أربعة أشهر تفصل اللبنانيين عن الاستحقاق المؤجل منذ 9 سنوات، وفق قانون جديد اختلف عرّابوه على تسميته، وراحوا يطرحون عليه أوصافاً عديدة: "أسوأ الممكن، أفضل الممكن، نسبية مشوّهة وستين مقنّع..." واتفقوا على أنه يقف في مرتبة أفضل من قانون الستين وأسوأ من النسبية الكاملة.
فلكل فريق حساباته لترجيح جينات الخير على الشر أو العكس في هذا القانون. حسابات لا تتجاوز عتبة حاصل المقاعد لكل كتلة نيابية لهذا الحزب أو ذاك. فمن هو الخاسر الأكبر في الانتخابات النيابية المقبلة إذا جرت وفق القانون الجديد ومن هو الرابح الأكبر، من تزيد ومن تقلّ مقاعده في الندوة البرلمانية، من يتلاشى ومن يظهر من جديد أو للمرة الأولى؟
للإجابة عن هذه الأسئلة، أجرى "ليبانون ديبايت" حديثاً مع الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، الذي فنّد توقعاته الحسابية لكل الأحزاب والتيارات السياسية الموجودة في المجلس النيابي.
عملياً، المؤشرات والمعطيات الواقعية على الأرض وطريقة تقسيم الدوائر، تقول إن الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل)، اللذان تضم كتلتيهما 26 نائباً، (13 نائباً لكل كتلة)، يحافظ على مقاعده في الانتخابات المقبلة أو تزيد مقاعده.
في دائرة الجنوب الثانية (الزهراني – صور) الحاصل الانتخابي قد يصل إلى 22 أو 23 ألف ناخب، وقد لا تتمكن القوة المعارضة من الوصول لهذا الحاصل وبالتالي قد يفوذ الثنائي الشيعي بالتزكية في هذه الدائرة.
في دائرة الجنوب الثالثة (النبطية - بنت جبيل – مرجعيون – حاصبيا) هناك قوى معارضة هي (الحزب الشيوعي، الشيعة المعارضون، أحمد الأسعد، الياس بو رزق، قوى درزية معارضة، وتيار المستقبل) قد تتمكن من الفوز بمقعد إذا اجتمعت.
في بعلبك الهرمل، استطاعت القوى المعارضة تحصيل 13 ألف صوت في الانتخابات الماضية وقد يخسر تحالف أمل - حزب الله أمامها أحد مقاعده. لكن في المقابل يكسب مقعداً شيعياً في بيروت ومقعدين آخرين في زحلة والبقاع الغربي.
بينما يكون لتيار المستقبل (تضم كتلته 38 نائب) خسارة كبيرة تزيد عن 10 أو 12 مقعداً، وأبرز الدوائر التي قد يخسر فيها: بيروت الثانية، وطرابلس، البقاع الغربي وراشيا، وصيدا.
ويحافظ التيار الوطني الحر (تضم كتلته 21 نائباً) على وجوده أو يكسب مقعداً أو اثنين، فيخسر في جبيل وكسروان والمتن بحدود 6 مقاعد، لكن في المقابل يكسب في الشمال، وزحلة، وعكار، وبيروت الأولى، والشوف وعاليه.
كما قد يحافظ حزب القوات اللبنانية وفقاً لواقع سيناريوهات التحالف الحالي على كتلته التي تضم 6 نواب. وكذلك تيار المردة يحافظ على مقاعده الثلاثة ولكن هناك احتمال ألا تكون هذه المقاعد من نفس الطائفة. مع الأخذ بعين الاعتبار أن ملعب المردة في دائرة الشمال الثالثة، حيث هناك مؤثران حاسمان بالنسبة للنتيجة، وهما تيار المستقبل والحزب السوري القومي الاجتماعي اللذان لم يحسما تحالفاتهما بعد في هذه الدائرة.
بينما يتضرر حزب الكتائب اللبنانية، كتلته حالياً 5 نواب، من هذا القانون، إذ يخسر مقعد عاليه الذي حصل عليه بدعم من النائب وليد جنبلاط، ويخسر مقعد طرابلس الذي حصل عليه بدعم من رئيس الحكومة سعد الحريري، ليبقى ملعبه المتن.
في ما وضع حزب اللقاء الديمقراطي (تضم كتلته 11 نائباً) فهو رهن التحالفات، ونرى أنه مضطر للتحالف مع تيار المستقبل في كل من دوائر البقاع الغربي – راشيا، والشوف – عاليه، وبيروت الثانية، لتقتصر خسارته على مقعدين فقط، حتى ولو استرجع مقعد بيروت الدرزي ومقعد بعبدا، وحافظ في عاليه - الشوف على مقاعده.
ويُتوقع أن تزيد مقاعد حزب الطاشناق عن اثنين، كونه تعزّز حضوره بعد جمع الأرمن في الأشرفية، والصيفي والمدور، ما يجعل منه ناخباً أساسياً، وقد يفوز في دائرة بيروت الاولى. أما وضعه في المتن، هو رهن التحالفات، ما يعني أن مقاعده حكما إلى زيادة.
ويحافظ كل من حزب البعث (نائبان) والقومي السوري (نائبان) على مقاعدهما، إلا في حال حصد الأخير مقعداً إضافياً في طرابلس الثالثة أو المتن.
أما الجماعة الإسلامية (نائب واحد) والتي لديها قوة ناخبة، لكن مشتتة بين طرابلس، وإقليم الخروب، وصيدا، وبيروت، والبقاعين الغربي والأوسط، قد تحافظ على مقعدها أو تخسره، لأن حجم الجماعة الإسلامية يحدده الحريري الذي لم يقرر بعد إن كان سيتحالف معها أم لا.
كما للكتلة الشعبية حظوظ بهذا القانون لتسترجع كتلتها النيابية التي فقدتها في 2009.
وحول إمكانية وصول وجوه جديدة من المجتمع المدني إلى مجلس النواب المقبل، أكد شمس الدين أن هذا الأمر منوط بأمرين: أولهما توحّد قوى المجتمع المدني واتجاهها نحو مرشح موحد في لائحة معينة، وثانيهما معرفة الإستفادة من النقمة الشعبية.
بالتالي، إذا لم تستطِع قوى المجتمع المدني أن تعبر عن حركة الاحتجاج هذه في صناديق الاقتراع، سنكون في أيار 2018 أمام قانون جديد بمجلس قديم، مع تغيير بسيط في أحجام الكتل، قوامه رابحٌ أكبر هو الثنائي الشيعي وخاسر أكبر هو تيار المستقبل.