لا شك أن ما قاله الوزير جبران باسيل بلقائه الإنتخابي وسرب إلى الإعلام كان خطيئة أخلاقية منه، فنعت الرئيس نبيه بري بالبلطجي وأن المطلوب هو تكسير رأسه لا يمت إلى أدبيات التخاطب السياسي بين الخصوم فضلًا عن من يفترض أنهم حلفاء أو قل حلفاء الحليف بصلة.
إلا أن ردة الفعل وانزال المناصرين الى الشارع واحراق الدواليب والتهجم على مراكز التيار واشتعال السوشيال ميديا بكل أنواع السباب والشتم ليس من قبل جمهور حركة امل فقط، وانما من نواب ووزراء ومسؤولي الحركة والتي طالت بشظاياها حتى رئيس الجمهورية نفسه لم تكن متوازنة مع خطيئة جبران الأخلاقية.
إقرأ أيضًا: تحالف الثنائي الشيعي، لعنة وطن
يشعر الرئيس بري وخلفه حركة أمل بأن سيناريو ما يكتب خلف الستارة عن مستقبله السياسي كرئيس للمجلس النيابي بعد الانتخابات القادمة للمرة السادسة ولن تكون بالسهولة نفسها كما في المرات السابقة منذ تسعينيات القرن الماضي (26 سنة) وبأن قرار تنحيته قد اتخذ بمكان ما.
رأس الحربة في معركة رئاسة المجلس القادم سيكون التيار الوطني الحر، وهذا ما كان عبر عنه صراحة رئيس التيار جبران باسيل في أكثر من مكان وآخرها كان في حديثه المسرب، وهذا ما أغضب بري وليس مجرد نعته بالبلطجة.
لو كانت "البلطجية" هي خلف إستشاطة غضب بري، لكان من بديهيات القول ان يلجأ الى أساليب تنفي عنه وعن حركته هذه الصفة، ويعمل إلى تكذيب تهمة جبران وليس الى توكيدها بحيث يغرد هذا الأخير بعد ما شهده اللبنانيون بكلمة (شفتو....).
إقرأ أيضًا: سبب وجيه سيقنع رئيس الجمهورية بالسير في تأجيل الإنتخابات
قد يقول قائل بأن توجه التيار الوطني الحر ورئيسه السابق والحالي معروف وقديم بأن سعيه إلى الإطاحة بالرئيس بري عن الكرسي الثاني وسيعهم الى ذلك ليس بجديد فما عدا عما بدا وما الأمر المستجد الذي جعل بري يوقن بأن هذا القرار صار له مفعول عملي لم يكن قبلا؟
الجواب على ذلك ببساطة هو ترشيح حزب الله على لوائحه إسم جميل السيد، ليظهر بأن هذا الإسم قد يشكل بديلًا ممكنا لخلافة بري، ويعني بأن حزب الله الذي شكل طيلة الفترة السابقة رافعة أساسية وضمانة لبقاء بري على عرشه قد طرأ عليه تحولًا كبيرًا، وهذا ما أكدته فلتات لسان نائب الحزب نوار الساحلي عندما علّق على تسريبات جبران بأنها لم تكن بوقتها، وكأني به يقول بأن وقتها هو بعد الإنتخابات وليس الآن بحسب السيناريو المتفق عليه!
وبناءًا على ما تقدم يمكن ان نفهم حجم ردة الفعل عند حركة أمل، وبالتالي يصبح الحل لأزمة بري - باسيل هو بسحب ترشيح جميل السيد وليس بالإعتذار كما يقال، لأن أزمة بري هي في "النبي إيلا" البقاعية وليست في "محمرش" البترونية... ومعركة بري ليست هي دفاعًا عن "بلطجيته" بل هي دفاعًا عن رئاسة المجلس يا عزيزي.