يقول قطب سياسي ان استمرار التراشق السياسي بين رئاستي الجمهورية ومجلس النواب مباشرة أو عبر المعاونين، ينتظر ان ينعكس على الانتخابات في عدد من الدوائر، التي كان أدى تبادل الأصوات فيها خلال انتخابات 2009 الى فوز البعض بعدد المقاعد النيابية، خصوصاً في دوائر كسروان وجبيل وجزين، إذ في حال استمرت هذه الأزمة بلا حل، فإنها حتماً ستغير قواعد اللعبة الانتخابية، أقله في هذه الدوائر، حيث أن حركة «أمل» وأنصارها قد لا يمنحون اصواتهم للوائح «التيار الوطني الحر»، وبالعكس، فضلاًً عن ان هذا الأمر سينسحب على دوائر اخرى يوجد فيها ناخبون مؤيدون للطرفين.
على ان هذا القطب يتخوف على مصير الاستحقاق الانتخابي من عوامل اخرى، لعل ابرزها العامل الاقليمي، حيث يؤكد ان معركة كبرى يجري التحضير لها منذ بضعة اشهر، وكان متوقعاً نشوبها في المنطقة قبل بضعة اشهر، ولكن التدخل الاوروبي أدى الى تأخيرها، ولا يبدو انه دفع الراغبين في شنها الى إلغائها نهائياً.
ولذلك يلاحظ القطب السياسي إياه في هذا السياق، ان المناخ العام الذي يسود المنطقة هذا الشتاء هو مناخ مواجهة بين الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية من جهة، والجمهورية الاسلامية الايرانية وحلفائها من جهة ثانية، ويتوقع ان يكون لبنان واليمن أبرز ساحات هذه المواجهة، فيما اسرائيل تتربص وتتوعد يومياً، ولن تتردد عن المشاركة في هذه المواجهة الى جانب الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها، انطلاقاً من إعتبارها ان ايران و«حزب الله» يشكلان خطراً وجودياً عليها، وما الجدار العازل الذي بدأت تقيمه على حدود لبنان الجنوبية الّا مؤشراً الى حرب تنوي شنها على الجبهة الجنوبية اللبنانية، وصولاً الى الجبهة السورية.
ويرى القطب ان ليس واضحاً بعد ما اذا كان الاتحاد الاوروبي سيتدخل مجدداً لمنع هذه المواجهة عبر التحذير من خطورة اتساع مداها ليشمل المنطقة برمتها، وكذلك ليس واضحاً بعد ما اذا كانت روسيا ستتدخل من جهتها لمنع هذه المواجهة كونها ستستهدف حليفتها ايران وحلفائها وفي مقدمهم سوريا و»حزب الله»، خصوصاً ان اسرائيل تواصل غاراتها الجوية والصاروخية من حين الى آخر على مواقع داخل سوريا تزعم أنها تابعة لحزب الله، ويقال ان بعض هذه الغارات يستهدف أحياناً ومباشرة مواقع او مصالح ايرانية قائمة على الاراضي السورية. علماً ان موسكو تعتبر ان مثل هذه المواجهة قد تعطل جهودها لتحقيق الحل المنشود للأزمة السورية.
على ان هذه المواجهة المحتملة تلقي بظلال من الخوف على الساحة اللبنانية وتبعث على الاعتقاد بأنها في حال حصولها في الربيع المقبل، حسب خشية البعض، ستمنع اجراء الانتخابات النيابية المقررة في السادس من ايار.
خصوصا أنه لا يُخفى على كثيرين ان بعض الافرقاء السياسيين ومعهم بعض الجهات الاقليمية والدولية قد لا يضيرهم عدم حصول هذه الانتخابات لاقتناعهم بأن النتائج التي ستسفر عنها لن تكون في مصلحتها في هذه الظروف في حال اجريت وفق القانون الانتخابي الجديد الذي يعتمد النظام النسبي وترى انه سيمنع حلفاءها من الفوز بالاكثرية النيابية المرموقة او حتى المطلقة التي تمكنهم من الفوز بالسلطة مستقبلاً.
ولا يستبعد كثير من المهتمين احتدام السجال والنقاش في قانون الانتخاب في ضوء التعديلات التي يقترح البعض ادخالها عليه ورفض البعض الآخر المطلق لها، فصحيح ان الخلاف المستحكم حالياً يظهر ان المعنيين به يحاولون الافادة منه انتخابياً لشد العصب في البيئات السياسية والطائفية التي ينتمون اليها بغية الحصول على عدد كبير من المقاعد النيابية، ولكن الأصح ان هذا الخلاف بدأ يهدد مصير الانتخابات برمتها، وذلك على رغم تأكيد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من ان هذه الانتخابات ستجري في موعدها.
وثمة من يعتقد انه أياً كان مصير هذا الاستحقاق الدستوري، فان لبنان بدأ يدخل مرحلة جديدة على مستوى علاقات القوى السياسية او بعضها مع بعض العواصم الاقليمية المعنية او المهتمة بالشأن اللبناني، الأمر الذي سيولد واقعاً جديداً على مستوى تركيبة السلطة المقبلة التي يفترض انها ستعمل على استكمال تنفيذ «اتفاق الطائف» خصوصاً ان اقرار قانون الانتخاب الجديد ذا النظام النسبي يُعتبر، في رأي بعض أساطين هذا الاتفاق، المؤشر الاول في هذا الاتجاه.