موقف الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله من فيلم “ذي بوست” للمخرج الاميركي ستيفن سبيلبرغ والرافض لعرضه في دور السينما في لبنان لم يصل فقط الى غايته فحسب، بل أدى أيضا الى منح الفيلم شهرة إضافية في هذا البلد لم يتوقعها الموزع المحلي الذي لم يتكبد نفقات هذه الدعاية الثمينة التي أتت من مرجعية مهمة في لبنان والخارج. كما أن موقف نصرالله من المخرج اللبناني الشاب زياد دويري الذي “يذهب إلى فلسطين المحتلة وإلى السفارة الإسرائيلية ليأخذ فيزا ويدخل ويخرج ويبقى أشهراً ويصور فيلماً هناك” على حد تعبير نصرالله، لم يحل دون وصول فيلم دويري “قضية رقم 23” الى القائمة الرسمية لأفضل فيلم أجنبي لترشيحات الاوسكار الاميركية، وهذا الفيلم قد جرى تصويره في لبنان فيما كان نصرالله قد قصد فيلماً آخر لدويري هو “الصدمة” الذي يعود إنتاجه الى العام 2012.
يذكرنا هذا الامر الى حد ما بالموقف الذي اتخذه مؤسس الجمهورية الاسلامية الايرانية الامام آية الله الخميني من كتاب الروائي البريطاني الهندي الاصل “آيات شيطانية” عام 1988 وحاز عليها جائزة “ويتبيرد”، متهماً هذه الرواية بأنها” تتضمن إساءة للرسول”. ويعترف كثيرون اليوم ان شهرة الرواية جاءت ليس من نصها بل من موقف الخميني حيالها.
بالطبع ليس هناك من مجال للمقارنة بين موقف الامين العام للحزب وبين موقف المرشد الايراني بإعتبار ان الاول قال كلمته ولم تمش، في حين أن الثاني قال كلمته قبل عام من وفاته أي عام 1989 وبقيت حاضرة حتى اليوم بفعل ثورة الغضب التي أشعلتها فتوى الذي أصدرها الخميني بهدر دم رشدي. ولا يزال على الموقع الالكتروني لمؤسس الجمهورية الاسلامية نص تذكيري بهذه الفتوى جاء فيه: “… يصادف يوم 14 من شهر شباط 2017 الذكرى السنوية الثامنة والعشرين لإصدار الإمام الخميني الراحل رحمه الله لفتواه التاريخية في حق المرتد سلمان والتي لا تزال قائمة”.
ما هو مشترك ما بين نصرالله والخميني ان الاثنين يفتقران الى الاختصاص فيما ذهبا اليه. فالامام الراحل لم يكن في يوم من الايام على معرفة باللغة الانكليزية حتى يتمكن من قراءة الرواية بنصها الاصلي كي يحكم عليها بنفسه. كما ان نصرالله لم يشاهد أي فيلم منذ أن كان فتى كما أعلن بنفسه في المقابلة التي أجراها معه الزميل سامي كليب في قناة الميادين قبل أسابيع. فقد قال نصرالله: “… عندما كنت شاباً صغيراً كنت أذهب الى السينما. عندما دخلت الحوزة كنت بعمر ١٦ سنة، أي ارتديت هذا الزيّ فلم يعد يمكن الذهاب الى السينما. لكن كنا نذهب الى السينما ونشاهد أفلام كاراتيه أيضاً”.