أولاً: الخوري يوسف مسرح أيام رستم باشا
يروي الأديب مارون عبود حكاية الأرملة "مارينا" من قرية عين كفاع (بلدة الأديب)، والتي نُكبت على يدي الخوري يوسف مسرح (وكيل الوقف) أيام رستم باشا، ومآثر هذا الكاهن كما يقول عبود لا تُحصى، وسجلات محاكم كسروان والبترون وبعبدا على عهد المتصرفية حاملة بالدعاوى التي أقامها المحترم على أهالي القرية، ولم ينجُ منها إلاّ نفر.
عفاهُ رستم باشا بمرسومٍ خاص من الرسوم، فأخذ يُقيم الدعاوى بلا رويّة، فساق الناس إلى دوائر الحكومة، وليس أبغض إلى القروي الهادئ من رؤية جندي يُبلّغهُ دعوة إلى محكمة. أمّا الخوري يوسف مسرح فما يهُمّه؟ فرسهُ عنده، عليقها من كيس الوقف، ومرعاها زروع القرية، ومن يردّها عن زرعه يزور غزير وينام في بيت "خالته".
هكذا قضى الخوري حياته في كسروان والبترون وبعبدا وبكركي وبيروت وحريصا، لأنّ دعاويه كانت تتناول حتى رئيسه الروحي، بطرك الموارنة، فلا تراه إلاّ على فرسه رائحاً جائياً على سيف البحر، وأخيراً ركب البحر ابن سبعين ليُبلغ شكواه الحبر الأعظم بابا رومية.
إقرأ أيضا : سقوط "التيار السنّي الثاني" في عكار
ثانياً: الوزير جريصاتي في عهد الرئيس عون
يفاخر وزير العدل سليم جريصاتي بقضائه، فإذا تطاول مُغرّدٌ أو مُعلّقٌ على شبكة التواصل الاجتماعي يُلاحق أمام القضاء، وإذا "تهاون" إعلاميٌ ما في الذّود عن حياض السلطة، استُدعي للقضاء، وإذا انبرى أحد النواب لتسليط الضوء على مكامن الفساد، لُفت نظرُه إلى أنّ القضاء له بالمرصاد، حتى إذا حصل اشتباكٌ رئاسي (بين الأولى والثانية)، قيل لرئيس مجلس النواب أن يلجأ للقضاء وعرض مظلوميّته ، وإذ استنكف عن ذلك، تدّخلت هيئة التشريع والقضايا في وزارة العدل بحسم الخلاف لصالح وزير "الوصاية" على العدل وقصر العدل.
وما يهمّ وزير العدل؟ فرسهُ عنده، وعليقه من جيب المواطنين الذين اكتووا بنيران الضرائب، ومن يتجرأ على القضاء وإجراءاته وأحكامه، فلربما ينام في بيت "خالته"، بانتظار مراسيم العفو الموعودة.