في ظلّ استفحال الخلاف بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري، والذي يُخشى أن يكون قد بلغ نقطة اللاعودة، يترقّب الجميع المواقف التي سيعلنها الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله اليوم.
وإذ رجَّح البعض بأن تُلامس مواقفه هذه الأزمة الرئاسية الناشئة ممّا سُمّي «أزمة المرسومين»، علمت «الجمهورية» من مطّلعين على فحوى خطابه بأنه لن يتطرّق إلى هذه الأزمة، لا من قريب ولا من بعيد، وأنّ خطابه سيكون خطاباً تكريمياً للشهداء، فالمناسبة هي أربعين الحاج فايز مغنية والذكرى السنوية لشهداء القنيطرة.
كذلك سيتطرّق السيّد نصرالله في جانب من خطابه إلى الشأن الفلسطيني، في ضوء تهويد القدس بفعل القرار الأميركي الاعترافَ بها عاصمةً لإسرائيل، ولا يُستبعد أن يركّز داخلياً على بعض الشؤون السياسية وفي مقدّمها الاستحقاق النيابي، في ضوء تحضيرات مختلف الأفرقاء السياسيين لخوض الانتخابات النيابية.
عون
وكان عون قد شدّد أمس مجدداً على وجوب احترام «أحكام المؤسسات القضائية والهيئات الرقابية وقراراتها، لأنّ هذه المؤسسات أنشِئت لإحقاق الحقّ والفصلِ في النزاعات، بعيداً عن الضغوط والتشكيك بنزاهة أركانِها وحيادهم».
ودعا خلال استقباله رئيسَ مجلس شورى الدولة القاضي هنري خوري وأعضاء مكتب المجلس إلى «إبقاء السياسة بعيدةً من عمل المؤسسات القضائية ولا سيّما منها مجلس شورى الدولة، وأن تكون الأحكام والقرارات الصادرة عنه مستندةً فقط إلى النصوص القانونية التي لا تحتمل أيَّ تأويل». وقال: «كلّما أبعَدنا السياسة عن عمل القضاء، ضَمنّا تحقيقَ العدالة والمساواة ومنَعنا أيَّ تأثير على ضمائر القضاة أو تجاوزٍ للقوانين».
إنزعاج غربي
وعلمت «الجمهورية» من مصادر مطّلعة أنّ هناك انزعاجاً غربياً عاماً حيال الأداء السياسي اللبناني وعدم اغتنام المسؤولين الفرَص المعطاة للبنان دولياً وهدرها في خلافاتهم الداخلية وتعطيل نتائجها.
وفي حين تُشدّد المراجع الدولية على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، تُبدي انزعاجَها في المقابل من الإرباك الداخلي في التعاطي مع قانون الانتخاب، ما ينعكس استعدادات غير جدّية لإجرائها.
وفي المعلومات أنّ بعض الوفود ذات الطابع الاقتصادي أخّرَت مجيئها إلى لبنان بسبب الخلافات السياسية المستحكمة بين المسؤولين اللبنانيين الذين يعتقدون أنّ التراشق في ما بينهم يبقى داخل الحدود، لكنّهم لا يدركون أنّ أصداءَه تصل إلى كلّ عواصم العالم من خلال البعثات الديبلوماسية العاملة في لبنان ومن خلال وسائل الإعلام المنتشرة بكثافة.
وتخوَّفت هذه المراجع من تردّدات ما يجري على الاستعدادات القائمة لدى الدول المانحة والصديقة للبنان.
مؤتمر روما
في غضون ذلك، يُعقد في قصر بعبدا بعد ظهر اليوم اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيس الحكومة وأعضاء المجلس من وزراء وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية والقضاة، وعلى جدول الأعمال التحضيرات الجارية لمؤتمر «روما 2» والوضع الأمني في البلاد.
وقالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ قادة الأجهزة الأمنية وضَعوا خططاً من ضِمنها حاجاتُها من أسلحة وعتادٍ عسكري، ويتوقع أن ينتهي الاجتماع بتأليف لجنةٍ لصوغ ورقةٍ واحدة تتضمّن حاجات المؤسسات العسكرية والأمنية، ولتكونَ الورقة الرئيسية التي ستُطرح على المؤتمر. وكذلك سيناقش المجتمعون الأوضاع الأمنية في البلاد عموماً وما تحقّقَ على مستوى مواجهة الإرهاب والشبكات الإرهابية وتلك التي تعبثُ بالأمن وتمارس السرقات المنظمة.
وكان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق قد عرض أمس مع المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان للتحضيرات المتعلقة بمؤتمر «روما 2» الذي سيَشهد إقرارَ مساعداتٍ لقوى الأمن الداخلي. وتطرّقَ البحث إلى الوضع الأمني بعد التطوّرات الأخيرة.
حرّاس الأحراج والقنصليات
وبالعودة إلى جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في السراي الحكومي أمس برئاسة الحريري، فقد سادتها أجواء هادئة، لكنّ ما عكّرها ونغّصَها نسبياً موضوعٌ يتعلّق بحرّاس الأحراج والقنصليات، حيث طرَح وزير الزراعة غازي زعيتر إشكالية عدمِ تعيينِ 106 من الناجحين في مجلس الخدمة المدنية والذين صَدر مرسومهم ووقّعه وزيرُ المالية، لكنّ رئيسَي الجمهورية والحكومة لم يوقّعاه بسبب عدمِ التوازن.
