تحت عنوان "التحرّش اللفظي في "نقشت".. كلمة طيبة!" كتبت صحيفة "المدن": موهبة مبتكرة "فجّرها" شاب في برنامج "نقشت"، لم يتم التعاطي معها بحسم، ولا بتنديد. تعامل معها مقدم البرنامج فؤاد يمين بسخرية وتنديد ضمني، عبر انتقاداته ورفضه لما جاء في موهبة شاب، حاول "أسر قلوب الصبايا" الثلاثين بمعاكسة الفتيات وتلطيشهنّ، فنال تصفيقاَ، وضحكاً مما أقدم عليه، علما أن تمثيليته لا تحمل أي مضمون كوميدي، ولا تستدعي هذا التساهل من الاسفاف، والذكورية المفرطة.

ويكشف برنامج "نقشت" الذي تبثّه شاشة LBCI، وهو النسخة اللبنانية من برنامج المواعدة العالمي Take Me Out، في كلّ حلقة، جديداً مفاجئاً. لكن موهبة "قائد التلطيش"، التي "نقشت" في الحلقة ما قبل الأخيرة، هي غير مسبوقة في التاريخ، وذلك ليس لندرتها أو قيمتها الفنية، بل لانها لم تُدرج بعد في دليل "المواهب الفنية"، بفعل إنتمائها إلى ميدان "التلطيش" والمعاكسة.

ففي فقرة "الموهبة" المخصصة للضيف، خرج الشاب شربل عون بالـ"فانيلا" و"الشورت" و"المشاية"، وجلس ينفخ نرجيلته، فيما تمرّ أمامه نساء ترتدين تنانير قصيرة، فينادي بهن بألفاظٍ مثال "اسم الله عليكي"، "يقبرني طي..بة قلبك". نصّبه يمّين، بسخريته المعهودة، "قائداً للملطشين"، ومثلاً أعلى لهم. أما الفتيات المشاركات، فقد لاقت "الموهبة" استحساناً لدى بعضهن، إذ كاد يغمى عليهن من الضحك. وبعد انتهائه من تمثيليته الـ"آلترا-واقعية"، صرخت إحداهن "بس مهضوم".

ورغم تعليقات يمّين الساخرة من "موهبة" شربل عون، التي تحمل إدانة مبطّنة، وإبداء بعض الفتيات رفضهن للموهبة، إلا أن موقف فتيات أخريات إزاءها كان إيجابياً، أو متساهلاً مع "التحرش اللفظي" في أفضل الأحوال. فقد توجّه إليهن شربل بالسؤال: "إذا إنت مارقة على الطريق وقلّك حدا كلمة حلوة بتزعلي؟ ضميرياً يعني؟ منطقياً".

و"منطقياً"، غطّت إجابات الـ"لا" من جانب الفتيات على الـ"نعم". وحين طلب منه يمّين أن يعطي مثالاً على "الكلمة الحلوة"، سأل شربل إحدى المشتركات: "إذا قلتلك يقبرني جمالك بتزعلي؟". لتجيب الأخيرة "لا، هيدي بتقطع".

"قطّعت" له إحدى المشتركات فعل التحرّش الجنسي، فيما اختارت أخرى مواعدته. بالمحصّلة، أعادت الحلقة تعريف التحرّش اللفظي على أنه "كلمة طيبة".

والواقع أن مقدم البرنامج، يقدم بشكل ساخر ومبطن، ما يثير لعاب المشاهدين لزيادة الاقبال على مشاهدته، لناحية مضمون يحتوي على ايحاءات جنسية، تثير الضحك في ردة الفعل على اسئلة غير تقليدية، بالمحتوى نفسه. فهو قد استهلّ الحلقة المذكورة بإستشفاف آراء النساء ومواقفهن بشأن موضوع العذرية قبل الزواج، لينتهي أخيراً إلى سؤالهن عن علاقاتهن الجنسية.

ولم يكتفِ يمّين بالحدود اللفظية لمضمونه، بل طالب بحدوث احتكاك جسدي بين فتاة وضيف، بصيغة "مشهد تمثيلي". إذ طلب من إحداهن، أن تقدّم قبلتين لضيفين مختلفين، أولهما على الرقبة، لأن شربل "يسخسخ" بفعل هذه القبلة. كما سأل أخرى عن المكان الذي تفضل أن تقبّل فيه لكي "تسخسخ". وثانيهما محاولاته لإنتاج نكتة جنسية من كلّ كلمة يتفوّه بها ضيف أم مشتركة.

يمكن الدفاع عن البرنامج ضدّ تهمة التحرّش اللفظي بحجّة المشاركة الإرادية للنساء في الخطاب الذي يصوغه، ما يجعله خارجاً عن إطار التحرّش. لكن الحقيقة أن أجندات برامج ترفيهية مشابهة، تفرض، بطبيعتها الربحية، هذا الخطاب الذكوري الذي لا يجد مانعاً من التحرش اللفظي، بحدوده الدنيا، تحت غطاء الترفيه، وهي الادانة المخففة لهذا النوع من الأداء، وربما إنكار له.

لكن الواقع أن تفاقم الاداء الذكوري، لم يمسّ الادبيات الحقوقية لحماية المرأة من التحرش اللفظي فحسب، بل مسّ صورة المرأة اللبنانية، إذ بات استهدافها في مواقع التواصل الاجتماعي رائجاً، استناداً الى مقتطفات من برامج مشابهة، باتت دليلاً على تسليع المرأة في الإعلام، والترويج في أحيان أخرى لتفاهة بعض البرامج.