ينتظر العراق موسم انتخابات ساخناً بعد تثبيت موعدها بمرسوم جمهوري، فيما بدأت الاتهامات بالتشهير الانتخابي تتوالى مع تصويت البرلمان على تعديل يمنع غير الحاصلين على شهادة جامعية من الترشح.
وأقر البرلمان العراقي في اجتماع أمس، يوم 12 أيار (مايو) المقبل موعداً للانتخابات، لكنه ألزم الحكومة عدداً من الشروط، بينها توفير البيئة الآمنة لإجرائها وإعادة النازحين، واعتماد التصويت الإلكتروني في المناطق كافة، وحصر السلاح خلال الدعاية الانتخابية بالمؤسسات الأمنية الرسمية، أي الدفاع والداخلية، ما يمنع فصائل «الحشد الشعبي» من المشاركة في حماية العملية الانتخابية، وأيضاً ضمان عدم مشاركة الأحزاب التي تملك أجنحة مسلحة، إضافة إلى زيادة أعداد المراقبين المحليين والدوليين.
لكن تعديلاً برلمانياً على قانون الانتخابات تضمّن حصر الترشح بمن يحمل شهادة «بكالوريوس» أو ما يعادلها، أثار خلافاً داخل البرلمان، إذ يتوقع أن يحرم هذا القرار من الترشح عشرات المرشحين، ومنهم نواب في البرلمان الحالي.
وتَعتبر الجهات المتضررة مثل هذه الإجراءات استهدافاً انتخابياً، فيما تراها أطراف أخرى ضرورية لرفع مستوى أداء البرلمان المقبل. ومن المتوقع أن يتعرض هذا البند إلى طعن دستوري، إذ لا يشترط الدستور شهادة معينة للمرشحين.
ومع إقرار موعد نهائي للانتخابات، بدأت التحركات السياسية تتسارع، ومعها مخاوف من تصاعد الصراع السياسي إلى مستوى عنيف. وكان محافظ النجف لؤي الياسري اتهم مساء أول من أمس، أطرافاً لم يسمها بمحاولة التشهير به انتخابياً، إثر اعتقال أحد أبنائه بتهمة تجارة المخدرات، وترويج الخبر وصور المعتقل في وسائل التواصل الاجتماعي.
ووفق مراقبين، فإن مثل هذه الحالات ستتكرر خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، خصوصاً بين القوى والأحزاب التي تتنافس على مناطق واحدة. وكانت منظمات محلية حذّرت من تنامي ظاهرة استعانة السياسيين العراقيين بما يسمى «الجيوش الإلكترونية»، وهي مواقع وصفحات تنشر شائعات أو وثائق مزوّرة أو حقيقية بهدف التشهير السياسي، وتُموّلها جهات مجهولة.
وتعوّل المفوضية العليا للانتخابات في العراق على استخدام جهاز «ماسح ضوئي لأوراق الانتخاب يسمح بتسجيلها ونقل نتيجتها عبر الإنترنت إلى مركز التسجيل الرئيس في بغداد لمنع التلاعب بصناديق الاقتراع. غير أن المفوضية واجهت اعتراضات سياسية كبيرة على هذه الطريقة، وشكوكاً في شأن احتمالات تدخل إلكتروني لتزوير النتائج، ما قد يدفعها إلى تعديل آلية عمل الجهاز ليسمح بنقل النتائج بعد نهاية التصويت، وليس خلاله، وفق اقتراحات قدمتها قوى سياسية نافذة.
وستكون على مفوضية الانتخابات مواجهة ظاهرة الحملات الانتخابية المبكرة، إضافة إلى التجاوزات الانتخابية، مثل استخدام المساجد ومؤسسات الدولة وأجهزة الأمن لغرض الدعاية أو حتى التزوير، لكن المفوضية ما زالت لا تمتلك قدرة الردع الكافية للوقوف أمام أحزاب لديها أجنحة مسلحة فاعلة في الشارع، وإن كانت دخلت الانتخابات بعد إعلانها التخلي عن تلك الأجنحة. وترجم نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي في بيان أمس، الشكوك في قدرة المفوضية على ضبط الانتخابات، عندما طالب بإشراف قضائي على عملية الاقتراع.
وما زالت قضية وجود نحو 3 ملايين نازح بعيداً من مدنهم الأصلية، بينهم 400 ألف نازح يحق لهم الاقتراع، تشكل عائقاً أساسياً أمام الانتخابات، إذ وعد رئيس الوزراء حيدر العبادي في لقاء أمس مع المدير الإقليمي لعمليات الصليب الأحمر في الشرق الأوسط روبرت مارديني، «بالعمل على إعادة النازحين إلى مناطقهم ضمن إجراءات الاستعداد للانتخابات».