قبل أسابيع، أقرت لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي تعديلات على قانون تجفيف منابع تمويل حزب الله، ووضعه في إطار مكافحة تمويل الإرهاب. وبعدها، استمرّت الإجراءات العقابية الأميركية بحق الحزب والإيرانيين، عبر إدراج مزيد من الشخصيات والكيانات الإيرانية والحرس الثوري الإيراني في لوائح الإرهاب والعقوبات. ومنذ يومين، يبحث الكونغرس ملفات عدة تتعلّق بتمويل بعض الجماعات، من بينها حزب الله، وقد تقدّمت بعض لجان الكونغرس بتقارير تفيد بأن حزب الله يستفيد مالياً من شبكات للاتجار بالمخدرات في عدد من الدول. وهو ملف جديد يفتح للحزب أميركياً في إطار مزيد من الضغط.
خطوة من هذا النوع تعني أن الإدارة الأميركية ستذهب إلى فرض إجراءات جديدة بحق الحزب. لكن اللافت أن الخطوة تأتي بعد سلسلة نقاشات في الكونغرس بشأن سبل مكافحة التنظيمات التي تصنّفها واشنطن إرهابية، بالتزامن مع تقديم الرئيس الأميركي دونالد ترامب رؤيته بشأن الاتفاق النووي مع إيران. وهناك من يعتبر أن التصعيد الأميركي الذي يعلنه ترامب في وجه طهران، لا يرتكز إلى أي أسس واقعية أو عملانية، إنما يندرج في إطار التصعيد الكلامي. وفق الأجواء الأميركية فإن ترامب لن يتخلى عن الاتفاق النووي، إنما سيعيده إلى الكونغرس. وهذا يعني أن الكلام والتصعيد أمر، والواقع أمر آخر.
لعل التصعيد الأميركي في وجه حزب الله، وقوى أخرى متحالفة مع إيران، يندرج في إطار التعمية على تخفيف ترامب من حدة لهجته ضد طهران، أو لتمرير عدم تراجعه عن الاتفاق النووي كما كان يلوّح من قبل. ولأن ترامب لا ريد الذهاب بعيداً في تصعيده مع إيران، ويريد استمرار علاقاته الممتازة مع دول الخليج، يجد أن من المناسب التصعيد في وجه حلفاء إيران في المنطقة، لإرضاء الخليجيين، سواء أكان عبر فرض عقوبات على حزب الله أم عبر التوافق مع الروس لتحجيم نفوذ الإيرانيين وحزب الله في سوريا.
وفي هذا السياق، تبرز معلومات تتحدث عن توجه وفد أميركي إلى بيروت، يضم عدداً من المحققين الماليين، للتحقيق في بعض سبل تمويل حزب الله، وربط هذا التمويل بعمليات إتجار أو تهريب للمخدرات في عدد من الدول، وباعتبار أن حزب الله يلجأ إلى هذه التجارة غير المشروعة لأجل تمويل نفسه والالتفاف على العقوبات التي يتعرّض لها. وتفيد المعلومات فبأن الوفد الأميركي قد يلتقي مسؤولين في مصرف لبنان، لسؤالهم عن بعض العمليات المالية التي يجريها أشخاص أو رجال أعمال أو مؤسسات لها علاقة بالحزب. وتفيد المعلومات بأن لدى أعضاء الوفد داتا وملفات تشير إلى حصول تجاوزات معينة في عدد من المصارف لمصلحة الحزب، على أن يتم إعداد تقرير مفصّل عن ذلك، وإرساله إلى الجهات المعنية في واشنطن لبحث سبل تفكيك هذه الشبكات أو منعها من الحصول على الأموال عبر هذه الطرق غير الشرعية.
وينفي كثيرون من المسؤولين اللبنانيين علمهم بوصول هذا الوفد إلى بيروت، ويستبعدون حصول ذلك، لأن هناك قواعد تحكم هذا النوع من الزيارات، ومن غير المحدد من هي الجهة المخولة بالتقاء هذا الوفد، إذا ما كان المصرف المركزي أم جهة قضائية معينة. ويستغرب البعض أن تحصل الزيارة من دون موقف من الحزب، الذي لا يوافق على هكذا خطوة بأي شكل من الأشكال. فيما هناك من يعتبر أن لدى حاكم مصرف لبنان، معطيات تفيد بأن الضغوط الأميركية ستزداد على الحزب أو على بعض المرتبطين به. وفي هذا السياق، جاءت جولته على عدد من المسؤولين في الساعات الماضية، إذ التقى كلاً من الرؤساء الثلاثة، وبحث معهم في سبل التعاطي مع أي إجراء يمكن أن يتخذ.