نجح رئيس الحكومة سعد الحريري في «انقاذ» الحكومة من «الغرق» في «بحر» الخلافات بين الرئاستين الاولى والثانية، وسحب «صاعق» الانفجار امس «بتهريب» اقتراح وزير الخارجية جبران باسيل حول تعديل مهل تسجيل المغتربين الى جلسة اللجنة الوزارية الخاصة بالانتخابات يوم الاثنين المقبل، لكن يبقى السؤال الجوهري المطروح بالحاح هل سينجح رئيس تيار المستقبل في عدم الانجرار وراء رغبات وزير الخارجية جبران باسيل لتوريطه في مواجهة سياسية - انتخابية «لايريدها» مع الرئيس نبيه بري...؟ في وقت تتجه الامور الى «فراق» انتخابي، لا سياسي، عن قناعة وتفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر...
اوساط وزارية بارزة استغربت اصرار الوزير باسيل على احراج رئيس الحكومة «المصر» على التأكيد في كل مناسبة بعيدة عن «الاضواء» انه ليس في وارد الدخول في ازمة مع الرئاسة الثانية، لكنه يجد نفسه مضطرا في كل مرة الى مجاراة رئيس الجمهورية ميشال عون... وقد انتقلت هذه المعضلة الى داخل تيار المستقبل الذي يشهد نقاشا حول صوابية الاستمرار في هذه السياسة، كما انها استفزت على الضفة الاخرى النائب وليد جنبلاط الذي «شمر» عن سواعده للوقوف مع الرئيس بري بعد ان بات مقتنعا بان ثمة «ثنائية» غير مرغوب بها تطل براسها من جديد، وسط قناعة تتكون في «المختارة» بان التيار الوطني الحر تفاهم مع حزب الله والشيعة للوصول الى الرئاسة، وهم اليوم ينسجون تفاهمات مع السنة لحكم البلد... وهذا الامر غير مقبول.
هذه الاتهامات التي ترى فيها اوساط التيار الوطني الحر «مبالغات» غير واقعية، وجزءاً من الحملة لمنع الاصلاح في البلاد، ومحاولة لاضعاف العهد، تتجسد عمليا في دائرة جزين- صيدا التي تحولت بعد «الكباش» بين الرئاستين الاولى والثانية الى «ام المعارك» ، لسبب بسيط، يرتبط بطبيعة «الهزيمة» المعنوية التي يخشى منها التيار الوطني الحر، المتوجس من فقدان مقعدين من المقاعد الثلاثة في جزين...
وفي هذا السياق تؤكد اوساط معنية بهذا الملف وجود ضغوط كبيرة من قبل وزير الخارجية جبران باسيل على رئيس الحكومة سعد الحريري «المتردد» في حسم موقفه من التحالف في هذه الدائرة لكي لا تسجل عليه نقطة سلبية في «عين التينة» يدرك انها ستنعكس انتخابيا وسياسيا على دوائر اخرى... ووفقا للمعلومات فان الماكينة الانتخابية «الزرقاء» نصحت الحريري بعد شرح «معقد» بالارقام للاسباب الموجبة، بعدم التحالف مع اي فريق لان تيار المستقبل وحده قادر على الفوز بمقعدين واحد سني في صيدا، وكاثوليكي في جزين، اما في حال تحالفه مع التيار الوطني الحر فهو لن ينال الا المقعد السني في صيدا، ويذهب الكاثوليكي ومقعد ماروني للتيار، ومقعد لمرشح الرئيس بري ابراهيم عازار، ومقعد صيدا الثاني سيناله رئيس التنظيم الشعبي الناصري اسامة سعد... فهل سيضحي الرئيس الحريري بمقعد «كرمى» لـ«عيون» جبران؟ واين سيطالب بتعويضه؟ سؤال لم يقدم رئيس الحكومة حتى الان اي جواب واضح بانتظار عروض التيار الوطني الحر التي لم تقدم حتى الان... وبحسب تلك الاوساط، فان الامين العام لتيار المستقبل احمد الحريري يخشى قبول الحريري بطرح باسيل لكنه يميل الى عدم الدخول «بشراكة» مع احد، وهو نصح رئيس الحكومة بعدم الاقدام على «تضحية» مجانية تضاف الى خسائر «التيار» في مناطق اخرى، خصوصا ان باسيل لا يرغب بتعويض «المستقبل» عن خسارته، وطالبه بعدم الرضوخ «لضغوطه». وبحسب اوساط «مستقبلية» الوزير باسيل يرى في معركة جزين - صيدا مفصلية «وكسر عظم» في وجه الرئيس نبيه بري، وخسارة مقعدين في هذه الدائرة، سيكون بمثابة انتكاسة لا يريد رئيس التيار الوطني الحر ان تسجل في خانته عبر «بوابة» «عين التينة»... لكن هل يعقل ان تكون على حساب «المستقبل»...؟
