"إن لم تستح إفعل ما شئت" مثل لبناني شائع وهو اليوم قيد التطبيق من قبل حكومة أسمت نفسها حكومة "كلنا للوطن… كلنا للعمل" وهي في الحقيقة ووفقا للوقائع الملموسة على الأرض وفي مختلف القضايا المجتمعية باتت حكومة كل شيء ما عدا "كلنا للعمل" والإصلاح والتغيير،بفعل سياسة النأي بالنفس التي تتّبعها،وسياسة المحاصصة والتسويات وتقاسم المغانم التي تعمل بها في كل القضايا بدء من الكهرباء إلى التعيينات مرورا بالكسّارات وغيرها الكثير من القضايا التي يختلفون عليها وفجأة يحلّونها بتسوية ما.
ونتذكّرفي هذه العجالة كيف ساعدت "كسّارة" الوزير نقولا فتّوش الحكومة الميقاتية في طحن العقبات من أمام مرسوم بدل النقل،لتنفتح أمامه بوابة ملايين الكسّارات(400 مليون دولار) كتعويض عن توقف الكسارات غير المطابقة للشروط،ستعمد وزارة المالية التي تدّعي الإفلاس وستحرم حوالي 180 الفا من موظفي القطاع العام من دون المتقاعدين من رواتبهم بدء من ايار المقبل تحت حجة عدم وجود ميزانية كافية،إلى دفع المستحقّات "الفتوشيّة" قريبا بعدما امتنعت الحكومات السابقة عن الدفع.
والمعروف أن الوزير فتّوش ومنذ العام 2002 شنّ حربا ضروسا على كل من حاول إيقاف كسّاراته التي التهمت أجزاء كبيرة من جبال لبنان الخضراء، بدءاً من الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى الرئيس فؤاد السنيورة والوزيران السابقان شارل رزق واكرم شهيب إلى مجلس شورى الدولة وغيرهم من القضاة،لأن قراراتهم لم ترخّص لكسّاراته إياها، كما سهّل هو لكسّارة حكومة الحصص.
قصة هذا المبلغ تعود إلى قضية تقدم بها شقيقا فتوش بيار وموسى ضد الدولة على خلفية إغلاق كسّارتين، فأقر له مجلس شورى الدولة في 5 تشرين الأول 2005 تعويضاً بقيمة 245 مليون دولار، لم تدفعها الدولة حتى الآن (يضاف إليها 9% فوائد سنوية تراكمت لتصل إلى 400 مليون دولار)، بحجة عدم وجود آليات لتنفيذ الأحكام، وهو ما حاول الوزير فتوش تعديله عبر اقتراح قدّمه لمجلس النواب في العام 2011 يقضي بإيجاد هذه الآليات،ويبدواليوم أن هذه الآلية وجدت،فصرفت ملايين الفتّوش،فيما رواتب الموظفين في القطاع العام تخضع للابتزازوللضغط على رئيس الجمهورية ميشال سليمان للتوقيع على مشروع قانون انفاق ال 8900 مليار ليرة من خارج القاعدة الاثني عشرية.
ومهما كانت المبررات لدفع تعويض الكسارات(400 مليون دولار) فإنه من غير المقبول في ظل الأزمات المالية التي يمر بها البلد وفي ظل الوضع الإقتصادي الصعب الذي يطال كل فئات المجتمع اللبناني التي بدأت تعد للإضرابات والتحركات أن يبقى الإستهتار بحاجات المواطن وتهديده بلقمة عيشه على حساب أصحاب النفوذ وحرمانه مما تبقى له من حد أدنى من كرامة العيش "راتب شهري" لا يكفي لسد جوع على حساب وزير نافذ كسّاراته بالمليارات.
"أما آن للبنانيين أن يثوروا على واقعهم السيء وماذا ينتظرون بعد"؟.