السؤال البدهي: الانتخابات حل لأزمة، أم استيلاد لأزمات؟ وماذا يعني ان يشرب الوزيران، المعروفان، السياديان، وزير المال علي حسن خليل، ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وبما يمثلان «حليب السباع» في معركة كلامية، تتعلق بالطائف والدستور، والوظائف الصغيرة والكبيرة، والمراسيم العادية، وتلك التي يترتب عليها، حسب الأصول، أعباء مالية، في بلد يمر اقتصاده بظروف بالغة الصعوبة، ويقتضي إصلاحات جذرية، وفقا لوزير المال نفسه، وكأن هذه المسائل الدستورية والميثاقية تعني فريقهما السياسي فقط، وبالتالي على سائر الأفرقاء انتظار غبار المعركة، ليبنى كل فريق خيار الانحياز إلى فريقه الطائفي والمذهبي.
بصرف النظر عن النتائج المتوقعة، في صناديق الاقتراع، كان من أوّل ضحايا معركة المؤتمرات الصحفية، والشاشات، حيث استنجدت محطة OTV، بنقل مباشر، غير مسبوق، لمؤتمر صحفي عقده المدير السابق لوزارة الإعلام محمّد عبيد (من حركة أمل قبل طرده منها)، ليستفيض في الحملة على الرئيس نبيه برّي، ويطالب الرئيس ميشال عون بأن يتدخل لتنفيذ الاحكام القضائية، ومنها اعادته إلى وظيفته وفقا لقرار مجلس شورى الدولة.. كان من أوّل الضحايا، فشل اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة تطبيق قانون الانتخاب، بحجج منها استحالة اجراء أي إصلاحات لأسباب تقنية وسياسية، باعتراف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الذي اعتبر انه في حال دخل قانون الانتخابات إلى المجلس النيابي سيتم الوصول إلى نتائج غير إيجابية.. واعتراف الوزير باسيل صاحب مشروع تمديد مهلة تسجيل المغتربين بفشله وفشل الإصلاحات، على حد تعبيره، إضافة إلى الاطاحة بالمؤتمر الاغترابي في ساحل العاج.
ورأت أوساط قريبة من التيار الوطني الحر ان كلام الوزير خليل ان بعض «المفتين الجدد» ورطوا العهد في تفسير الدستور، ولا نستطيع الحديث عن دولة مدنية بينما نذهب إلى تجاوز الكفاءة ونلغي دور مجلس الخدمة، وان نلغي فرصة الذين لا سند لهم ويعتمدون على كفاءتهم من خلال مجلس الخدمة، فيه استهداف للعهد، لا سيما في تلويحه في معرض الرد على باسيل إلى فشل عملية التغيير والإصلاح، واستثئار التيار الوطني الحر بالتعيينات والتشكيلات تحت ذريعة الحفاظ على حقوق المسيحيين.
ودعا خليل رئيس الجمهورية إلى توجيه رسالة إلى مجلس النواب لتطبيق المادة 595 من الدستور القاضية بإلغاء الطائفية السياسية.
وما لم يقله خليل قالته محطة NBN , عندما تحدثت عن ان «تيار العائلة الرئاسية» كاللوتو، بين الاثنين والخميس يقول الشيء ونقيضه، واصفة التيار الوطني الحر بـ«تيار التغيير في المواقف بين ليلة وضحاها».. لتكرر المحطة عبارة «العائلة الرئاسية» مرات عدّة، متهمة وزير العدل سليم جريصاتي «بالتفرغ حاليا للعائلة الرئاسية ولقمع الحريات».
ولم يوفّر خليل الرئيس الحريري، عندما توجه إليه بالسؤال: هل يريد الحفاظ على هذه المؤسسات أم يريد المشاركة في ضربها (مجلس الخدمة وهيئات الرقابة).
ورد الوزير جريصاتي: «المفتي الجديد لا يورط، اما المفتي القديم والجديد فيتورط ويورط».
وكان الوزير باسيل استهل مؤتمره الصحفي بعد اجتماع الهيئة السياسية في التيار باقتراح إلغاء المذهبية السياسية لنحافظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، لا ان تكون المداورة غب الطلب، مشددا على تمسك تياره بالتفاهم مع حزب الله والقوات اللبنانية وتيار المستقبل.
وقال: «لدينا دستور هو حاكم حياتنا الوطنية بين بعضنا البعض، ونحن متمسكون بهذا الدستور، لأن ليس لأحد نية بالانقلاب عليه، لا من حيث الممارسة، ولا بأي تصرف آخر غير التصرف الديمقراطي».
اضاف: «الآن يجري الحديث عن تخصيص وزارات لطوائف، وتقع من جرّاء ذلك مشكلة، وهذا يكون الانقلاب الكبير على الدستور»، في إشارة إلى تمسك الشيعة بوزارة المال.
