لم يكن المعنيون في الأجهزة الأمنية، سواء الرسمية أو في جهاز أمن المقاومة، بحاجة الى محاولة اغتيال المقاوِم محمد حمدان يوم 14 كانون الثاني، في صيدا، ليدركوا حجم الاختراق الاستخباري الاسرائيلي للساحة اللبنانية. ليس الحديث هنا حصراً عن اختراق للسيادة وحسب، بل عن اختراق أمني، بكل ما للكلمة من معنى.

فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي حقق إنجازاً في كشف شبكة التجسّس التي نفّذت محاولة الاغتيال، وضبط سيارتين وعشرات الأدلة من منازل دهمها في بيروت وطرابلس. بالتوازي، تستمر مديرية استخبارات الجيش بالتحقيق في الجريمة نفسها، واستجواب عدد من الشهود والموقوفين. وفي الجهازين، يتكشّف حجم الاختراق المعادي، وقدرات استخبارات العدو العملانية، والإحاطة المعلوماتية الاستعلامية التي يملكها عن المناطق اللبنانية، وعن الشوارع والأحياء والزواريب و«المناطق الآمنة».
رغم ذلك، لم تجد السلطتان، السياسية والقضائية، أيّ داعٍ بعد لعقد اجتماع جدي للأجهزة الأمنية، لتوحيد جهودها، من أجل وضع استراتيجية واضحة لمواجهة هذا الخطر.

 

فمن تمكّن من زرع عبوة ناسفة في صيدا، وتفجيرها، يستطيع أن يكرر الفعل نفسه في أي منطقة أخرى في لبنان. مع ذلك، لم تتصرّف النيابة العامة بصفتها فعلاً صاحبة القرار في إدارة التحقيقات. ولا السلطة السياسة تبدو معنية بما يجري، وتتصرف حتى اليوم مع الاختراق الامني المعادي بالطريقة نفسها التي تتعامل بها مع الاختراق الجوي الاسرائيلي شبه اليومي للأجواء اللبنانية.
وفي انتظار تحرّك قضائي سياسي لمواجهة العدوان الاسرائيلي المتمادي، يستمر فرع المعلومات في تحقيقاته في جريمة محاولة اغتيال حمدان. وبعد كشفه اثنين من أعضاء خلية التنفيذ، وتثبّته من كون الخلية تعمل لحساب الاستخبارات الاسرائيلية، ينتظر الفرع تسلّم مشتبه فيه بالجريمة، كان قد غادر بعد تنفيذها الى تركيا. وقد تدخّل رئيس الحكومة سعد الحريري واتصل بمدير الاستخبارات التركية حقان فيدان، طالباً منه توقيف لبناني غادر بيروت جوّاً إلى اسطنبول، ليل الثلاثاء 16 كانون الثاني. وذكر الحريري لفيدان أن اللبناني المطلوب مشتبه في مشاركته بمحاولة اغتيال قيادي من حركة حماس. وبعد أقل من ثلاث ساعات من اتصال الحريري بفيدان، أوقفت الاستخبارات التركية المطلوب اللبناني. واتصل الاتراك بالجانب اللبناني، طالبين إرسال الوثائق اللازمة لاسترداده. ويُتوقَّع، في حال لم تظهر أيّ مفاجآت، أن يُستعاد المطلوب اليوم أو غداً، من دون أن يُعوِّل المعنيون كثيراً على محورية دوره في تنفيذ الجريمة.
من جهة ثانية، من المتوقّع أن ينخفض منسوب التوتّر بين الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي هذا الأسبوع، بسبب الزيارة التي يبدأها رئيس الجمهورية غداً للكويت، وسفر الرئيس سعد الحريري إلى دافوس. وفيما أكّد أكثر من مصدر وزاري أن الاجتماع الذي جرى الاتفاق عليه في جلسة الحكومة الأخيرة للجنة الوزارية المكلّفة بمتابعة قانون الانتخاب، بناءً على طلب وزير الخارجية جبران باسيل، للنقاش في تعديل مهل تسجيل المغتربين في قانون الانتخاب، لم يحدّد بعد، أكّد مصدر وزاري آخر أن الاجتماع سيعقد الجمعة المقبل بسبب سفر الحريري إلى الخارج.
وتنتظر البلاد توقيع عون مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي وقّعه وزير الداخلية ورئيس الحكومة وأُرسل إلى رئاسة الجمهورية. فبعد أن طلبت رئاسة الجمهورية إدراج توقيع وزير الخارجية عليه بسبب انتخاب المغتربين، جرى الالتزام برأي مجلس شورى الدولة وهيئة الاستشارات والتشريع بعدم ضرورة توقيع باسيل. ومن المفترض أن يوقّع عون المرسوم الأسبوع الحالي أو بداية الأسبوع المقبل، ما دام الموعد المعتمد للانتخابات في أيار هو الموعد الأساسي، والمرسوم يجب أن يوقّع وينشر قبل 90 يوماً من موعد الانتخابات، بعد أن جرى الحديث عن ضرورة توقيعه قبل 90 يوماً من موعد الانتخابات المخصّصة للمغتربين في 27 نيسان