أطلق حزب الله عمل ماكينته الانتخابية. وسيعلن أسماء مرشحيه في الانتخابات النيابية خلال الأيام المقبلة. يريد الحزب إثبات أن الانتخابات ستحصل في موعدها، فيما التحالفات لا تزال غير محسومة بعد بالنسبة إلى الأطراف كلها. لكن الأكيد، بحسب الحزب، هو أن تحالفه ثابت مع حركة أمل والحلفاء التقليديين، فيما المواجهة محتملة مع التيار الوطني الحر في العديد من الدوائر.
في الأثناء، من غير المستبعد أن تنعكس الأزمة المتصاعدة بين رئيسي الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري، سلباً على وضع التحالفات. ومن الواضح أن هذه الأزمة تتوسع وقد بدأت تتناول موضوع النظام والدستور والطائف. وهذا ما سيتناوله وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمره الصحافي.
في الصراع الخفّي بين عون وبري، أبعاد عدة تتجاوز الانتخابات وحساباتها، والاحتفاظ بالصلاحيات والتواقيع. وترى مصادر متابعة أن باطن العلاقة بين الطرفين يظهر أن هناك صراعاً بينهما على من يفوز بقلب حزب الله، ومن يثبّت تحالفه إلى جانب الحزب أكثر، ويكون في موقع الأوفى. لا شك في أن حزب الله ينظر إلى علاقته بالطرفين على أنها ضرورية واستراتيجية وهو غير مستعدّ للتخلّي عنها. ولكن، في الفترة الماضية، حصلت بعض الاختلافات في وجهات النظر "العقائدية" والاستراتيجية بين الحزب والتيار. وقد ظهر ذلك في موقف رئيس التيار من مطالبة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بمنع عرض أحد الأفلام. ووصل الاختلاف إلى قناة أو تي في، التي ردّت على كلام نصرالله، ووصفت هذا المنطق بأنه لم يؤدّ إلا إلى الهزائم. وقبل ذلك، كان الخلاف أكبر بشأن موقف باسيل في مقابلة تلفزيونية، حيث اعتبر أن ليس لديه خلاف عقائدي مع إسرائيل. ما ادى إلى إنزعاج كبير في صفوف الحزب.
مناسبة هذا الكلام، اليوم، تأتي بعد كلام منسوب إلى مصادر قريبة من الرئيس بري، مفاده أن هناك تحسّباً لأن يكون ابتعاد التيار عن الثنائي الشيعي متعمّداً على خلفية الموقف الأميركي من حزب الله والعقوبات الأميركية التي ستتصاعد تدريجاً على الحزب. وأكثر من ذلك، ترى المصادر أن باسيل من خلال المواقف التي يطلقها، يهدف إلى تقديم أوراق اعتماده إلى المجتمع الدولي، بحيث يحظى برضى الدول الكبرى والمؤثرة، تمهيداً لخوضه معركة الرئاسة بعد ولاية عون. لذلك، وجد بري نفسه مضطراً إلى اتخاذ موقفيه الشهيرين بأنه والسيد نصرالله شخص واحد، وبأن من يريد التحالف مع الحزب عليه الحديث مع الحركة والعكس صحيح.
من الواضح أن ذلك سينعكس على التحالفات الانتخابية. وهذا ما يُقرأ من خلال إصرار كلٍّ من تيار المستقبل والتيار الوطني الحر على التحالف. وهذا أصبح شبه ثابت، والغاية منه ليست عددية فحسب، بل لها أهداف دولية للطرفين. فالمستقبل يتعرّض لضغوط كبيرة كي لا يتحالف مع حزب الله أو مع التيار الوطني الحر، باعتباره حليفاً لحزب الله، فيما التيار البرتقالي يستفيد من هذا الوضع ومن الخلاف مع بري لشد العصب المسيحي، ولإيصال رسالة إلى المجتمع الدولي بأنه لم يتحالف مع حزب الله في الانتخابات. وهذا أصبح ثابتاً في بيروت الثانية والبقاع الغربي وزحلة وصيدا- جزين وجبيل وغيرها من الدوائر. فيما التحالف بين الحزب والتيار قد يحصل على بعض المقاعد، أي على القطعة.