وسط هذا الاشتباك، الذي ينبئ بأن الانتخابات ستكون «انتخابات طوائف» وليس لتجديد الدم في السلطة التشريعية، نقل عن الرئيس نبيه برّي، ان التيار الوطني الحر من أجل شدّ عصب جمهوره يسعى الى مخاصمة حركة «امل» وفريق عين التينة.
حكومياً، يعقد مجلس الوزراء جلسة له الأسبوع المقبل في السراي الكبير، بجدول أعمال عادي، متأثرا «بالعواصف الكلامية» الساخنة بين بعبدا وعين التينة.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس الحريري سيتوجه مطلع الاسبوع في زيارة الىتركيا، حيث يلتقي كبار المسؤولين الأتراك، ومن المتوقع أن يشكر رئيس مجلس الوزراء القيادة التركية على التعاون مع لبنان لا سيما في المجال الأمني، بعد تسليم المشتبه به في متفجرة صيدا ضد القيادي في «حماس» محمّد عمر حمدان.
وظهر بعد غد الاثنين، يقام حفل تكريمي في السراي الكبير للوزير السابق عدنان القصار سلّم رئاسة الهيئات الاقتصادية إلى رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمّد شقير، ودعيت إلى الحفل شخصيات سياسية واقتصادية ورجال أعمال وسيكون للرئيس الحريري كلمة في المناسبة.
دار الفتوى: على مسافة واحدة
وفي سياق موقف متقدّم، أعلن المفتي عبد اللطيف دريان، انه ودار الفتوى على «مسافة واحدة من جميع المرشحين للانتخابات النيابية (الذين دعاهم لأن تكون معركتهم معركة برامج وخطط) وهمنا المصلحة الوطنية».
وأكّد المفتي دريان خلال حفل تكريمي أقامه أمين عام مؤتمر الخير العربي محمد بركات في دارته لشيوخ القراء في لبنان، «أنه لن نسكت أبدا على إهدار أي حق من حقوقنا»، مؤكدا ان «المسلمين في لبنان هم الضمانة لكل المسلمين في الشرق الأوسط، وعلينا ان نحافظ على وجودنا وعلى حقوقنا وعلى مكانتنا ولا مجال ابدا ان نسمح بأن يؤثر الاختلاف السياسي علينا، ولا نريد ان نأخذ حق أي كان، ولكن علينا ان نحمي حقوق جميع اللبنانيين».
الحراك الانتخابي
وبانتظار تدحرج أسماء المرشحين على اللوائح المغلقة للقوى السياسية أو الأحزاب والشخصيات الطامحة، بدأت معالم التحالفات ترسم في غير اتجاه انطلاقاً من تيارين واسعين، بدآ بالتعبير عن حراكهما: الأوّل تيّار الثنائي الشيعي أمل - حزب الله، حيث أعلن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم انهما متحالفان في كل الدوائر الانتخابية على المناصفة باقتسام نواب الشيعة في البرلمان (27 نائبا)، خلال لقاء الماكينات الانتخابية للحزب في دائرتي الجنوب الثانية والثالثة، تحت شعار «نحمي ونبني»، ومن زاوية أن حزب لله أحد أعمدة الدولة اللبنانية مطالبا بكثافة التصويت، الذي هو أمانة.
ورأى الشيخ قاسم أن اللوائح ستكون مشتركة وهناك عمل كبير سيكون بين حزب الله وحركة أمل، وأضاف «اتفقنا مع أمل انه في بيروت هناك مرشّح لحزب الله ومرشح لحركة أمل لأن هناك مقعدين وكذلك في بعبدا وهكذا تمّ تقسيم المقاعد».
كاشفا عن تسمية مرشحي الحزب خلال مُـدّة أقصاها الأسبوع الأوّل من شباط، مع الإشارة إلى معلومات تحدثت عن ترشيح باسم الموسوي (نجل الأمين العام السابق عباس الموسوي، الذي استشهد بغارة اسرائيلية) واللواء جميل السيّد والنائب السابق البير منصور عن المقعد الكاثوليكي.
بدورها، أوضحت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«اللواء» أن هناك دراسات تجري على الأرض حول الاحتمالات الأنسب للتحالف أو عدمه. وقالت إن هناك بعض الدوائر لاسيما في الشوف وعاليه تستدعي هذه الدراسة لمعرفة مدى تقبل الصوت المسيحي لخوض الائتلاف. 
وقالت إن كل دائرة انتخابية تفرض خصوصية وبناء على التحالفات تحدد الأمور. وإذ رأت أن الترشيحات أصبحت معروفة في المبدأ إلا أنها أكدت أن هناك أسماء ثابتة وأخرى قابلة للأخذ والرد. ورأت أن هناك أصواتاً ارتفعت تدعو إلى عدم الائتلاف لاسيما في الجبل تحت عنوان استعادة القرار.
 وأكدت أن هناك تحالفاً مرتقب مع تيار المستقبل وان العلاقة جيدة مع النائب وليد جنبلاط. 
