تقول أوساط مقرّبة من تيار المستقبل إن التحالف بينه والتيار الوطني الحر في الانتخابات النيابية المقبلة بات في حكم الأمر الواقع، رغم أن الطرفين لم يعلنا عن ذلك رسميا، فضلا عن أنهم لم يحسما بعد في أسماء مرشحيهما في الدوائر الانتخابية.
وترى هذه الأوساط إن لدى تيار المستقبل أكثر من سبب يجعله يفضّل خوض غمار الاستحقاق جنبا إلى جنب مع التيار الحر في معظم الدوائر، رغم وجود البعض من التحفظات خاصة من قبل الدول الداعمة للمستقبل وعلى رأسها السعودية.
ومن بين هذه الدوافع حالة التناغم التي ظهرت بشكل جلي بين رئيس الوزراء سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون منذ انطلاقة ما سمي بـ”العهد الجديد” وتكرّست مع أزمة استقالة الحريري التي تراجع عنها، والتي بالتأكيد لا تثير ارتياح عديد الأطراف وعلى رأسها حزب الله.
ومن الأسباب الأخرى هو أن المستقبل مضطر إلى خوض السباق مع طرف قويّ كالتيار الوطني الحر، لتقليل حجم الخسائر التي من المرجح أن يتعرّض لها على ضوء القانون الانتخابي الجديد وهو النسبية مع الصوت التفضيلي، والتي تشير معطيات على أنه قد يفقده نحو 10 مقاعد في البرلمان المقبل.
ويقول مراقبون إن المستقبل، ورئيسه سعد الحريري، بالتأكيد معني بإيجاد وتكريس حالة من التباعد بين حزب الله والتيار الوطني الحر، وأكيد أن التحالف مع الأخير انتخابيا يعزز هذا التوجه.
وكان الحريري قد اتخذ جملة من المواقف في الفترة الماضية تعزز هذه القراءة حينما اصطف إلى جانب الرئيس ميشال عون في أزمة مرسوم ضباط دورة 1994 وأيضا دعم مواقف وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بالنسبة للإصلاحات الانتخابية في اللجنة المتعلقة بتطبيق قانون الانتخابات، الأمر الذي أثار حفيظة حركة أمل وحزب الله وإن كان الأخير فضّل “كتم الغيظ”.
ويرى البعض أن الحريري لم يعمد إلى محاولة ضرب العلاقة بين الثنائية الشيعية والتيار الوطني الحر، بيد أنه بالتأكيد حريص على الاستفادة قدر الإمكان من الخلافات التي بدأت تطل برأسها بين التيار الحر وحزب الله على وجه الخصوص.
وتشهد العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله فتورا على خلفية جملة من المواقف التي اتخذها التيار ورئيسه جبران باسيل واعتبرها مقرّبون من الحزب تجاوزا للخطوط الحمراء، وعلى سبيل المثال لا الحصر “التشجيع على التطبيع مع إسرائيل”.
ولئن تُبدي قيادات الطرفين ميلا إلى دحض وجود مثل هكذا توتر والتأكيد على عمق العلاقة بينهما، إلا أن لجمهور الفريقين رأيا آخر، حيث سجلت منصات التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة تراشقا بالتهم بين أنصارهما، لا تزال مستمرة إلى اليوم.
وانفجر التوتر بين الطرفين على خلفية إبداء التيار الوطني الحر موقفا مساندا لعرض فيلم “ذا بوست” لمخرجه ستيفن سبيلبرغ الذي يتهمه الحزب بدعم إسرائيل في حربها على لبنان في العام 2006.
هذا الموقف اعتبره أنصار حزب الله تشجيعا على التطبيع الثقافي مع إسرائيل، مستدلين كذلك بتصريحات سابقة لباسيل قال فيها إن “من حق إسرائيل العيش في أمان”. وكان رد أنصار التيار لا يقل حدة، معتبرين أنّ ما يحدث هو من باب المزايدات على التيار، وهو حملة مشبوهة خاصة وأنها تأتي مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية.
ويقول البعض إن التوتر بين أنصار الطرفين، لا يعود فقط إلى الموقف من الفيلم، بل أيضا يأتي تأثرا بالتباينات في المسألة من مرسوم ضباط ما يعرف بدورة عون وما سعت حركة أمل إلى الترويج إليه من أن هناك نية لاستهداف المكوّن الشيعي، هذا فضلا عن التقارب بين المستقبل والتيار الوطني الحر، الذي طبعا لا يلاقي ارتياحا من حزب الله.
ويشير هؤلاء إلى أنه من الصعب الذهاب بعيدا في التصوّر بأن العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر على حافة القطيعة، لا لشيء سوى لأن قياداتي الجانبين تجد مصلحة في البقاء في هذا التحالف، وأكيد أن المستقبل على قناعة بذلك ولكن طبعا هو يرغب في استثمار الأجواء الحالية لتبرير التقارب مع التيار الحر، الذي يلاقي فيتو سعوديا.