داخلياً، ومِن باب الصلاحيات، كادت صلاحية الحكومة ان تنتهي لو لم يدرك الجميع انّ حسابات الحقل يجب ان تنطبق على حسابات البيدر في هذه المرحلة، فساعة الحكومة لم تحِن بعد على ما يبدو، على رغم ارتفاع منسوبِ التشنّج. فمِن خارج ازمةِ مرسوم الاقدميات اصطدمت جلسة مجلس الوزراء امس بمطبّ الصلاحيات وكادت ان تطير لولا «الحمام الزاجل» الذي دخَل مباشرةً على خط التهدئة.
فبَعد مداخلة رئيس الحكومة سعد الحريري التي أكّد فيها «أنّ الخلافات الحاصلة حول بعض الإصلاحات في قانون الانتخاب والأمور التقنية تستنزف الوقتَ لكنّها لن تعطّل إجراء الانتخابات، وأنّنا سنذهب إليها في أيار المقبل مهما كانت الظروف»، سألَ الوزير غازي زعيتر عن سببِ التأخير في إدراج بنود وزارته الملِحّة على جدول الاعمال. ودار نقاش حول انتقاء البنود التي تُدرجها الأمانة العامة لمجلس الوزراء على جدول الاعمال.
فتدخّلَ الوزير مروان حمادة قائلا: «منذ أشهر وأنا أطالب بتخصيص جلسة لملفّ التربية بلا جدوى». فعلّق الوزير جبران باسيل قائلاً: «هذا الأمر ليس موجّهاً ضد أحد، فالجميع احياناً يعاني من تأخير إدراج بنود وزارته ولا أعتقد أنّ هناك خلفية سياسية».
الكلام عن هذا الامر أخرَج الحريري عن طوره، فخاطب الوزراء بنبرةٍ عالية، قائلا: «هذا الامر من صلاحياتي ولا اسمح لأحد بالتدخّل فيه، فعندما تجهز البنود نُدرجها بالاتفاق مع رئيس الجمهورية».
فاستشاط الوزير علي حسن خليل غضباً وعلا صوته منتقداً الحديثَ عن التدخّل في الصلاحيات، وقال للحريري: «نحن لسنا تلامذةً هنا، بل نمثّل تيارات سياسية ومسؤولون امام من نمثّل وأمام اللبنانيين، ولن نسمح بالتعاطي معنا بهذا الاستخفاف، فلماذا تصوير المشكلة كأنّها تَطاوُل على الصلاحيات، فهل نحن مجرّدون من الصلاحيات؟
الوزير زعيتر يمثّل تياراً سياسياً لا نَقبل إطلاقاً التعاطي معه بهذه الطريقة، فكلّما نسأل عن جدول الاعمال يقولون لنا تحت وفوق (في اشارةٍ الى قصر بعبدا والسراي الحكومي).
في كلّ الحالات الاعتراضُ على هذا الموضوع ليس سياسياً، فإذا أردتُم التعاطي معنا وكأننا نتصرّف بقرار سياسي مسبَق للخَربطة والعرقلة، ليَعلم الجميع أنّنا لم نقم مرّة بالتفاف أو مواربة، ولدينا الجرأة لقولِ ما نريد ولفِعلِ ما نقرّر، وليوضَع ما حصَل اليوم في إطاره الحكومي لا أكثر ولا أقل».
وهنا وقفَ الحريري مستاءً جداً من ردّ خليل، فقال: «يبدو أنّنا اليوم غير متفقين على هذه الجلسة وأنا أرفعها»، وغادرَ القاعة. فلحقَ به عدد من الوزراء لثنيِه عن قراره ونجَحوا بإعادته لترؤسِ الجلسة التي استمرّت 4 ساعات، لكنّ الإرباك والتوتر لم يفارقا أجواءها حتى إنّ الحريري وخلال مناقشة كلّ البنود كان التوتر بادياً عليه، بحسب بعض الوزراء.
وإلى تقليصها الخلافَ، فإنّ الجلسة نجحت في اطالةِ عمر المطامر وتكريسِها أمراً واقعاً عبر توسعةِ مطمر الكوستابرافا وضمِّ نفاياتِ منطقتي الشوف وعاليه اليه، وذلك بعد انتقاد النائب وليد جنبلاط عجزَ الدولة عن حلّ مشكلة النفايات في هذه المنطقة.
وكان لافتاً مِن خارج سياق البحث، ابلاغُ الحريري الى مجلس الوزراء انّ لبنان وافقَ على استضافة القمّة العربية للسَنة المقبلة، ما يمكن أن يَرسم أكثر من علامة استفهام حول سبلِ التعاطي مع هذا الاستحقاق، خصوصاً أنّه غير معلومٍ ما إذا كانت سوريا قد حُلّت أزمتُها وعادت الى حضنِ جامعة الدول العربية.