تفاهم على «الافتراق» بين حزب الله «والتيار
على الضفة الاخرى ينتظر حزب الله حسم التيار الوطني الحر لتحالفاته الانتخابية قبل التفاهم على «خريطة» التفاهمات الثنائية، وحتى الان لم يعقد الجانبان اي لقاء خاص بالشأن الانتخابي، على الرغم من عدم انقطاع التواصل السياسي على ارفع المستويات، وبحسب اوساط مطلعة معنية بهذا الملف تتجه الامور لعدم تشكيل لوائح مشتركة بين الطرفين في غالبية الدوائر المشتركة، لان الارقام تفيد بأن «الفراق» الانتخابي سيكون مفيدا للطرفين وهذا ما سيتم التفاهم عليه بعد انتهاء «التيار» من نسج تحالفته الانتخابية... وتضرب تلك الاوساط مثالا على ذلك دائرة بعبدا- عالية، ففي هذه الدائرة اذا تحالف الطرفان ضمن لائحة واحدة سيحصلان مجتمعين على ثلاثة مقاعد اما اذا افترقا في لائحتين متنافستين فستكون حصتهما اربعة مقاعد... وهذا ينطبق على معظم الدوائر الانــتخابية.
وفي هذا الاطار، ابلغ حزب الله التيار الوطني الحر ثوابته الانتخابية، وفي مقدمتها التحالف مع الرئيس بري في كل الدوائر ومع الحلفاء «التقليديين» للحزب، وخصوصا مع النائب اسامة سعد في دائرة جزين ـ صيدا، وعدم القدرة على الالتزام باي تحالفات تتناقض مع هذه الثوابت، وحتى الان لم تأت الاجابات من «التيار البرتقالي»...
حسم «التفاهم» بين امل وحزب الله
في المقابل حسم التفاهم بين حركة امل وحزب الله على تقاسم المقاعد النيابية مناصفة 13 لكل منهما، في الجنوب 9 نواب لحركة امل و5 لـ«حزب الله»، البقاع الغربي مقعد «لامل»، زحلة المقعد من «حصة» الحزب، وجبيل المقعد لحزب الله، ولم يحسم القرار بعد حول ما اذا كان سيتم التفاهم على المرشح مع التيار الوطني الحر، اما في بيروت فمقعد «لامل» ، ومقعد «لحزب الله»، بعبدا مقعدان مناصفة، بعلبك الهرمل 4 لـ«حزب الله»، واحد امل، اما مقعد حزب البعث فسيذهب الى اللواء جميل السيد... وحتى الان لم تحسم الاسماء بشكل نهائي وسط اجواء تفيد بعدم حصول تغييرات «دراماتيكية» في الوجوه الحالية.
«تريث» الحريري «ورغبة» جعجع
وفي التحركات الانتخابية ايضا استبقى الرئيس سعد الحريري الوزير رياشي على الغذاء بحضور الوزير غطاس خوري، وبحسب اوساط «المستقبل» جرى البحث في خطوات لاستعادة «الثقة» بين الجانبين، في ظل اصرار رئيس القوات سمير جعجع على انعقاد لقاء «غسيل قلوب» مع الحريري الذي كان حتى الامس «غير مستعجل» مع تأكيده عدم رفضه للقاء «مبدئيا»... في هذا الوقت تتواصل المساعي الحثيثة لازالة الالتباسات بين «القوات» و«التيار الوطني الحر» وفي هذا الاطار التقى جعجع النائب ابراهيم كنعان الذي اكد على ان المصالحة باقية...
تحذيرات من «التعطيل»
وفي سياق متصل حذرت مصادر وزارية بارزة من افتعال خلاف حول موعد دعوة الهيئات الناخبة ما بين 22 كانون الثاني الجاري أو 5 شباط المقبل. وبرايها فان خلافاً كهذا، قد يكون تفصيلياً وبسيطاً وثانوياً وغير أساسي، لكنه قد يصبح جوهرياً وأساسياً لان قد يضع العملية الانتخابية برمّتها أمام إشكالية قانونية، وربما دستورية، الأمر الذي من شأنه أن يحمل المراجع القضائية على «إبطال» الاستحقاق الانتخابي.
