كلما نمضي قدما يتبين يوما بعد يوم مصداقية المقولة الشهيرة التي طرحها المرشد الأعلى الإيراني قبيل التوقيع على الإتفاق النووي وهي عبارة عن أن أمريكا ليست قابلة للثقة وكأنه كان يرى بأم عينيه أن الغطرسة الأميركية هي أكبر حافز لها لخرق عهودها وعقودها مع الآخرين.
وتلك الغطرسة لن تقف عند الحدود الترامبية كما لم تتوقف عن سلفه، وأوضح دليل على تلك الغطرسة هو أن الولايات المتحدة منذ اليوم التالي للتوقيع على الخطة الشاملة المشتركة الناتجة عن الاتفاق النووي تضيف أسماء كيانات وأشخاص إيرانيين إلى لائحة عقوباتها التي لن تتوقف إلا بعد فرض العقوبة على ثمانين مليون إيرانيا بحجة أنهم إما إرهابيون وإما لديهم إرتباطات وصلات مع الإرهابيين! واستمرت الولايات المتحدة في فرض العقوبات حتى وصلت أخيرا إلى رئيس القضاء الإيراني ووضع إسمه على لائحتها للعقوبات بحجة أن فرض العقوبات على أسماء جديدة لا ينافي الإتفاق النووي، بينما تطالب إيران بأشياء لا صلة لها بالإتفاق النووي ومنها إيقاف مشروعها الباليستي وإيقاف دعم الحوثيين والخروج من العراق وسوريا وفتح جميع أراضيها للتفتيش النووي، ولا صلة لأي من تلك المطالب بالاتفاق النووي.
إقرأ أيضًا: أمريكا تسرق فخر القضاء على داعش
بطبيعة الحال لا أريد تبرير ما تفعله إيران في أي من تلك المناطق ولكن أريد أن أستنتج منطقيا بأنه إذا يحق لأمريكا أن تصدر يوميًا لائحة جديدة بأسماء إيرانية لإدراجها تحت عقوباتها ثم تبرر ذلك بأنه لا يمثل خرقًا للإتفاق النووي، فإن إيران أيضًا لها حق القيام بأي فعل لا يعارض الإتفاق النووي، بداية من الإختبارات الصاروخية الباليستية وصولًا إلى دعم الحوثيين مرورا بتوسيع رقعة نفوذها في العراق وسوريا وغيرهما كما الولايات المتحدة نشرت قواتها العسكرية في سوريا بحجة الدعم التدريبي والإستشاري للأكراد ولا تنوي مغادرتها بعد أداء مهامها.
فإن إيران لم تتعهد في الإتفاق النووي بما يعارض تدخلها في سوريا والعراق ودعمها للحوثيين.
وهذا ما أثار إستغراب مراسل إذاعة أمريكا عندما سأل سفيرة ترامب في الأمم المتحدة "أفترض أن الإتفاق النووي هو إتفاق سيء ولكننا وافقنا عليه وإيران التزمت به ولكنها تقوم بأعمال لم يمنعها الإتفاق النووي من القيام بها كدعم الحوثيين".
هل أن ما يقومون به هو خرق الإتفاق النووي أم مجرد تصرفات سيئة؟
ترد السفيرة نيكي هالي أن "تلك التصرفات ليست خرقا للإتفاق النووي ولكنها خرق لعدد من القرارات الأممية".
ومن الواضح جدًا أن القرارات الأممية ليست ملزمة وهناك كثيرون لا يلتزمون بالقرارات الأممية ولكن العقود تختلف عن القرارات حيث أنها ملزمة.
إن ما تتوقعه حكومة ترامب من إيران ليس مقنعا بالنسبة لمراسل إذاعة أمريكا (voa) فكيف بخامنئي الذي لم يكن يثق بإدارة أوباما فضلًا عن ترامب؟!