في موقفٍ لافت، دعَت السعودية مجلسَ الأمن الدولي إلى «التعامل بجدّية مع «حزب الله» لوقف تسلّطه في المنطقة، وكشفِ عملياته الإرهابية في سوريا ولبنان وأنحاء أخرى من العالم».
وقال المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي، في كلمة أمام مجلس الأمن الدولي «ان الأوان لأنْ يتّخذ المجلس موقفاً حاسماً تجاه إيران وألّا يتساهل إزاء ممارساتها العدوانية الإرهابية التي تزعزع الأمن والسِلم الدولي والإقليمي قد حان»، وحذّر من أنّ «إيران ما زالت تمارس تدخّلاتها الفاضحة في الشؤون الداخلية للدول العربية ومنها العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها، وما زالت تبثّ الإرهاب وتدعَمه وتتبنّاه».
وقال: «إنّ إيران هي الداعم الأوّل لـ«حزب الله» الإرهابي الذي مازال يمارس سَطوته وتسلّطه في لبنان، ويشعِل فتيلَ الحرب في سوريا، ويَرتكب فيها أسوأ ممارسات القتل والحصار والتطهير العرقي، وما زالت إيران تدعم قوى التمرّد والانقلاب من ميلشيات الحوثي في اليمن وتزوّدها بالأسلحة ومنها الصواريخ التي تتعرّض لها مدن بلادي بين حين وآخر، حيث وصَل عدد الهجمات الصاروخية على المملكة العربية السعودية ما يقارب التسعين حالة، بصواريخ ثبتَ لكم بتقارير مستقلّة من الأمم المتحدة أنّها من صنع إيران.. في مخالفةٍ واضحة وصريحة لقرارَي مجلس الأمن رقم 2216 ورقم 2».
صرخة في واد!
داخلياً، صار الرهان على مبادرة مسؤولة من قبَل أهلِ السلطة ولو في حدّها الأدنى تجاه أولويات الناس، أشبَه بصرخةٍ في واد ولا حياة لمن تنادي، وفي ظِلّ هذه العقلية الحاكمة، صار البلد كلّه في حاجة الى «عدّادات» لإحصاء الارتكابات والمخالفات والتجاوزات التي تحصل في كلّ القطاعات، يضاف اليها التمادي المريب في استهداف الحرّيات بملاحقات قضائية لتخويف أو ترويض أو تدجين إعلاميين وصحافيين، في بلد يقول دستوره إنه «قائم على احترام الحرّيات العامة، وفي طليعتها احترام الرأي».
إلى الإقتصاد دُر!
لعلّ ما بلغَه الوضع الاقتصادي من اهتراء، يوجب وضعَ الإصبع على هذا الجرح النازف في البلد الذي ينذِر بالأسوأ ، فالتجاذبات السياسية المنطلقة بمعظمِها من حسابات انتخابية، لن تترتّب عليها ضحايا سياسية، بل إنّ الوضع المالي والاقتصادي هو الضحية الصامتة. ومؤشّرات ذلك تتبدّى في التحذيرات المتتالية من خبراء متخصّصين مِن صورةٍ مالية قاتمة ومزيدٍ مِن المشاكل والأزمات».
وكذلك من الإجراء الذي اتّخَذه رئيس الحكومة سعد الحريري بالطلب إلى الإدارات العامة كافّةً خفضَ موازناتِها بواقع 20 في المئة للعام 2018، الذي يُعتبر بمثابة مؤشّر آخر إلى الوضع المالي المأزوم الذي يُنذر بكارثةٍ إذا لم تتمّ المعالجة بفعالية وسرعة. وأمّا الأزمة الاساس فتتمثّل في نموّ حجم الدين العام، إذ كلّما تأخّرت معالجته اشتدّت خطورته، وقد نستفيق بعد 6 أيارعلى كارثة لن تخفّفَ من وطأتها نتائجُ الانتخابات النيابية، بصرف النظر عن الرابح والخاسر فيها.
إهتزاز سياسي
في السياسة، أفقُ الأزمة القائمة بين الرئاستين الأولى والثانية مقفَل نهائياً أمام الحلول، لكنّه مفتوح على تصعيد وسجال تحت عناوين شتّى، على نحو ما حصَل بالأمس بين وزير المال علي حسن خليل ووزير الخارجية جبران باسيل، وما تبادلاه من برقيات تصعيدية بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
باسيل
باسيل، وفي مؤتمر صحافي عَقده أمس، قال: «هناك محاولات للعزل والمسّ بالشراكة الوطنية من أطراف في سِجلّهم الكثيرُ في هذا الموضوع، والانقلابُ على الدستور يأتي من الذين يخلقون أعرافاً جديدة وليس من الذين يتمسّكون بالدستور، اليوم لدينا دستور يَحكم حياتنا الوطنية، ونحن متمسّكون به، ولا نيّة لدينا بالانقلاب عليه».