وقال القيادي في التيار الوطني الحر الوزير السابق ماريو عون ل اللواء أن الحلف مع «حزب الله» غير قابل للاهتزاز ويرتكز على استراتيجية وما من خوف على هذا الحلف غير أنه من الضروري معرفة ماهية الأرض والمعارك لأنه سيتم التعامل على القطعة. ووصف الوضع حتى الآن بالإيجابي بالنسبة لـ«لتيار الوطني الحر».
وتحدث عن أن الأسابيع المقبلة ستكون مفصلية في ما خص إعلان بعض الأمور الانتخابية للتيار.
من جانبها، تنقل مصادر «الثنائي الشيعي» عن حزب الله تاكيده على ان الخلافات او التباينات بين شارعي المقاومة والتيار الوطني الحر على خلفية الجدل حول فيلم «ذا بوست» وخلاف التيار مع رئيس مجلس النواب نبيه بري حول مرسوم الاقدمية لن تؤثر باي شكل من الاشكال على الحلف الثنائي الذي يجمع حزب الله والعونيين ، مؤكدة ان ما جرى هو مجرد سوء تفاهم عابر وليس مشكلة اساسية ، وقد مر التحالف سابقا بمشاكل وصعوبات اكبر من هذا الموضوع وبقي صامدا ولم يتأثر.
وأشارت المصادر ان المتغير هو تحالف مع بعض «الحلفاء والحضور» حيث تقتضي مصلحة الثنائي الانتخابية ذلك، مستبعدا السعي إلى التحالف مع تيّار المستقبل، الذي أكده أمينه العام أحمد الحريري ان من المستحيلات التحالفات مع حزب الله انتخابيا.
تعميم الداخلية
وطي صفحة التعديلات
إجرائياً، أصدر الوزير المشنوق تعميماً حول مهل الترشيح وتسجيل اللوائح الانتخابية، بدءاً من صباح الخامس من شباط المقبل حتى منتصف ليل السادس من آذار، ومع المرشحين مهلة حتى منتصف ليل الحادي والعشرين من آذار للرجوع عن الترشيح.
في السراي، انعقد الاجتماع الأخير للجنة الوزارية المكلفة البحث في سبل تطبيق قانون الانتخاب برئاسة الرئيس الحريري، وانتهى في أقل من ساعة، مكرّساً التخلي نهائياً، عن الإصلاحات الانتخابية وإسقاط كل التعديلات التي كان وزير الخارجية جبران باسيل يقترح إدخالها إلى قانون الانتخاب وأهمها تمديد مهلة تسجيل المغتربين للاقتراع في الانتخابات. وبعد الاجتماع، قال باسيل للمرة الثالثة خسرت وخسر معي اللبنانيون الاصلاحات». أما وزير الداخلية نهاد المشنوق فأشار إلى أن «الانتخابات في موعدها ولا إمكان لإدخال تعديلات». ولفت رداً على سؤال عن إمكانية الطعن إلى ان «المادة الوحيدة الخاضعة للنقاش لإيجاد مخرج قانوني هي المادة 84 التي تنص على وجود ان تستعمل الحكومة البطاقة البيومترية».. بدوره، قال وزير شؤون المهجرين طلال أرسلان ان «جو المما طلة هو الذي أوصلنا الى هذه النتيجة». أما وزير الشباب محمّد فنيش، فأكد أن الناس رايحة عالإنتخابات». وقال وزير المال علي حسن خليل ان موقفي من التعديلات بقي نفسه.
العقوبات
وفي مجال اقتصادي آخرها لا تزال الأوساط المصرفية والسياسية تتابع ما دار في الغرف المغلقة بين مساعد وزير الخارجية الأميركي مارشال بيلنغسلي والمسؤول اللبناني لجهة العقوبات على حزب الله، والطلب بإقفال بعض المصارف، مثل مصرف صادرات إيران، وبنك لبناني - إقليمي، فضلا عن مصارف أخرى، الأمر الذي شكل مفاجأة للمسؤولين المصرفيين، لاسيما ان بعض هذه المصارف لها فروع في عواصم أوروبية، ومنها مصرف صادرات إيران.
ومن المسائل التي أثارها الجانب الأميركي ان بعض الإدارات الوسطية في بعض الفروع المصرفية، لا تلتزم أصول مكافحة تبييض أموال للإرهاب» (في إشارة إلى حزب الله) فيما بقي الموقف الأميركي غامضاً لجهة فرض عقوبات على نواب ووزراء وكيانات صحية واجتماعية محسوبة على الحزب.
مجلس إدارة العمال
نقابيا، لم يتمكن الاتحاد العمالي العام من تسمية مندوبيه العشرة كأعضاء في مجلس إدارة الضمان، بعدما تلقى رئيس الاتحاد بشارة الأسمر اتصالا من وزير العمل يتمنى عليه تأجيل تعيين مجلس الإدارة حرصا على «التوازن الوطني».
وقال مصدر مطلع على الاتصالات ان التيار الوطني الحر ارجأ تشكيل مجلس الإدارة بعدما لمس عدم قدرة على ان تكون له حصة ذات تأثير على قرارات مجلس الإدارة.