كأي مواطن لبناني يتابع المشهد السياسي في بلاده، فإنه يفترض أن البلاد مقبلة على استحقاق انتخابي جديد سيعيد إنتاج مرحلة سياسية جديدة، وإن كانت هذه المرحلة غير واضحة المعالم بعد، إلا أن الأسئلة المشروعة بل والمطلوبة كثيرة وكبيرة وسط انتشار الشعارات الإنتخابية في البازار السياسي اللبناني، هذه الشعارات التي تكرر ذاتها إذ لم تعد سوى صور تجميلية جديدة يحاول أصحابها الإلتفاف على مشاعر الناس وخياراتهم الإنتخابية.
جديد هذه الشعارات ما أعلنه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم من أن شعار الإنتخابات التي سيخوضها حزب الله هو "نحمي ونبني" الأمر الذي يجب التوقف عنده بتجرد على قاعدة ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "رحم الله من أهدى إلي عيوبي" وعلى قاعدة قوله تعالى: "وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" سبأ (24).
إقرأ أيضًا: مسؤولية المواطن اللبناني تجاه الإستحقاق الإنتحابي: المحاسبة أولًا
وانطلاقًا من الشعار الذي وضعه حزب الله "نحمي ونبني" والذي على أساسه سيخوض الإنتخابات النيابية فإن ثمة أسئلة جديرة بالتوقف عندها من أهمها صدقية هذا الشعار وكل الشعارات المطروحة إنتخابيًا لأي حزب كان، بعد أكثر من ربع قرن على ممارسة حزب الله العمل الإنتخابي، وبعد ثلاث تمديدات للمجلس الحالي ماذا فعل نواب كتلة الوفاء للمقاومة لقاعدتهم وبيئتهم الشعبية؟ ماذا قدم هؤلاء النواب من الخدمات التي تتصل بحياة المواطن؟ ما هي الملفات التي عالجها النواب على صعيد الماء والكهرباء والبطالة وغيرها من الأزمات؟ ما هي مشاريع النواب الخدماتية التي قدمها هؤلاء النواب طوال عشرين عامًا؟ في البقاع (بعلبك الهرمل) وبيروت والضاحية وفي بيئة الحزب تحديدًا؟ ما هي برامج البناء والإنماء؟ وأين هي المشاريع التي نُفذت؟ ومن المستفيد منها؟ هذا ولم ندخل بعد في عمل الحزب تجاه الشراكة وبناء الدولة.
إن الجواب المتوفر لدى أي مواطن لبناني أن هذه الشعارات ما هي إلا وسيلة للإستقطاب السياسي ولا تعدو كونها شعارات انتخابية فارغة المحتوى والمقاصد.
إن الحقيقة التي لا ينبغي الهروب منها أن حزب الله أخفق في معالجة الحد الأدنى من الخدمات المطلوبة، وكان بعيدا كل البعد عن هموم الناس وحاجاتهم وقد استغرق الحزب في العمل السياسي على حساب مطالب الناس ووجع الناس وحاجات الناس، ووقف على الحياد في معالجة قضايا الفساد والمحاصصة والحرمان على كل مستوى.
إقرأ أيضًا: نُواب لبنان في غضون خمسين سنة، مع الهيبة من ثلاثمائة دولار إلى ثمانية آلاف
والحال هذه فإن المطلوب صدقية الشعار الإنتخابي وعدم الهروب إلى الأمام وأن يقف الحزب نفسه وقفة حقيقية أمام معاناة الناس وهمومهم وتطلعاتهم ولم تعد تكفي سيمفونية المقاومة والتحرير كوسيلة للإستقطاب وتعبئة الجماهير، كما أن المطلوب أيضًا الوقوف بجدية وأمانة أما تطلعات المواطن ولقمة عيشه فإن حاجة المواطن باتت أكبر من المقاومة ومن كل شعاراتها.
إن الإستحقاق الإنتخابي القادم يجب أن يكون فرصة جديدة لكل مواطن يحسن استخدام حقوقه المشروعة في المحاسبة والمعاقبة وإعطاء الفرصة لجيل سياسي جديد يقدم برانامجًا انتخابيًا يقوم على أساس رفع الحرمان واعتبار المواطن اللبناني أولى أولوياته بعيدًا عن الإنجرار وراء الشعارات والصفقات السياسية الداخلية والخارجية.
على المواطن اللبناني أن لا يقع في فخ التخوين الذي تقوده الماكينات الإنتخابية بحق معارضي الحزب ممن رفعوا شعار العمل لمصلحة الوطن والمواطن، وأن يكون واعيًا في اختياراته وأن يفرق بين الشعارات السياسية الإستقطابية وبين الشعارات التي تُرفع بحق وصدق لمعالجة الأزمات التي يعيشها ولرفع الإهمال والحرمان.