أولاً: الإحتجاجات العامة
خارج بيئة المقاومة الإسلامية والتي يطلق عليها نعت البيئة الحاضنة، تتركّز الاحتجاجات والاعتراضات ضد الدولة، دولة الفساد والمحسوبيات والنّهب وتكديس الثروات، بلد الظلم الاجتماعي والطغيان الثقافي والفتن الطائفية، أمّا في بيئة الثنائية الشيعية، والمحسوبة حصراً على حزب الله، تتوجّه الاحتجاجات على قيادة الحزب وسياساته وسلوكيات عددٍ من قادته، وفي بعض الأحيان قد يُصيب رذاذ الانتقادات الرئيس نبيه بري وبعض أعضاء حركة أمل القياديّين، وهذا استثناءٌ لا يُعتدُّ به.
ثانياً: الاحتجاجات في البيئة الحاضنة تتوجه للحزب
خلال الأسابيع الماضية خرجت مظاهرة في حي السلّم، في ضاحية بيروت الجنوبية، بعد اقتلاع المحلات التجارية لعددٍ من الأسر الفقيرة التي تعتاش منها، وتوجهت سهام النقد اللاذع لقيادة الحزب بدل أن تُوجّه كما جرت العادة للدولة (مع أنّ الدولة هي التي أزالت المحلات)، واعتبر المعترضون بالصوت والصورة أن حزب الله خذلهم وأباح أرزاقهم ولُقمة عيشهم للتخريب والتدمير، وأنّ البيئة الحاضنة التي تُقدم أغلى التضحيات لا تُقابل سوى بالإهمال ومزيدٍ من الفقر والحرمان.
إقرأ أيضًا: هل قضية فيلم The Post أهم من قضايا عشرات الناجحين على أبواب الوزارات؟
كلّ ما فعلته المقاومة في اليوم التالي أن جمعت المعترضين الذين فاضت مشاعرهم ونفثوا ما في صدورهم من وجع وغضب، ليُساقوا أمام الكاميرات ويعتذروا للمقاومة وسيّدها.
ومنذ يومين خرجت الحاجّة جميلة..(الفيديو المرفق) على قناة المنار (لا على قنوات ومواقع الفتنة والتحريض) مع الإعلامي عماد مرمل، لترُدّ على أحد ضيوفه الذي قال بأن لا مافيات في البلد، ولتُعلن بصوتها المخنوق أنّ البلد هو بلد المافيات، المستشفى مافيات، السجون مافيات، الكهرباء مافيات ، السوبر ماركت مافيات، هذا البلد هو بلد الكرامات المنهوبة، بلد البرابرة...هؤلاء هم لصوص وحرامية، وجب قتلهم بقذيفة، كلهم، أي كلهم دون استثناء..وعندما حاول مرمل تهدئتها قاطعتهُ وقد خنقتها العبرة...الله لا يوفقهم، خنقونا، فقّرونا، إنشاءالله يقبّروا ولادهم، نهبونا ما خلّوا حيلتنا حيلة، وتعالت صيحتها بالدعاء والابتهال..الله لا يوفقهم..الله لا يوفقهم..وسط ذهول المذيع والضيوف والمستمعين طبعاً.
منذ يومين أيضاً اضطرّ رئيس بلدية النبطية ليحضر ليلاً إلى جسر سنّ الفيل، لينقذ مواطناً جنوبياً مع ابنه يفترشان الأرض في ظروفٍ سيّئة، ومنذ يومين أيضاً، أعلن الصحافي علي حجازي (لم نعلم حتى الآن شيئاً عن مساره المهني) وهو المنافح والمدافع عن تيار المقاومة والممانعة، هو ذاته حجازي، اضطرّ للقول في برنامج تلفزيوني أن الكيل طفح في منطقة بعلبك-الهرمل، وأنّ نقطة واحدة زيادة وينفجر الوضع الاجتماعي، بوجه من سينفجر؟، لا يخبرنا حجازي ما إذا كان سينفجر في وجه الدولة الغائبة، أم في وجه الحزب الحاضر، وإلى الله عزّ وجلّ عاقبة الأمور.