يعيد النائب وليد جنبلاط إحياء مبادرته بشأن أزمة مرسوم دورة ضباط العام 1994. بعد أسبوعين على خفوت المبادرة، وبعد إشارته بأن المبادرة التي تحدّث عنها الرئيس سعد الحريري ضاعت، اختار جنبلاط توقيت تجديد تحركه، متسلّحاً هذه المرّة بحاجة الجميع إلى الجميع، على قاعدة قانون الانتخاب الجديد. من بوابة التحالفات واحتياجاتها يتحرّك جنبلاط، معتبراً أن لا حلّ لأزمة المرسوم، إلا بدمج مرسوم الترقية مع مرسم الأقدمية وتوقيعهما من جانب وزير المال، كما ينص الدستور والقانون. والغاية من حلّ هذه المشكلة أصبحت تتعلّق بمنظومة الدولة ومؤسساتها ككل، ولا تنعكس على تفصيل المرسوم فحسب.
رفع جنبلاط عنواناً عريضاً لتحرّكه، وهو حماية إتفاق الطائف، أو البحث في تطويره، على هذا المبدأ كان هدف لقائه بالرئيس الحريري. وهذا التلويح هدف إلى تحفيز الحريري على العمل مع رئيس الجمهورية ميشال عون لسحب فتيل تصعيد أزمة المرسوم وتوسّعها. وهذا ما دفع الحريري إلى القول إنه ينتظر تهدئة الأمور هذا الأسبوع للعمل على حلّ أزمة المرسوم. وتؤكد المصادر أن الحريري سيعاود الحديث بمبادرة جنبلاط لأجل الوصول إلى تسوية، معرباً عن استعداده لزيارة عين التينة ولقاء الرئيس بري، لإبلاغه بانتهاء الأزمة وإيجاد الحلّ الملائم لها.
بالتزامن مع تحرّك جنبلاط، بعد توافر عناصر التهدئة، ووقف التصعدي والتراشق بين بعبدا وعين التينة، في اليومين الماضيين، نشط حزب الله لوقف السجالات بين حركة أمل والتيار الوطني الحر، والتي تُرجِمت في مؤتمرين صحافيين للوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل. حصل اللقاء الليلي بين رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، وباسيل في وزارة الخارجية. وفي هذا اللقاء، عمل صفا على إقناع باسيل بوجوب وقف التصعيد والتراشق الإعلامي، لأن هذا سينعكس سلباً على الحلفاء كافة، وعلى الوضع الانتخابي. وقد سعى صفا إلى إقناع باسيل بضرورة عدم التمسك بمطالبه لتعديل قانون الانتخاب، واستجاب باسيل، إذ مرّ الاجتماع الأخير للجنة الوزارية المختصة ببحث قانون الانتخاب بسلاسة وبلا أي اشتباك، وتم طي صفحة تعديل القانون.
ولا شك أن كلام باسيل حول إلغاء المذهبية السياسية بدلاً من الطائفية السياسية، وعلى الرغم من وصف بعض المصادر له بأنه طرح ذكي، لأنه ينقل المشكلة من مكان إلى مكان آخر، إلا أن هذا الطرح، أدى إلى إنزعاج مختلف الأفرقاء. ورأى فيه البعض بأنه يتسبب بمشكلة أعمق، ويؤدي إلى خلق مشكلات داخل البنى الطائفية، كما أنه يمثّل خروجاً مدوياً على إتفاق الطائف، وعلى الانتظام العام في لبنان. وتلفت المصادر إلى أن طرح باسيل هذا أزعج الحريري، وقد انتقده في مجالسه الخاصة. لذلك، طالب الحريري بعد لقائه جنبلاط بضرورة التهدئة للوصول إلى حلّ هذا الأسبوع.
أما على الصعيد الانتخابي، فقد بحث الحريري وجنبلاط في التحالفات في الدوائر المشتركة، لكن الصورة لم تتضح بعد، لأن تيار المستقبل لم يحدد مطالبه بعد، ولا تحالفاته، إذ إن الحريري ينتظر تطورات معينة، لها علاقة بالتواصل مع المملكة العربية السعودية، وتطورات أزمة المرسوم، التي على ما يبدو أن تسريب أحد الفيديوهات للوزير جبران باسيل، يهاجم فيه الرئيس نبيه بري ويصفه بالبلطجي، قد تزيد الشرخ بين الطرفين، بشكل لا يسمح بإعادة جمعهما. وهذا سينعكس على التحالفات. فيما هناك من يذهب أكثر من ذلك، ويعتبر أن كلام باسيل، الذي قد يستدعي توتراً لدى جمهور حركة أمل، يضع البعض أمام التخوف من حصول توترات في الشارع. ويأمل أن لا يحصل ذلك أو يتوسع، كي لا تصبح هذه التوترات عنواناً لتأجيل الانتخابات تحت شعار "السلم الأهلي".