فاقترح زعيتر أن يتّخذ مجلس الوزراء قراراً بتعيين 39 من الطائفة المسيحية، فعارَضه الوزير محمد فنيش مؤكّداً «أنّ هذا الأمر يحتاج إلى قانون وتعديل»، وأيّده بعض الوزراء، فتوقّف النقاش في هذا الموضوع من دون اتّخاذ قرار في شأنه.
أمّا في ما يتعلق بموضوع إنشاء القنصليات فقد طرَح باسيل إنشاءَ 52 قنصلية جديدة ضِمن خطةِ إنشاء 162 قنصلية لبنانية في العالم، فاعترَض الوزير مروان حمادة، ودار سجال بينَه وبين باسيل انتهى إلى تأجيل النقاش في هذا الملف إلى الأسبوع المقبل.
واعتبَر عدد من الوزراء أنّ موضوع إنشاء القنصليات يَدخل ضمن الإغراءات الانتخابية وتجارة القناصل، بحيث إنّ إنشاء القنصليات سيَستجرّ تعيينَ قناصل لا حاجة لهم سوى أنّهم سيَحصلون على جوازات سفر ديبلوماسية مقابل خدمات غيرِ مستحبّة على أبواب الانتخابات.
«التيار»
وقالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» إنّ بَند تمديد تسجيل المغتربين للانتخابات النيابية لم يحصل نقاشٌ كبير فيه، إذ طلبَ الحريري إحالته إلى لجنة قانون الانتخاب التي ستجتمع مبدئياً الاثنين المقبل. وقد طلب باسيل، في حال عدمِ حصول اتفاق عليه، إعادةَ إدراجِه على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل، علماً أنه كان قد سألَ الحريري عن سبب رفضِه أن يناقشَ مجلس الوزراء هذا المشروع، وقال: «بحجّة الوقت ثمّة محاولة لتهريب الإصلاحات، وفي هذا الموضوع تُكرّرون المحاولة نفسَها وتُضيّعون الوقت».
وأشارت المصادر إلى «أنّ النقاش تناوَل أيضاً مطمرَ «الكوستابرافا» للنفايات، واتُّفِقَ على إنشاء معمل التسبيخ ضمنه بواسطة المناقصة. أمّا بالنسبة الى تطوير معملَي فرز النفايات في العمروسية وبرج حمود، فطلب بعض الوزراء أن يحصل ذلك بالتراضي، بذريعة أنّ الوقت يَدهمنا، لكنّ وزراء «التيار» رفضوا ذلك وأصَرّ باسيل على إجراء مفاوضات لخفضِ السعر والعودةِ به إلى ما يتمّ الوصول إليه في مجلس الوزراء للبتّ به».
وأكّدت المصادر نفسُها أنّ ملفات وزير الزراعة غازي زعيتر أدرِجت أمس في جدول أعمال الجلسة بعد الضجّة التي كان قد أثارَها خلال الجلسة الماضية، فنوقِشت بنداً بنداً، وتبيَّن أنّها غير مكتملة. وتحدّثت المصادر عن «دفاع باسيل ووزير الإعلام عن عرض فيلم «the post» للمخرج ستيفن سبيلبرغ، وقال باسيل: «إذا كانت القضية هكذا، هل توقفون كلَّ الأفلام في لبنان وتقفِلون كلَّ صالات السينما وتتوقّفون عن شربِ الـ«ستارباكس» والكوكا كولا؟ وهل استفاقوا على سبيلبرغ الآن؟ وهل لم يحضر أحد في لبنان فيلم ET الشهير؟».
فرنجيّة
في جديد المواقف السياسية، أكّد رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية أنّ «التيار الوطني الحر» يريد احتكار الساحة المسيحية، ونحن نقول إنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هو الأقوى لكنّه ليس الأوحد على الساحة».
وقال فرنجية في حديث مع الزميل مارسيل غانم عبر برنامج «كلام الناس» أمس «إنّنا تحمّلنا طوال فترة 10 سنوات مِن أجل خطّنا السياسي، ونحن ضدّ ايّ مشروع يريد إلغاءَ وجودنا ودورنا، وأعتبر أنّ «الوطني الحر» وجِد ضدّ الهيمنة وما كان يفعله غازي كنعان من تعيينات يَفعله «التيار» بنفس الطريقة». ورأى أنّ «التعاطي الموجود اليوم لا يشبه «التيار الوطني الحر»، فعندما كان حليفَنا كان الناس يعتبرون العماد ميشال عون ملكاً لهم، أمّا قيادة «التيار» فتعتبر أنّ الجميع ملكٌ لها».
وأوضَح فرنجية أنّ الوزير جبران باسيل «أعلن حرب إلغاء علينا بعد 4 أيام من انتخاب عون رئيساً، وكان التنسيق عونياً قواتياً ضدّنا». وسأل: «هل يُعقل أن يتمّ تعديل قانون الانتخابات قبل شهر من حصولها، ولو كان باسيل قام بتسجيل عدد أكبر من المغتربين هل كان سيقبل بتعديل القانون؟»، مشدّداً على أن «لا تعديل لقانون الانتخاب». ورأى أنّ «عون يستطيع أن يكون رئيساً تاريخياً أو يكون رئيساً عادياً، وأتمنّى عليه عدم الدخول في الزواريب بالبلد، وهذا الموضوع يُصغّر الرؤساء».