منذ أقل من عام تقريبا ، إتفق معظم الأفرقاء في لبنان على قانون الإنتخابات القائم على النسبية مع 15 دائرة ، بعد جولات وصولات من السجالات والخلافات أفضت بالنهاية إلى ولادة هذا القانون العجيب الغريب من نوعه.
وإن كان لهذا القانون إيجابيات بارزة أهمها إعتماد النسبية لأول مرة في الإنتخابات النيابية اللبنانية إلا أن العديد من الثغرات لا زالت موجودة فيه.
وبعد الإعلان عن القانون بيوم واحد تقريبا ، أطل رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل ليخبر اللبنانيين أن القانون بحاجة إلى المزيد من التعديلات التي قد تصل إلى 15 تعديلا.
إنخفض العدد لاحقا ليصبح 11 ولتبدأ جولة جديدة من المعركة المستعرة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل.
فأمل عبر الرئيس نبيه بري كانت رافضة لأي مس بجوهر القانون الجديد مع قبولها بإدخال بعض التعديلات الطفيفة عليه في حينه لكن بعد ضيق الوقت يرفض الرئيس نبيه بري أي مس بالقانون ويعتبر أن كل تعديل سيطاله قد يؤدي إلى تطيير الإنتخابات.
إقرأ أيضا : تحالفات إنتخابية غير ثابتة ... أمل قد تتحالف مع القوات ومفاجآت منتظرة
ومن الأمور المطروحة للتعديل تأتي البطاقة الممغنطة في صدارتها ، كذلك مراكز " الميغاسنتر " والتسجيل المسبق ، علما أن باسيل كان رافضا للتسجيل المسبق لكنه غير رأيه اليوم.
هذا التغيير الذي طرأ على خيارات الوزير باسيل وتهديده بالطعن بنتائج الإنتخابات بطريقة غير مباشرة جعل كثر يتساءلون عن السبب الحقيقي من وراء هذه الدعوات .
فهل ما يريده التيار حقا هو إدخال إصلاحات على القانون الجديد ؟
تبدو الإجابة عن هذا السؤال سهلة جدا في حال علمنا أن التيار كان رافضا لفكرة التسجيل المسبق واليوم هو موافق عليها ، وهذا التناقض ينسف مبدأ الإصلاح ويؤكد أن الأمور في مكان آخر.
فالتيار وبالأخص الوزير جبران باسيل على دراية كاملة بأن إنتخابات أيار 2018 ستقلص إلى حد كبير من حجم الكتلة النيابية لتكتل الإصلاح والتغيير وأن خصوم التيار ستزداد حصصهم النيابية وهذا الأمر لا يصب في مصلحة التيار والعهد ومستقبل باسيل السياسي وطموحاته الرئاسية.
إقرأ أيضا : صراع الرئاستين ...الرئيس الأول في وارد أكل العنب و قتل الناطور
وبالتالي يبدو التيار متحمسا لفكرة عرقلة مسيرة الإنتخابات ولو أنه من الصعب حسم الموضوع لناحية أنه قرار إستراتيجي لتطيير الإنتخابات أو عدة شغل للمتاجرة والدعاية على أبواب الإنتخابات بحجة إصلاح القانون.
وعليه ، يظهر التيار في مكان ما غير آبه لفكرة إجراء الإنتخابات والتمديد للمجلس الحالي حتى كسب المزيد من الوقت لإعادة العصب إلى القواعد الجماهيرية.
وما يزيد من صحة هذه الشكوك أن الوقت ليس كافيا لإدخال هذه التعديلات وبالتالي يصبح طرح هذا الموضوع من باب المناكفات وتوجيه البوصلة نحو أولويات أخرى تساهم في عرقلة إجراء الإنتخابات.
فهل سينجح التيار في ذلك ؟
يبدو أن المهمة مستحيلة في ظل مقاومة الرئيس بري لهذه الطروحات وتأكيده على إجراء الإنتخابات في موعدها لأنها فرصة يعتبرها بري سانحة لتوجيه ضربة قاصمة للتيار الوطني الحر.