«سجالات» حكومية
نجح رئيس الحكومة سعد الحريري في «نأي» جلسة الحكومة عن الازمة السياسية بين الرئيسين عون وبري، واحال طرح باسيل حول المغتربين الى اجتماع اللجنة الوزارية الاثنين المقبل، وقد ابلغ رئيس الحكومة وزير المال علي حسن خليل بقراره قبيل انعقاد الجلسة، وهو قرار اتخذه بعد التشاور مع الوزير باسيل مساء امس الاول، وبعد تأكده ان الاقتراح لن يحصل على ثلثي الاصوات في الجلسة... ولم تخلو اجواء الجلسة من التشنج، ووفقا لاوساط وزارية، طالب وزير الخارجية الذي وافق على «المخرج» موقتا، بالعودة الى مجلس الوزراء في حال عدم النجاح في بته باللجنة الزارية، عندها سئله الوزير محمد فنيش عما اذا كان يلمح الى التصويت، فاجابه وزير المال علي حسن خليل بالقول «نحن لا نصوت في مجلس الوزراء»... وقد اعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق عقب الجلسة ان مسألة التعديل على المواعيد «صعب» تقنيا...
«مشكل» بين حمادة وباسيل
واللافت في الجلسة كان الانحياز الكامل لوزيري الحزب التقدمي الاشتراكي لموقف وزراء حركة امل، وكان وزير التربية مروان حمادة قد عاد عن مقاطعته لمجلس الوزراء وحضر مع الوزير ايمن شقير بطلب من النائب وليد جنبلاط، وقال حمادة ان مشاركته جاءت للتصويت مع الرئيس بري ضد القرار في حال عرضه على التصويت... وقد انفجر هذا التشنج داخل الحكومة بين حمادة والوزير باسيل على خلفية اقتراح الاخير على مجلس الوزراء الموافقة على انشاء 56 قنصلية جديدة، فاعترض وزير التربية مستغربا كيــف ان الحكومة لا تقبل بتعيين 106 من حراس الاحراج لاســباب تتعلق بالخلل الطائفي وتذهب الى انشاء هذا العدد من القنصليات، وتعيين 56 قنصلا، وتوجه الى باسـيل بالقول «الن تنتهي مسألة الاستئثار بالسلطة، انت باق ست سنوات في الوزارة ليش مستعجل»؟ مقترحا عدم حصول توظيفات الى ما بعد الانتخابات... عندها رد باسيل بانفعال» اترك لي مسألة اذا ببقى ست سنوات ام لا»... وانتهى السجال بتأجيل البت بطلب وزير الخارجية الى الاسبوع المقبل... وقد غرد الوزير جنبلاط لاحقا على تويتر وقال «يبدو ان البعض ذاكرته ضعيفة ويراهن على تطورات خارجية مؤكدا رفضه العودة الى الثنائيات قائلا ان الحل بالتشاور»... ووفقا لتلك الاوساط حصل سجال بين وزير الاعلام ملحم رياشي الوزير علي قانصو على خلفية اقتراح وزير الاعلام تحديد ضوابط لمسألة التعامل مع قانون مقاطعة اسرائيل لان الامور تخطت حدها، فرفض قانصو كلامه وقال انه يعبر عن نفسه، فتدخل باسيل مؤيدا رياشي في موقفه منتقدا ما يحصل وقال اذا قاطعوا «ستاربكس» وغيرها...
قرارات حكومية
وكان الرئيس الحريري استهلّ الجلسة قائلا، بإنّ من يسمع ما يصدر من مواقف حادّة عن ملفات الحكومة يعتقد أنّ هناك مشكلة معقّدة بيننا وأنّنا على خلاف مستعص ولا نتكلّم مع بعضنا البعض. لكن الحقيقة والواقع غير ذلك. المجلس يناقش أمورًا عديدة ويأخذ قرارات تهمّ تسيير أمور الناس والبلد». وقال أنّنا لسنا فريقاً سياسيّاً واحداً ووجهات النظر مختلفة. ما يصدر في الإعلام لا يصبّ في مصلحة الناس ولا يخدم البلد، وهناك أمور لها أولويات وتتطلّب حلولا. وأتمنّى التروي وتهدئة المواقف السياسية والتحلّي بالحكمة وكلّ الأمور المطروحة يمكن حلّها عبر التحاور والنقاش، وليس عبر انتهاج المواقف الحادّة والحملات الّتي تؤدّي إلى ردّات فعل». وفي القرارات لم يوافق مجلس الوزراء على اعفاء نادي الانصار من رسوم ضريبية، كما اقر فتح فروع جديدة لكليات ومعاهد في الجامعة اللبنانية في محافظات عكار وبعلبك ـ الهرمل وكسروان ـ جبيل اضافة الى كلية العلوم البحرية في البترون،وأعاد مجلس الوزراء التأكيد على توسيع مطمر الكوستابرافا وقرر تكليف المتعهد القديم معالجة مكب طرابلس وبناء حائط دعم ومطمر صحي بحانب المكب الحالي.