لن تطول فترة «الهدوء» السياسي «المضبوط» على ايقاع حرص خارجي بالحفاظ على الاستقرار الامني، ومن المرجح عودة معارك «طواحين الهواء» خلال الساعات القليلة المقبلة كجزء من تهيئة المناخات العامة لتظهير طبيعة التحالفات الانتخابية في مطلع شهر شباط المقبل، حيث «يربك» تريث التيار الوطني الحر، وتيار المستقبل المشهد الانتخابي بسبب عدم حصول الحلفاء «والخصوم» على اجوبة واضحة حيال واقع التقاطعات الانتخابية بين «التيارين»، واول الضحايا المؤتمر الصحافي الذي كان مقررا ان يعقده النائب وليد جنبلاط يوم الاحد المقبل للاعلان عن تحالفات ومرشحي الحزب التقدمي الاشتراكي... وفيما ينتظر ان يتحدث وزير الخارجية جبران باسيل اليوم بعد اجتماع المكتب السياسي للتيار الوطني الحر حول قضايا «اشكالية» تتعلق بالدستور والطائف، انطلقت في الساعات القليلة الماضية «ورشة» صيانة للعلاقة بين «التيار البرتقالي» وحزب الله على خلفية سلسلة من «الفولات» التي ارتكبت في الاونة الاخيرة، وليس آخرها «فول» مقدمة قناة «اوتي في» الملتبسة حول «التطبيع الثقافي»، اما رئيس الحكومة سعد الحريري الذي امضى ساعاته الاخيرة في «دافوس» متبضعا في الاسواق، فقد سمع كلاما «مقلقا» للغاية من الملك الاردني عبدالله الثاني الذي حذره من خطر «التوطين» القادم لا محالة..
فقد اكدت اوساط دبلوماسية عربية ان اللقاء الذي عقده رئيس الحكومة سعد الحريري مع الملك الاردني عبدالله الثاني على هامش قمة دافوس في سويسرا كان ملبدا «بالغيوم السوداء» لتشابه ظروف البلدين مع ازمتي اللجوء السوري والفلسطيني، وقد ساد الاجتماع «لغة» تحذيرية من الملك الذي نبه رئيس الحكومة الى مخاطر ما يرسم في المنطقة لجهة حل «معضلة» اللجوء الفلسطيني على حساب الدول التي يتواجدون فيها مع فارق جوهري هذه المرة ان ادارة الرئيس دونالد ترامب لا تريد ان تدفع ثمن ذلك لاحد.
وبحسب المعلومات، تطرق العاهل الاردني الى المخاوف الاردنية من استراتيجية الرئيس الاميركي دونالد ترامب حيال القضية الفلسطينية وتداعياتها على المنطقة بما فيها الدول التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين ومنها لبنان طبعا.. الملك «المتوجس» مما يتم حياكته في «الغرف المغلقة» تحدث بصراحة محذرا بان الرئيس ترامب، لن يعطي أحداً إنذارا مبكرا. فهو ببساطة سيقف عندما تنضج الظروف  ليفرض «الصفقة الكبرى» دون ان يكون معنيا بخوض مفاوضات «عميقة» مع الأطراف، هو ببساطة سيضع الجميع أمام الامر الواقع وسيقول لهم هذه هي «الخطة» وعليكم التنفيذ..
 

 

 

