كتب حسين درويش في صحيفة "الديار": تحوّل جبل الصويري في البقاع الغربي من معبر للاحلام الى معبر للموت بعدما انتهت اكثر من رحلة في الكانونين اما الى الموت في جثث متفحمة او الى مستشفيات شتورا والبقاعين الغربي او الاوسط للمعالجة على نفقة الهيئات المانحة والجهات الضامنة في الامم المتحدة.
لقد تعثرت اكثر من رحلة عندما كان يترك مهربون لبنانيون وسوريون ومن اصحاب الحافلات والناقلات السورية ركابهم في منتصف طرقات الجرود لشأنهم على طرقات التهريب المحاذية بالتوازي لخط المصنع ما بين مئتين الى ثلاثمئة متر جنوبا باتجاه الصويري عند بركة الرصاص في جبل الصويري في البقاع الغربي عندما كان تجار البشر يتركون ضحاياهم عند اول خطر او هبة ريح باردة او استشعار ما لدورية امنية آتية او في طريقها اليهم تنتهي بهم في قبضتها الى التحقيق والسجن ثم الافراج وفق قوانين الامم المتحدة التي تمنع ترحيلهم او اعادتهم الى بلادهم.
انهم ضحايا تجار احترفوا مهنة اذلال الناس وانتهاك الاعراض والاغتصاب وأعمال الخطف وسلب الأموال وسرقة من لا حيلة لهم من اجل الوصول الى قريب او لجمع شمل او من اجل الوصول الى بلد الامان هربا من جحيم النار والحرب في الشمال السوري او غيره من المناطق الملتهبة.
ست عشرة من الضحايا سقطوا ليل الخميس - الجمعة الماضية من بينهم ثلاثة اطفال بعمر الورد من النازحين قضوا امام اعين تجار البشر بعد ان تحولوا الى جثث متفحمة بسبب برودة الطقس العاصف وتدني درجات الحرارة وشدة صقيع البقاع ليلاً بعد العثور على جثتين بعد ظهر يوم الاحد وما زال البحث جارياً عن مزيد من الجثث والمفقودين. وامام رهبة الموت وعظمة الفاجعة تحركت ضمائر اللبنانيين لهول ما يحصل في الجرود من بشاعة وفظاعة ولم يكن اهالي بلدة الصويري بعيدين عن مشهد الموت والعذاب الذي يتكرر بشكل شبه يومي على مرأى من اعينهم على المقلب الشرقي من بلدتهم وهم ينقلون الضحايا والمرضى من الاطفال والنسوة والعجائز من التائهين والمصابين من الحالات اليومية التي تتكرر تباعا على مرمى حجر من حدود بلدتهم الى المستشفيات بلدتهم على السلسلة الشرقية ، وهم على علم ودراية بما يجري في عقبات ومسالك جبل الصويري الوعرة التي تربط لبنان بسوريا وبشكل شبه دائم يتكرر يومياً.
على طريق المصنع وكان قد نقل في الرحلة عينها الى مستشفى الهلال الاحمر الفلسطيني في بر الياس عند الساعة السابعة والنصف من صباح الجمعة خمس حالات من اسرة واحدة عائدة لمشعان الملالي وزوجته امل اللذين نقلا مع اطفالهما غفران وهبة اللذين كانا بحالة حرجة نتيجة ضيق التنفس والاصابة بحروق الجليد وهما بعمر سنة وسنتين تجاوزا مرحلة الخطر بسبب الجليد والطقس البارد وتساقط الثلوج وكان قد اسعفهم اشخاص مدنيون من جبل التهريب بعد العلاج فيما قضى الشقيق الثالث الذي نقل الى مستشفيات البقاع الغربي بسبب خطورة حالته.
وفي الخامس والعشرين من كانون اول الماضي قضى الطفل السوري احمد سلوم سنتين على طريق التهريب عينه في حين بعدما تجمد بين يدي والدته اثناء عبور العائلة بينما كانت الام تعبر مع ثلاثة من اطفالها عن طريق التهريب للالتحاق بالوالد الموجود في ابنان منذ سنتين فيما نقلت الام دلال عبد الرحمن سلوم مع طفلتيها رنين 8 سنوات وحنين 6 سنوات الى مستشفى شتورا للمعالجة.
والد الاطفال عبد الرحمن سلوم المقيم في لبنان بطريقة شرعية وبموجب كفالة من لبناني يقول: لم اكن اعلم ان عائلتي ستنتقل الى لبنان بهذه الطريقة وفوجئت عندما اتصل بي صاحب الحافلة ليقول انت والد رنين وحنين واحمد قلت له نعم، قال العوض بسلامتك ابنك الصغير احمد توفاه الله على طريق التهريب وابنتاك تتعالجان في مستشفى شتورا بعدما اشتدت عليهم العاصفة وزوجتك بقبضة الامن العام قبل ان تتدخل الامم المتحدة وتنقلها الى مستشفى شتورا.
ورداً على سؤال حول المبلغ الذي دفعه لسائق الحافلة السوري الذي تكفل تهريبهم الى لبنان قال: دفعت عن كل فرد اربعة الاف ليرة سورية.
ويتدخل شقيق الزوجة دلال ليقول: ان كلفة تهريب الشخص تتراوح ما بين مئة ومئتي دولار واستنكارا لما يجري ومن اجل وضع حد لهذه المهزلة البعيدة عن المعالجة سجل بعد ظهر الجمعة تحرك لافت لاهالي الصويري الذين طالبوا بوضع حد لهذه المهزلة عند حدود البقاع الغربي وشارك في الاعتصام امام بلدة مجدل عنجر الشيخ محمد عبد الرحمن الذي ناشد المسؤولين اللبنانيين بمعالجة هذه الظاهرة واخذ هذا الموضوع على محمل الجد والعمل على المعالجة السريعة ووضع حد لما يجري.
رئيس بلدية مجدل عنجر سعيد ياسين تمنى على الدولة والرؤساء الثلاثة وضع حد لهذه الظاهرة وان توليها الاهتمام وكما تهتم بظاهرة مكافحة الارهاب والمخدرات والفساد بأن تعطي هذا الملف الاولوية والعمل على وقف ظاهرة الاتجار بالبشر على الحدود السورية - اللبنانية بوضع حاجز واحد على برك الرصاص لأنهاء موضوع التهريب، فالسوريون ليسوا بحاجة الى من يرشدهم او يتولى عملية تهريبهم فهم يسلكون هذه الطرقات ذهاباً واياباً وحدهم بدون اي مرشد او مساعد فالحدود غير مضبوطة، والمطلوب من قائد الجيش العماد جوزف عون اقامة نقاط تفتيش وحواجز ببرك الرصاص التي تبعد عن الطريق العام بين 300 الى 400 متر، واضاف كل يوم نتابع مع الجيش اللبناني ونطالب بنقطة للجيش والامن العام للتخفيف من عمليات التهريب.
وأشاد رئيس بلدية الصويري حسين عامر بدور الجيش اللبناني والدفاع المدني اللذين توليا عمليات الانقاذ، قائلاً: لقد تم العثور على اربع عشرة جثة في خراج بلدة الصويري فجر الجمعة تم العثور على عشر جثث وفي فترة بعد الظهر من اليوم نفسه تم العثور على ثلاث جثث كما عثر على جثة امرأة في العقد الخامس ظهر السبت ليصل العدد الى اربع عشرة جثة وما زالت عمليات البحث جارية عن مزيد من الجثث التي قضت اثناء التهريب بسبب وعورة الطرقات والبرد.