رأى الخبير الدستوري الاستاذ في القانون الدولي د. شفيق المصري، إن "الجزء الأول من المادة 54 من الدستور اللبناني المعدل في الطائف سنة 1990، نص صراحة على أن "مقررات رئيس الجمهورية يشارك بالتوقيع عليها رئيس مجلس الوزراء والوزير أو الوزراء المختصون"، فيما ينص الجزء الثاني منها: "يوقع رئيس الجمهورية بمفرده مرسوم تعيين رئيس مجلس الوزراء أو إقالته أو قبول استقالته، وهو المنطق الذي استند اليه رئيس مجلس النواب وفريقه الوزاري الذي يعتبر أن مرسوم "أقدمية ضباط عون"، لم يقترن لا بتوقيع وزير المال لاحتواء مضمونه على فروقات مالية، ولا بالصيغة العملية التنفيذية بسبب عدم نشره في الجريدة الرسمية".
وردا على سؤال، قال المصري، لصحيفة "الأنباء"، إن "رئيس الجمهورية استند في عدم إحالته مرسوم الأقدمية الى وزير المالية للتوقيع عليه، على سابقات حصلت خلال العهود الماضية، بحيث سبق لعدد من رؤساء الجمهورية السابقين أن أصدروا مراسيم عادية لم تقترن بتوقيع وزير المالية باعتبارها مراسيم ذات صفة إدارية وليست مالية، ولا لزوم بالتالي لا لتوقيع وزير المال عليها ولا لنشرها في الجريدة الرسمية"، معتبراً من وجهة نظره كخبير دستوري، إن "المطلوب وحالة التناقض في القراءة الدستورية بين بعبدا وعين التينة، هو تفسير عبارة "الوزراء المختصون" لتوضيح ما إذا كان الوزير خليل مختصا بمرسوم الأقدمية، أم أنه غير معني بمضمونه. وهذا شأن مجلس النواب".
أما في الإطار السياسي للأزمة بين بعبدا وعين التينة، أعرب المصري عن اعتقاده إن "خلفية إصرار الرئيس نبيه بري على توقيع وزير المالية، هي الخشية من تكرار تفسير المراسيم الرئاسية على أنها مراسيم إدارية وبالتالي تحييد وزير المالية عن التوقيع عليها، وهي الخشية نفسها التي ألزمت حزب الله الانحياز ولو بصمت الى رأي الرئيس بري".
وعن الجهة القضائية الصالحة للبت في هذا النوع من النزاعات الدستورية، لاسيما أن الرئيس ميشال عون دعا المعترضين على المرسوم للذهاب الى القضاء، لفت المصري الى أن "مجلس شورى الدولة هو الجهة القضائية المختصة بإبطال المراسيم، تماما بمثل ما يبطل المجلس الدستوري القوانين، وذلك انطلاقا من كونهما هيئتين مراقبتين لدستورية القوانين والمراسيم، علما أن الرجوع إلى القضاء يستبطن اعترافا رسميا بصدور مرسوم أقدمية ضباط "دورة عون" ويعطيه بالتالي صفة النفاذ، وهو ما يتفادى فريق الرئيس بري الانزلاق إليه عبر قوله إن المرسوم لا صفة عملية تنفيذية له كونه لم يُنشر في الجريدة الرسمية".