لا خلاف بين اللبنانيين وعند معظم الشعوب العربية حول ضرورة مقاطعة دولة الكيان الصهيوني في فلسطين، ومناهضة كل محاولات التطبيع مع هذا الكيان الغاصب، ومن حقّ الذين يرون في عرض فيلم "البوست" لمُخرج يهودي (لا يتناول الفيلم القضية الفلسطينية والعدوان الصهيوني عليها) على أنّه نوعٌ من أنواع التطبيع، تتوجّب مقاطعتهُ بحُجّة أنّ مُخرج الفيلم قدّم معونات مالية لإسرائيل بعد حرب تموز عام ٢٠٠٦ مع المقاومة الإسلامية (وأي يهودي يا ترى لا يقدم معونات لإسرائيل؟)
إقرأ أيضًا: بالتأكيد عبد الناصر ليس من أسوأ ما حصل لهذه المنطقة يا سيد قطيش
نقول: من حقّ المعترضين وفي مقدّمهم سماحة أمين عام حزب الله إدانة كل عمل يمُتُّ بصلة للمخرج، ومن حقّ السيد أن يدعو مناصريه ومحازبيه ومُحبّيه وكافة جمهور الممانعة، مع سائر المعترضين على الفيلم ومُخرجه لمقاطعة هذا الفيلم، وعدم حضوره، هذا كل ما تستحقّه قضية كهذه، لا أن يُخصّص لها السيد أكثر من خمسة عشر دقيقة، عرضاً وتوضيحاً وتنبيهاً وتقريعاً، في حين أنّ عشرات المواطنين من حملة الشهادات العلمية، والذين خاضوا مباريات نزيهة عبر مجلس الخدمة المدنية ما زالوا يقفون على أعتاب الوزارات يطالبون بحقّهم في التعيين، حقّهم المغتصب بحُجّة فقدان التوازن الطائفي، الحُجة التي لا تقوم على دستورٍ أو قانون، حُجّة واهية ومرذولة، يحملها بطل التّعصُّب الوزير جبران باسيل وحامل راية حقوق المسيحيين المهدورة! عامٌ مضى ولم يُحرّك أحدٌ من أقطاب ووزراء ونواب الثنائية الشيعية ساكناً لحلّ قضيتهم العادلة وإنهاء مأساتهم المستمرة، حتى قام الوزير يوسف فنيانوس، وزير الأشغال العامة بخرق قاعدة باسيل الجهنمية، ووقّع مرسوم تعيين مراقبين جوّيين في مطار رفيق الحريري الدولي، وساهم بحلّ جزءٍ من المشكلة، ومع ذلك لم يُكلّف أحدٌ من الثنائية الشيعية لشكره والثّناء على موقفه "الوطني"، وجرأته في كسر معادلة باسيل الجائرة.
إقرأ أيضًا: أيها الناخبون ... أعيرونا أصواتكم مع ضمائركم ساعةً من نهار
قد تكفي يا سماحة السيد ثلاث أو أربع دقائق للفت النّظر إلى ما ترونه صائباً في قضية مخرج يهودي (ما زال اسّمهُ مجهولاً لديكم ولدينا)، في حين يستحقّ أبناء الوطن المظلومين عشرة دقائق ومزيداً من الجهد لوضع الحدّ النهائي لغُلوّ وزير نصّب نفسه حامي حمى المسيحيين، يخالف الدستور والقوانين بحجّة حماية طائفته (المهضوم حقّها دائماً) ، وهو بذلك يدوس على حقوق الطائفة الشيعية (ويُعيرونا بأنّها الطائفة الأقوى)، ومعها الطائفة السّنية (المُحبطة دائماً وأبداً).