وإذ قال إنّ لبنان لا يعيش بثنائيات، اعتبَر «أن لا شيء يحقّق الاستقرار إلّا الدولة المدنية، فهي خلاصُنا جميعاً، ونعترف بأنّ الدولة اللبنانية حتى اليوم فشلت في تطبيق المادة 95 من الدستور التي تأخذنا الى إلغاء الطائفية السياسية». مستطرداً: «بما أنّ الأكثرية ترفض الدولة المدنية، نطرَح مرحلياً من دون تعديل الدستور إلغاءَ المذهبية السياسية للمحافظة على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين».
خليل
وردّ وزير المال على باسيل في مؤتمر صحافي قال فيه: لا نستطيع تفسيرَ الدستور على طريقة المفتين الجُدد الذين هم في موقع مسؤولية اليوم وقد ورّطوا العهد.
أضاف: البعض يَستخدم شعارات ليخفيَ ممارساته الحالية في إدارة شؤون الدولة، وكنّا وما زلنا ندافع عن الميثاق والدستور». وقال: عن قناعة والتزام وطنيّ وافَقنا على التوزيع الطائفي في الكثير من المواقع الإدارية، لأنّ فيه طمأنةً للمسيحيين»، وجميعُنا طوائف متساوية بالالتزامات الوطنية وبالواجبات والحقوق.
أضاف: يتكلّمون عن نظام متقدّم ومتطوّر ويمارسون تعطيلَ أمور الناس، ولا نستطيع الحديث عن دولة مدنية بينما نذهب الى تجاوزِ الكفاءة ونلغي مجلسَ الخدمة المدنية»
وقال: أمرٌ خطير أن نلعب على المسألة المذهبية وأن نكرّس الطائفية. وليبعثْ فخامة رئيس الجمهورية برسالة مباشرة إلى مجلس النواب لتطبيق المادة 95 من الدستور حتى نكون جدّيين.
إسقاط التمديد
هذه الأجواء المتشنّجة، جرى التعبير عنها أيضاً في اجتماع اللجنة الوزارية التي انعقدت برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي، والذي لم يدُم لنحو ساعة، حيث انتهى وفق ما هو مقدّر له، أي بإسقاط الاقتراح المقدّم من وزير الخارجية لتعديل القانون الانتخابي بالسماح بتمديد تسجيل المغتربين.
وقالت مصادر وزارية مشاركة في الاجتماع لـ«الجمهورية»: كان هذا الاجتماع الاخير للّجنة، وتمّ إقفال باب التعديلات نهائيا وسلوكُ طريق الانتخابات بحسب القانون الانتخابي كما أقرّه مجلس النواب.
وأشارت المصادر إلى أنّ جوّ الاجتماع لم يكن متشنّجاً، بل تمّت مقاربة الاقتراح بنقاش هادئ، حيث بدأت الجلسة بعرض مكتوب من قبَل وزير الداخلية نهاد المشنوق، خلصَ فيه إلى تعذّرِ إمكانية إجراء التعديلات، وخصوصاً من الناحية التقنية، ثمّ استمزج رئيس الحكومة آراءَ الحاضرين، فتولّى باسيل الدفاع عن الاقتراح مؤكّداً أهمّية وضرورة إدخال الإصلاحات على القانون الانتخابي، مشدّداً على اهمّية تمديد فترة تسجيل المغتربين، لأنّ كثيرين منهم راغبون بذلك ولم يتِح لهم الوقت.
ومن ثمّ توزّعت آراء الحاضرين بين رافضٍ للتعديل، ولا سيّما الوزراء علي حسن خليل ومحمد فنيش وعلي قانصو ويوسف فنيانوس وأيمن شقير، فيما أكّد الوزير طلال ارسلان أنّه مع التعديل من حيث المبدأ، إلّا أنه لا يبدو أنّ ثمّة إمكانيةً لذلك. أمّا موقف «القوات»، فهو مع التعديل ايضاً من حيث المبدأ إذا كان هناك مِن مجال لهذا التعديل، وإذا تعذّرَ فلنذهب إلى الانتخابات.
