ أغلبية هذه البلدان تخشى القوة الإيرانية وتعاني مشاكل داخلية يمكن لطهران استغلالها. وتابع فريدمان بأنّ هذه البلدان لا ترغب في رؤية الأميركيين يتأقلمون مع الإيرانيين، مشدّداً على أنّ الولايات المتحدة بحاجة إلى افتعال المواجهات البسيطة مع إيران لتهدئة حلفائها العرب: "فكلما قامت الولايات المتحدة بذلك، كلما ازدادت حاجة إيران إلى روسيا، ومن شأن تحالف إيراني-روسي أن يكون أداة قوية".
في المقابل، استدرك فريدمان بأنّ رغبة روسيا في تلبية احتياجات إسرائيل ليست واضحة أبداً تماماً مثل قدرتها على تحقيق ذلك، لافتاً إلى أنّ إيران تتمتع بقدرات أساسية أكبر على الأرض في سوريا بالمقارنة مع روسيا، وإلى أنّ هذه القدرات هي أكبر في لبنان.
وفيما افترض فريدمان أن يطلب الروس من الإيرانيين تخلّيهم عن موقع استراتيجي قوي بناء على طلب إسرائيل، قال: "ليس واضحاً ما إذا كان الروس يملكون شيئاً لتقديمه للإيرانيين كتعويض أو إذا كانوا منزعجين من الوجود الإيراني في المقام الأول"، معتبراً أنّ هذا الواقع يمثّل مشاكل كبرى بالنسبة إلى الأميركيين في العالم العربي، وهذا أمر لا ترغب روسيا في التخلّي عنه.
توازياً، نبّه فريدمان إلى أنّ هذا الواقع يعدّ مشكلة خطيرة بالنسبة إلى إسرائيل وتركيا، نظراً إلى أنّ العلاقة بين أنقرة وموسكو وبين أنقرة وطهران غير مستقرة، مشيراً إلى أنّ السماح لإيران بتعزيز وجودها حول الحدود التركية سيخلق معضلة لتركيا يحتمل أن يكون حلها صعباً، إذ سيضعها بمواجهة مع الإيرانيين والروس.
وعليه، تحدّث فريدمان عن حاجة نتنياهو إلى السفر إلى أنقرة وليس موسكو، مؤكّداً أنّه يدرك ذلك وأنّ المحادثات جارية مع الأتراك، ملمحاً إلى أنّ كلاً منهما ينتظر الآخر ليأخذ المخاطرة الأولى على عاتقه.
وعليه، خلص فريدمان إلى أنّ الرغبة في عدم التدخّل بالروس خلقت تهديداً لم تتوقع إسرائيل حدوثه، محذّراً من أنّ وجود الإيرانيين في لبنان وسوريا يفتح الباب أمام مواجهات إسرائيلية جديدة، وداعياً إلى إبقاء العين على لبنان.