 خطر التوطين؟


ووفقا للمعلومات، يتوقع الجانب الاردني ان تكون «صفقة» ترامب جاهزة للعرض في شهر آذار المقبل، ووصف الملك الاردني خطة ترامب بالسيارة المندفعة دون «مكابح» ناصحا الحريري بعدم الوقوف امام تطمينات البعض والتي تقول ان الادارة الاميركية لا تملك خطة حقيقية، وكان لافتا قول الملك ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مطلع على الخطة اكثر منه وهو يعمل لتسويقها مع الرئيس محمود عباس الذي يحاول التملص لكن دون جدوى حتى الان.. وبحسب العاهل الاردني اضطر هو الى التراجع عن التصعيد بوجه الادارة الاميركية بعدما فشل في اقناع وزارء الدول الست الذين اجتمعوا في عمان باتخاذ موقف موحد، وقال «بتنا ملزمين على التأكيد ان لا تسوية دون دور الولايات المتحدة»..  
وحسب تلك الاوساط، فان الاخطر في كلام العاهل الاردني كان في حديثه عن الجزء المسرب من الخطة والتي تقوم على تقديم الفلسطينيين 10 في المئة من أراضي الضفة لإسرائيل مقابل تنازلات اسرئيلية شكلية تجعل من الأراضي الفلسطينية «مقطعة» طولاً وعرضًا وغير قابلة على استيعاب سكانها، اما ما يتعلق بالقدس، فالخطة لا تتحدث عن أبو ديس كعاصمة فلسطينية بل عن «أحياء في القدس»، ولارضاء الفلسطينيين لا يوجد طلب مباشر بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، ولكن مقابل ذلك سيكونون مطالبين بالتخلي عن حق العودة. وهنا «بيت القصيد» الذي يمس لبنان بشكل مباشر، ولذلك دعا الملك الاردني الحريري الى الاستعداد للقبول بالامر الواقع وايجاد حلول «واقعية» لازمة اللجوء السوري، لان ازمة اللجوء الفلسطيني ستطول، ولن يتمكن لبنان من تجاوزها على المدى الطويل، مشيرا الى ان الاردن يمضي في هذا الاتجاه.. طبعا كان الحريري مستمعا «جيدا» لكن لم يبدو ان لديه خطة لمواجهة تلك المخاطر، حسب تعبير تلك المصادر..
 

 «صيانة» تحالف حزب الله «التيار»


شهدت الساعات القليلة الماضية اتصالات على اعلى المستويات بين حزب الله والتيار الوطني الحر «لتنفيس الاحتقان» السائد بين جمهوري الطرفين على خلفية السجالات حول عرض فيلم «ذا بوست» وما اثارته من ردود فعل متبادلة تسببت باشعالها مقدمة قناة «او تي في» «غير المبررة»، حسب تعبير مصادر مقربة من الحزب التي اكدت نجاح الطرفين في «لملمة» الموضوع مع تأكيد الحرص الشديد على معالجة الاختلافات بعيدا عن «الاضواء»، تلافيا لاي اهتزاز سياسي لا مبرر له في ظل عمق التفاهم المتبادل على القضايا الوطنية والاستراتيجية والتي يشكل رئيس الجمهورية ميشال عون ضمانة رئيسية لها، وقد اوعز حزب الله لمحازبيه بوقف السجالات حيال هذه القضية، فيما ينتظر عقد لقاء «انتخابي» قريب بين القيادتين لرسم «خارطة» التفاهمات الانتخابية على مستوى لبنان في ظل غياب الحسم لدى «التيار» في معظم الدوائر.
 

 «ملاحظات» على «سوء التقدير»..


هذا التفاهم على «التهدئة»، والتأكيد على متانة العلاقة، لم يمنع تلك الاوساط من ابداء ملاحظات جوهرية على ما جرى، واهمها انها لم تقتنع بتبريرات مستشار رئيس الجمهورية جان عزيز المسؤول عن مقدمة «اوتي في»، والذي رفض الاقرار بانه «اخطأ» في التقدير السياسي والثقافي في الدفاع عن قضية لا يمكن تبريرها باي شكل من الاشكال، واختار توقيتا خاطئا، عقب كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ما فسر انه رد مباشر على السيد، مع العلم ان «التيار» يعرف جيدا ان مسألة «التطبيع» «خط احمر» بالنسبة الى حزب الله. وبحسب تلك الاوساط، قد يكون مفهوما ان «التيار» «يعيش» تحت ضغط الحملات الانتخابية، لكن لا مبرر لادخال القضايا الوطنية ومسألة تفسير كيفية التعبير عن العداء لاسرائيل في «معمعة» الانتخابات، وهذه القضايا يجب ان تكون مصدر اجماع  داخلي ولا دخل لها بحرية التعبير.. وبعيدا عن تلك المبررات استغربت تلك المصادر مبدا ان يصدر هذا الموقف من قناة «اوتي في» وفي عهد الرئيس ميشال عون الذي سبق «وعاتب» الوزير باسيل على كلامه حول عدم وجود خلاف ايديولوجي مع اسرائيل، مبديا «ملاحظات جوهرية» حيال هذا الامر. 
في المقابل تؤكد اوساط التيار الوطني الحر، ان «الاختلاف» حول بعض القضايا لا يفسد في الود «قضية»، والتحالف مع حزب الله متين، لكن «الصيانة» الدورية ضرورية للعلاقة في ظل «عتب» التيار الوطني الحر على موقف حزب الله من مرسوم الاقدمية، وكذلك انزعاج الوزير باسيل من الحملة الاعلامية ضده اثر كلامه عن «الصراع الايديولوجي» مع اسرائيل، لانه يعتقد بان ما حصل كان على الاقل «بغض نظر» من الحزب اذا لم يكن بتوجيه منه. 
 

