على وقع تحذيرات أمنية، والكشف عن مخططات إرهابية، ثمة من يبدي تخوفاً على الاستحقاق الانتخابي. لا يخفي كثيرون في لبنان دقة الوضع، مع دخول العامل الإسرائيلي على الخطّ مجدداً، من خلال محاولة اغتيال أحد كوادر حركة حماس في صيدا، الأحد 14 كانون الثاني 2018. وهذا ما اعتبره الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تطوراً خطيراً لا يمكن التساهل معه، لأنه قد يؤشر إلى مرحلة جديدة مع العمليات الأمنية التي قد يتعرض لها لبنان. لكن نصرالله أكد أن الانتخابات ستحصل في مواعيدها، وهي غير قابلة للتأجيل.
وفيما ينفي نصرالله سعي أي طرف لتأجيل الانتخابات، يتردد في الكواليس السياسة كلام عن احتمال إنعكاس الأزمة السياسية الحاصلة بين بعبدا وعين التينة، على الاستحقاق الانتخابي. على أن يُضاف ذلك إلى الخطر الأمني، وعدم حسم مسألة التحالفات، واعتراض قوى إقليمية ودولية على قانون الانتخاب والنتائج التي سيفرزها، وسط التوقعات التي تفيد بأن حزب الله سيحصل مع حلفائه على ثلثي أعضاء المجلس، وهذا ما ترفضه قوى إقليمية لا تريد حصول ذلك، إلى جانب أسباب مالية وتحالفية بالنسبة إلى أفرقاء آخرين. لا يعني هذا الكلام أن الانتخابات أصبحت بحكم المؤجلة، ولكن هناك تخوفاً من الذهاب في هذا الاتجاه، رغم السعي الحثيث لتجنّب ذلك.
وعلى صعيد متّصل بالاستحقاق الانتخابي، يستعد لبنان لعدد من المؤتمرات الدولية الداعمة له، على الصعيد العسكري في مؤتمر روما 2، أو على الصعيد المالي والإقتصادي من خلال مؤتمر باريس 4 أو ما سيطلق عليه اسم مؤتمر "سيدر1". وفي التمهيد للدخول إلى هذه المؤتمرات والإعداد لها، أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق عن إحباط مخطط لتنظيم داعش، كان يستهدف لبنان، وذلك بعد نجاح شعبة المعلومات بتجنيد أحد قياديي التنظيم لمدة خمسة أشهر، ما أنتج الكشف عن كثير من المخططات والعمليات والمعلومات.
لا تنفصل هذه التطورات السياسية والتحضيرات لعقد هذه المؤتمرات، عن السعي الدولي لمواجهة حزب الله بشتى الطرق. وهذا ما كان حاضراً في كلام نصرالله، الذي تناول مسألة تشكيل وزارة العدل الأميركية لجنة للتحقيق في تجاوزات مالية لحزب الله، واتهامه بالاتجار المخدرات. وهذا ما اعتبره نصرالله مساعي دولية لتصنيف الحزب منظمة إجرامية، بعد الفشل في تصنيفه منظمة إرهابية لأنه كان طرفاً أساسياً في محاربة الإرهاب. وبعض الدول التي صنّفته إرهابياً كانت تتواصل معه سرّاً للتنسيق الأمني.
ويبدو أن الحركة الأميركية ستلاقيها حركة أوروبية جديدة بقيادة فرنسية، إذ ستسعى باريس إلى استباق مؤتمر "سيدر1" بعقد مؤتمر لمكافحة الإرهاب في خلال الأيام المقبلة، على أن يركز هذا الاجتماع على كيفية مواجهة الارهاب وتجفيف منابع تمويل منظماته. وتلفت المعلومات إلى أن المؤتمر سيحضره وزراء وشخصيات أمنية من دول عدة، على أن تُوضع خلاله استراتيجية لمواجهة الإرهاب، والبحث في كيفية تفكيك المنظمات المسلّحة في الشرق الأوسط، وتسليم أسلحتها لمصلحة الأجهزة الرسمية والشرعية. وهذا أيضاً ينسحب على حزب الله.
يحصل هذا الحراك الدولي بناء على تنسيق أميركي فرنسي سعودي. ومن الواضح أن السعودية ماضية في ما تريد تحقيقه بشأن مواجهة حلفاء إيران في المنطقة. بالتالي، فإن لبنان سيكون حاضراً أساسياً في هذه الاجتماعات والنقاشات، خصوصاً أن بعض المعلومات تفيد بأن هناك شروطاً دولية، خليجية وأميركية بالتحديد، بشأن ضرورة التزام لبنان ببعض المقررات الدولية، ليكتب للمؤتمرات الداعمة له النجاح. فمن دون إلتزام لبنان بهذه المقررات أو الشروط، فإن الدول المانحة لن توافق على منح لبنان المساعدات أو القروض التي يطلبها.