كما هي الحال في المنطقة المجردة من السلاح بين الكوريتين الشمالية والجنوبية، والجدار الذي بنته تركيا بطول 180 كيلومتراً في أتيلا، الذي يفصل الأتراك المسلمين شمال قبرص عن اليونانيين المسيحيين في جنوب قبرص في العام 1975، تصف إسرائيل الجدار الذي تنوي تشييده على حدود لبنان بأنه ضرورة لأمنها، سبق أن أثبت نجاحه في دول أخرى.
لكن هذا الجدار لا يتطابق مع رؤية لبنان لخط الحدود الدولية بينه وبين الأراضي الفلسطينية. لكن إسرائيل تبرره بأنه ضرورة رداً على المخاوف من أن يقوم حزب الله بغزو بري لشمال إسرائيل، ومحاولة الاستيلاء على المجتمعات الإسرائيلية على طول الحدود.
ستبدأ المرحلة الأولى من الجدار من رأس الناقورة، في الشمال الغربي من فلسطين المحتلة، حتى 12 كيلومتراً إلى هانيتا شرقاً، ومن ميسغاف عام القريبة من مستوطنة كريات شمونة إلى المطلة. ومن المتوقع أن يمتد الجدار 80 كيلومتراً من رأس الناقورة على الساحل إلى هار دوف وسلسلة جبال الحرمون في الشرق.
وقد توقعت مصادر أمنية إسرائيلية سابقاً أن يحتج لبنان على بناء هذا الجدار، وكررت قولها في مناسبات عدة أن حزب الله قد يحاول تعطيل العمل عليه من خلال تنظيم تظاهرات على أساس أن الجدار لا يلتزم بالحدود الدولية المعروفة بالخط الازرق، وأن الحزب قد يستخدم نيران القناصة لتعطيل أعمال البناء. لكنها قللت من خطر اندلاع حرب على خلفية تشييده. فالحزب، في رأيهم، غير مهتم بالصراع الشامل.
تعتقد إسرائيل أن هذا الجدار سيدفع حزب الله إلى العمل من لبنان وسيزيل تهديدات الأنفاق والهجمات البرية. ووفق ما صرح نيتسان نوريل، وهو المدير السابق لمكتب مكافحة الارهاب في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي والنائب السابق لقائد فرقة الجليل في الجيش الإسرائيلي، فإن حزب الله يجب أن يقرر إذا ما كان سيستخدم قدراته الاستراتيجية قبل الانتهاء من بناء الجدار، مشدداً على أنه إذا استخدمها قبل تشييده فإنه يعرض نفسه لخطر حرب لبنان الثالثة.
وتبدو إسرائيل حازمة في قرارها عدم التراجع عن بناء الجدار. إذ اتهم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت حزب الله بمواصلة الاستعداد للحرب في القرى والمدن والبلدات جنوب نهر الليطاني، و"بتسليح نفسه بأسلحة أكثر فتكاً ودقة لإيذاء الجبهة الإسرائيلية". وقد أدى ذلك إلى قيام إسرائيل باستثمار مبالغ كبيرة من المال والجهد لتعزيز دفاعاتها على طول الحدود مع لبنان على مدى السنوات الماضية. ما خلق عقبات مثل المنحدرات الاصطناعية وبناء حواجز عالية للمساعدة في منع الهجمات البرية.
سيبلغ ارتفاع الجدار 6 أمتار، وهو شبيه بـ"السياج الذكي" الموجود على الحدود بينفلسطين المحتلة ومصر، وفي هضبة الجولان، وعلى امتداد 30 كيلومتراً من الحدود الفلسطينية- الأردنية. وتقدَّر تكلفة بنائه بأكثر من 120 مليون شيكل. وهو في جوهره رد مباشر على تشكيل قوات الرضوان، وهي فرقة كومندوس تابعة لحزب الله ومدربة على القتال داخل أراضي إسرائيل، وخطاب السيد حسن نصرالله عن تطوع "مئات الآلاف" من الميليشيات الشيعية للقتال معه ضد إسرائيل إذا ما هاجمت سوريا أو لبنان.