الحرب أولها الكلامُ...
أيام أفول نجم الخلافة الأموية كتب نصر بن سيّار والي خراسان كتاباً للخليفة هشام بن عبدالملك مطلعُهُ هذه الأبيات :
أرى خلل الرماد وميض جمرٍ
فيوشكُ أن يكون لها ضرامُ
فإنّ النار بالعودين تُذكى
وإنّ الحرب أوّلها الكلامُ.
إقرأ أيضًا: جبران باسيل ... لست شارل قرم ولا ميشال شيحا، لعلّك صورة مُشوّهة لبشير الجميّل
أولا: مخاطر خطاب باسيل الطائفي...
لطالما نبّهنا، ونبّه كثيرون غيرنا، إلى مخاطر الانزلاق إلى مهاوي الحرب الأهلية، انطلاقاً من الحملات الطائفية التي قادها زعيم التيار الوطني الحر، الوزير جبران باسيل في طول البلاد وعرضها. بدءاً من أطروحة الرئيس "القوي"، إلى استعادة حقوق المسيحيين المهدورة من جانب (إخوانهم المسلمين الأشرار) ، إلى تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية مدّة ثلاثين شهراً بانتظار انتخاب مرشح حزب الله الأوحد الجنرال عون، مروراً بتعطيل الدستور وعدم دعوة الهيئات الناخبة لإجراء انتخابات نيابية في موعدها القانوني، مضافاً إلى ذلك عدم تعيين موظفي الفئات الدنيا في وظائفهم الحكومية خلافاً للدستور والقانون، وصولاً إلى التّطاول المهين بحقّ رئيس المجلس النيابي وما تبع ذلك من عنتريات و"بهورات" بدل امتصاص النقمة وصياغة اعتذارٍ مقبول من قبل الوزير باسيل (مُطلق الإهانة)، وبدل التّستُر عليها من قبل رئيس الجمهورية، حامي باسيل والمُرخي له العنان.
إقرأ ايضًا: تسريب باسيل-الفضيحة... المفارقات والعذر الأقبح من ذنب
ثانياً: مخاطر المواجهة المباشرة بين الرئيسين عون وبري...
تُعتبر الاضطرابات والمظاهرات وما رافقها من تصريحات نارية وإهاناتٍ لفظية، شملت مناطق عدة من بيروت والضاحية والجنوب والبقاع، مع اختراقات محدودة في الشالوحي والحدث، اضطرابات ناجمة عن فلتان غرائزي وانفعالي لا يمكن التّنبؤ بمدى مخاطره، ومع ذلك من الممكن تدارك كلّ ذلك لو صفت النوايا عند التيار الوطني الحر وزعيمه فخامة رئيس الجمهورية، إلاّ أنّه إذا صحّت أخبار جريدة الديار من تصعيدٍ خطير لرئيس الجمهورية بوصفه رئيس المجلس بالميليشياوي، بعد وصفه من قبل باسيل بالبلطجي، والإصرار على عدم الاعتذار، والتباهي بالحفاظ على المؤسسات وصيانة استقلال الدولة وقوانينها (متناسين ما نال سيادة الدولة ودستورها وقوانينها على أيديهم وأيدي حليفهم).فهذا هو وميض الجمر الذي يوشك أن يكون له ضرام، طالما أنّ الحرب أولّها الكلام، كما قال نصر بن سيار ذات يوم.