وأشارت المصادر الى أنّ الحريري لمسَ من خلال آراء الحاضرين أنّ الاكثرية معارضة وأنّ المطلوب أن نذهب إلى الانتخابات من دون أن نعطيَ مزيداً من التشكيك بالانتخابات، خصوصاً أنّ مرسوم دعوة الهيئات الناخبة قد صَدر، وأنّ الترشيحات تَحدّدت في 5 شباط، عملياً دخل البلد في جوّ الانتخابات وبدأ سرَيان المهل، والآن أيّ كلام عن تعديلات وعودة الى المجلس النيابي يمكن ان تعطيَ للناس صورةً بأنّ هناك جوَّ تأجيل للانتخابات، وهذا ما لا نريده.
المشنوق
وقال المشنوق لـ«الجمهورية»: كان النقاش هادئاً وموضوعياً وعاقلاً، وأنا أعتبر أنّ اللجنة نجَحت في تحديد ما يمكن فِعله وما لا يمكن.
وأشار الى أنّ كلّ النقاش الذي حصَل خلال الأشهر الاخيرة حول المواد كان نقاشاً سياسياً أكثر منه تقنياً، موضحاً أنّ «جزءاً كبيراً مِن التأخير الحاصل بموضوع تسجيل المغتربين سببُه الأزمة السياسية التي حصلت خلال استقالة الرئيس الحريري، حيث خسِرنا وقتاً لنحو شهر، علماً أنّ الوزير باسيل قدّم اقتراحه في 18 كانون الاوّل الماضي، وناقشناه اليوم (أمس) داخل اللجنة. يعني أنّ الوقت لم يخدم تنفيذ الأفكار الإصلاحية.
وردّاً على سؤال قال: سنعمل جهدَنا لكي تكون التجربة الانتخابية ناجحة، مؤكّداً أن لا شيء في الداخل يمكن أن يؤجّل أو يُطيّر الانتخابات.
وحول تأثيرات الوضع السياسي المتأزّم على الانتخابات، قال المشنوق: واضحٌ أنّ هناك أبواباً تُفتح، ودعونا نبني على كلام الرئيس بري عندما قال بإمكانية التحالف مع التيار الوطني الحر بعيداً عن السجال، ربّما هذا يفتح باباً للتهدئة.
فنيش
وقال الوزير فنيش لـ«الجمهورية»: نستطيع القول: إلى الانتخابات دُر، فقد انتهت اجتماعات اللجنة الوزارية ولم يمرّ التعديل.
وردّاً على سؤال قال: منسوبُ التشنّج والخطاب يعلو ويهبط، هذا من عدّة الشغل الانتخابي، لكن لا توجد لدى أحد رغبةٌ في تطيير الانتخابات، ولا أحد يستطيع ذلك، مصلحةُ لبنان العليا هي في إجراء الانتخابات، ولا نرى مصلحةً لأحد في الداخل أو الخارج في تطيير الانتخابات.
فنيانوس
وقال الوزير فنيانوس لـ«الجمهورية»: الأمر انتهى في اللجنة الوزارية وتبيَّن أن لا مجال لتعديل القانون الانتخابي. وأشار الى أنّ الوزير باسيل يخوض انتخاباته بالشعارات، ويحاول أن يُظهر من خلال ما يطرحه أنّ هناك فريقاً مع الإصلاحات وفريقاً ضد الإصلاحات، حتى إذا ما قال له أحدٌ ما بأنّ ما تطرحه يتعذّر تنفيذه تقنياً ـ يأتي ويقول له أنتَ ضدّ الإصلاحات، هو يرفض أن يأخذ بعين الاعتبار أيَّ ملاحظة يقدّمها أيّ فريق. حتى عندما يقول له «حزب الله» إنّنا لا نستطيع أن نراقبَ في الخارج، يردّ قائلاً أنتم مِن الأساس كنتم موافقين، فلماذا غيّرتم الآن؟، هو لا يعطي اعتباراً إلّا لِما يريده هو فقط.
خطأ!
مِن جهةٍ ثانية، نُقل عن وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل أنّ توقيع عقود الاستكشاف والتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية اللبنانية مع تحالف شركات توتال ونوفاتك وآيني سيتمّ في التاسع من شباط المقبل.
وسألت مصادر مطّلعة عبر «الجمهورية» عمّا إذا كان هناك خطأ في التوقيت أم في التقدير، واستغربَت أن يكون الوزير أبو خليل لم يتنبَّه إلى مصادفة هذا الموعد المحدّد لحفلِ التوقيع وعيدَ أبي الطائفة المارونية ومؤسّسِها مار مارون، الذي تحتفل به مطرانية بيروت المارونية هذا العام كما في كلّ عام برعاية ومشاركة رئيس الجمهورية وبحضور كلّ مِن رئيسَي مجلس النواب والحكومة والمسؤولين اللبنانيين.