بعيداً عن حرب التيار – أمل التي أدخلت البلد في خندقٍ جديد من الأزمات، هناك حقيقة مفادها أن الاستحقاق الانتخابي حاصل في موعده لا محالة، شاء من شاء وأبى من أبى، من أصحاب النوايا التأجيلية. موعدٌ أكد المعنيون على قدسيته وتناسوا ترتيبات يجب أخذها بعين الاعتبار كي لا تكون انتخابات أيار المقبل باباً للعبث بخيارات الشعب اللبناني وإرادته.
على مبدأ "اقرأ، تفرح"... ينص قانون الانتخابات الجديد على كيفية الفرز ويضعها في مرحلتين أساسيتين الأولى يدوية (داخل القلم) والثانية الكترونية (لدى لجان القيد). ولحظة قراءتك لكلمة "الكتروني" تفرح وتهلل رابطاً ذلك بشكلٍ عفويّ بنتائج فرز سريعة، متناسياً أن في لبنان تبقى العبرة في التنفيذ.
تحصل عملية الفرز اليدوي – الالكتروني هذه، للمرة الأولى في لبنان ودونها، بحسب أهل الاختصاص، تحديات وثغرات يمكن أن تتسبب بهدر الكثير من أصوات المواطنين، وتبطئ عملية إصدار النتائج.
تؤكد المنسقة الاعلامية في الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات، حنين شبشول لـ"ليبانون ديبايت" أن المرحلة الأولى من الفرز بحسب القانون تشير إلى أن الفرز يكون يدويا بأقلام الاقتراع، وهي المرحلة التي يمكن إلقاؤها على عاتق رئيس القلم، الذي يتوجب عليه أن يحدد عدد الأصوات الذي تحصل عليه كل لائحة، وعدد الأصوات التفضيلية الذي يحصل عليه كل مرشح، وحساب الحاصل الانتخابي، وفرز اللوائح التي حققت الحاصل والأخرى التي لم تحققه.
وتسجل الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات اعتراضها على تنفيذ هذه العملية داخل القلم، وتطالب بتنفيذها أقله داخل المركز كمرحلة اولى، "لأن الفرز داخل القلم يساعد المندوبين على توقّع النتائج وتسريبها عن طريقة معرفة تقسيم الأقلام في كل مركز".
وتشير إلى إشكالية قد تحصل في المرحلة الاولى من الفرز وهي "الأوراق المحتسبة وغير المحتسبة". وترى الجمعية أنه على وزارة الداخلية والبلديات أن تُصدر بأسرع وقت مرسوماً يحدد وبشكل واضح ما هي القسائم المسبقة الطبع الملغاة. وإن كان القانون يذكر بعض هذه النقاط، مثل في حال التصويت للائحة ومنح الصوت التفضيلي لمرشح من خارج اللائحة المختارة، او التصويت للائحتين، أو منح أكثر من صوت تفضيلي.
وينص القانون على أنّ الأوراق التي تحمل علامات تعريف لا تُحتسب، ولكنه لا يوضح ماهية هذه الأوراق، وهو التوضيح الذي يجب أن تقوم به الوزارة لأن هناك توقعاً بأن تكون الأخطاء في هذا المجال كثيرة لأن الناس اعتادت على التشطيب وغيره. كما أنه غير متوقع أن تلتزم كل الناس بالإشارة المطلوبة نفسها لاختيار لائحتها أو مرشحها المفضل. وهنا تُعرب الجمعية عن تخوفها من هدر الكثير من أصوات الناس.
وبعد المرحلة الأولى تأتي الثانية التي تجري لدى لجان القيد الابتدائية، إذ يتم إعادة احتساب اللوائح والأصوات التفضيلية مرة ثانية بعد حصول لجان القيد على المستندات والمحاضر اللازمة من رئيس القلم. وتتزامن عملية الاحتساب ودرس المحاضر بإدخال المعلومات بواسطة حاسوب على نظام الكتروني موصول بشاشة عرض النتائج. وهو النظام الذي سيكون عبارة عن "سوفت وير" يتم ادخال المعلومات إليه وهو لا زال قيد التنفيذ، بحسب ما تشير وزارة الداخلية.
وفي هذه المرحلة تتم مقارنة نتائج محاضر القلم ونتائج المحاسب المبرمج وفي حال كانت النتائج غير متطابقة يعاد الفرز يدوياً مرة ثالثة لدى لجان القيد العليا.
وللجمعية ملاحظاتها على هذه العملية، إذ تتوقع أن تأخذ عملية الفرز وقتاً طويل، وتتخوف من أعطال تقنية لأننا كلبنانيين غير مؤهلين للفرز الالكتروني ولا تآلف بين كل اللبنانيين والتكنولوجيا. فيجب أن يكون كل الاشخاص الحاضرين مدربون جيدا على تقنيات الفرز بما فيه الالكتروني، وهي مسؤولية الوزارة، ويجب أن يكون النظام الإلكتروني الذي يُحضّر آمن بما فيه الكفاية، ولا يمكن خرقه بسهولة ويتم التحقق من ذلك قبل الوصول للعملية الانتخابية.
علماً أن الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات لا ترى داعٍ لعملية الفرز الالكتروني لأنه بهذه الطريقة (إدخال المعلومات على النظام المبرمج) لن يساهم بحل مشكلة التأخير بإصدار النتائج كون الاقتراع ليس الكترونياً، وترى فيه تكلفة إضافية لا أكثر وباباً محتملاً للأعطال التقنية.
ومع هذه الآلية لفرز أصوات المقترعين في انتخابات 2018 تكون مراوحة الدولة الطامحة بفرزٍ يشبه الدول المتقدمة، في مكانها، ويكون البحث عن فرز سريع مجرد محاولة فاشلة تخبطت بجدران أمر الواقع اللبناني الذي برع عرّابوه بتهجين كل محاولة تحديث أو تطوير.