 «التيار» يربك التحالفات.. صيدا نموذجا؟


في هذا الوقت لا يزال «الارباك» سيد الموقف داخل التيار الوطني الحر الذي لم يحسم بعد اي من تحالفاته النهائية نتيجة تعقيدات «شبكة» علاقته السياسية مع «الاضداد» ما يجعل مهمة الوزير جبران باسيل معقدة واشبه بتركيب قطع «البازل»، وفي هذا السياق التقى نحو 15 شخصية مرشحة للانتخابات خلال الساعات القليلة الماضية دون ان يحسم موقفه من اي منها، ووفقا لبعض من التقاهم لم يحصلوا منه على اي اجابة واضحة يمكن الركون اليها حيال تحالفات «التيار»، وطلب منهم الانتظار لمدة لن تتجاوز منتصف شهر شباط المقبل... وتبرز اكثر من معضلة «للتيار» في التحالفات في كسروان وفي بيروت، وكذلك في جزين وكان آخر التحركات «المثيرة» للتساؤلات «جس نبض» من قبل باسيل لامكانية ترشح النائب السابق اسامة سعد على لائحة «التيار» في دائرة جزين - صيدا، واذا لم يكن العرض مناورة في وجه تيار المستقبل، فان هذا الامر سيشكل «ارباكا» كبيرا لحزب الله في هذه الدائرة حيث سيكون امام خيارين احلاهما مر.
ووفقا لاوساط مطلعة على الاتصالات الجارية لتركيب لائحة الشوف- عاليه، اضطر النائب وليد جنبلاط الى تأجيل مؤتمره الصحافي يوم الاحد للاعلان عن ترشيحاته الحزبية وعن تحالفاته، بعد تأخر التيار الوطني الحر «والمستقبل» في تقديم اجوبة محددة سبق وطلبها، كما طرأت مشكلة جديدة عنوانها اعتراض «القوات اللبنانية» على تبني جنبلاط ترشيح المحامي ناجي البستاني وهي تعتبر انه لم يجر التشاور معها على مقعد مسيحي يجب ان يكون لها «كلمة» حاسمة فيه، او بالحد الادنى شراكة «معقولة».. كما ان التيار الوطني الحر لم يقدم بعد اجوبة نهائية على عرض «التحالف»... في المقابل لم تثمر بعد الاتصالات مع النائب طلال ارسلان الى نتائج محددة، وفيما حسم ترشيح تيمور جنبلاط، ونعمة طعمة، واكرم شهيب، ومروان حمادة، وناجي البستاني، وبلال العبدالله، تبقى ستة مقاعد في دائرة الشوف- عاليه مفتوحة على «البازار» الانتخابي غير المحسوم بعد بشكله النهائي حتى الان. والجميع ينتظر ايضا تحرك الرئيس سعد الحريري الانتخابي،لأنه حتى الان لم يبلغ احد من نوابه ومناصريه بالنسبة للترشيحات، وسط انباء عن تغيير في الاقليم لجهة استبدال النائب الحالي محمد الحجار بمرشح آخر.. ووفقا لاوساط الحزب التقدمي الاشتراكي فان الحزب ليس اسيرا لاي تحالف حتى الان، واذا اراد اي طرف الخروج من التفاهم الواسع الذي يحاول النائب جنبلاط تاليفه على قاعدة حفظ «العيش المشترك» في الجبل، فلا ضير من خوض معركة انتخابية ضد تحالف التيار مع تيّار المستقبل، ليس في الجبل وحسب وانما في كل المناطق. 
 

 النفايات


وفي ملف النفايات أصدر رئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطية قرارا يتعلق بتشكيل لجنة تحقيق خاصة في موضوع مطامر ومكبات النفايات المنتشرة على الأراضي اللبنانية كافة، واعطى اللجنة مهلة 3 اشهر لانهاء مهماتها ورفع تقرير الى الحكومة، فيما ادعى وزير البيئة طارق الخطيب على رئيس بلدية بيت شباب الياس الاشقر على خلفية مسؤوليته عن المطامر العشوائية التي تسببت بانتشار النفايات على الساحل اللبناني.