أن تقصد العاصمة بيروت لتقضي احتياجات ما في إحدى مؤسساتها الرسمية أو الخاصة، هذا يعني أنك مضطر لقضاء نصف يومك في شوارعها عالقا في زحمةٍ "إلها اول ما إلها آخر". وإن شاء قدرك السيء أن تصل على موعدك وإن متأخرا فستقضي ما تبقى من نهارك في البحث والبحث عن مكان تركن فيه سيارتك. وعندها تجد نفسك مضطرا لتعود أدراجك قبل إنهاء عملك الذي قصدت قلب العاصمة لأجله، أو مضطرا لمخالفة القوانين وركن سيارتك في مكان ممنوع ريثما تنهي عملك. 

أما المواطن الذي شاء حظه المتعثر أن يكون عمله في الوسط التجاري، فحدّث ولا حرج عن معاناته اليومية التي يضاف إليها راتبا شهريا يخصصه المواطن لركن سيارته في إحدى مواقف العاصمة. بينما تستمر الدولة بدعم مشاريع لا تحل أزمة السير بقدر ما تطيل عمرها، علماً أن هناك جزءاً من الشركات الخاصة في العاصمة يتكفّل بدفع اشتراكات شهرية عن موظفيه.

أما جديد أزمة مواقف السيارات في بيروت، قرارٌ أثار حفيظة موظفي هذه المنطقة، اتخذته شركة "سوليدير"، ويقضي بدفع اشتراك مواقف السيارات 3 أشهر مسبقاً، يدخل القرار حيز التنفيذ ابتداء من شباط المقبل. وتجدر الإشارة إلى أن تعرفة الاشتراك الشهري في مواقف "سوليدير" تبدأ بـ91 دولاراً.

فهل سيدفع موظف العاصمة ما يقارب 300 دولاراً في مطلع الشهر بدلاً عن استئجار موقف لسيارته خلال الأشهر الثلاثة المقبلة؟

تؤكد مصادر سوليدير لـ"ليبانون ديبايت" أن خلفيات القرار جاءت بسبب أزمة مواقف السيارات التي يعاني منها الوسط. فـ"المواقف معدودة، وتتسع لعدد معين من السيارات، بينما عدد الشركات في هذه المنطقة كبير ويضم عدداً من الموظفين يفوق ما تتسع له هذه المواقف، ما يؤدي إلى تزاحم شهري بين هذه الشركات على حجز المواقف".


كما أن من أسباب القرار أن هناك مشاكل في حجز المواقف تحصل بين المؤسسات وأصحاب المواقف التابعة لسوليدير حصراً، كأن يأتي عدد من هذه المؤسسات ويحجز الأماكن لموظفيه شهرياً وبعد أسبوع أو اثنين من مرور الشهر تقرر الشركات توقيف الحجز كونها وجدت مواقف أخرى قريبة وتحاول استرداد أموالها.

هذه الأسباب دعت سوليدير لاتخاذ قرارها بإلزام الشركات بحجز مواقف السيارات سلفاً لفترة ثلاثة أشهر مسبقة الدفع، وهو قرار يطاول فقط الشركات التي تتكفل بدفع اشتراكات مواقف سيارات موظفيها، وهي الكبيرة الموجودة وسط بيروت. أما الموظف الذي يقوم باستئجار موقف لسيارته يومياً أو شهرياً هو غير معني بهذا القرار.

وأفادت المصادر أن التسعيرة المحددة في هذا القرار هي أرخص من التسعيرة الاعتيادية المقررة شهرياً لمواقف السيارات، والمحددة بحسب محافظ بيروت كحد أقصى بـ150 ألف للموقف المكشوف و225 ألف ليرة للمسقوف، وبـ75 ألف للمكشوف، و115 ألف للمسقوف كحد أدنى، وهي التي تختلف من منطقة لأخرى في بيروت.

في المقابل، أكدت مصادر مقربة من محافظ بيروت أن لا علاقة للمحافظ بالقرار، بما أنه صادر عن "سوليدير" وبما أنه لا يطاول المواطن مباشرة، مشددة على أنه لو كان القرار يستهدف جيب المواطن لكان اتخذ محافظ بيروت الإجراءات اللازمة.

إذاً لن يطاول القرار المواطن اللبناني، بل الشركات التي تتكفل باستئجار مواقف السيارات لموظفيها، وما بين قرار وآخر يبقى حلم زوار العاصمة وسكانها بخطة نقل 
عام مشترك تسهل عليهم تنقلاتهم، وتوفّر من وقتهم وجيوبهم ما يؤسس لعيشٍ كريم ما استطاعوا إليه سبيلا.