تحت عنوان "ملف المبيدات الزراعية... هل من قطبة مخفيَّة؟" كتبت تاليا قاعي في صحيفة "الجمهورية": "تزاحمت الملفات في الساحة اللبنانية في الآونة الاخيرة، وكان ملف المبيدات الزراعية في الواجهة في الاسابيع الاخيرة، في ظل اللغط "السياسي الصحي" الذي حصل. فما هي خلفيات هذا الملف؟ وما مدى خطورته؟
أقدم الوزير الصحة السابق وائل أبو فاعور على إصدار قرار مشترك مع وزير الزراعة السابق اكرم شهيب يقضي بمنع ادخال بعض المبيدات الزراعية الى لبنان على اساس أنها تحتوي على مواد مسرطنة.
اليوم عاد وزير الزراعة غازي زعيتر وعدّل القرار لبعض المبيدات استنادا الى انها مسجلة في مرجعيتين في أوروبا وأميركا وفق مواصفات الاغذية العالمية (الفاو). ومن هذه النقطة عاد الملف الى الواجهة بعد رفض أبو فاعور قرار التعديل.
في هذا السياق، يؤكد وزير الزراعة غازي زعيتر لـ"الجمهورية" أنه تم تشكيل "لجنة علمية من خبراء محليين ودوليين لابداء رأيهم في هذا الموضوع، وان القرار الذي صدر سابقًا ليس مستندا الى حقائق، ولم يستند على اي دراسات علمية، حيث أن اللجنة الزراعية هي المخولة تحديد الادوية المرجعية. من هنا، وبعد أن اجتمعت اللجنة وقدمت تقريرها أنا بدوري أعلنت هذا المحضر وهذا كل الموضوع".
اضاف: اليوم نحن بانتظار الدراسات والتحاليل التي سوف تعدّ، بهدف تعديل أو تأكيد هذا القرار".
رأي اخصائي
بدوره، أوضح أخصائي في علم الحشرات ووقاية النبات نبيل نمر لـ"الجمهورية" أن "القسم الاكبر من المبيدات التي مُنعت في لبنان لا يزال مسموحا في اوروبا واميركا أي الدول المتطورة".
أضاف: "صحيح ان بعض الدراسات أظهرت ان هذه الأدوية عند تناولها قد تسبّب السرطان، ولكن هذه الادوية مثلها مثل العديد من المنتجات الموجودة في الاسواق عند تناولها يمكن أو من المحتمل أن تُحرك الخلايا السرطانية الموجودة في جسم الانسان، ولكن في الاخير يجب ان يكون هناك قواعد ليس فقط بمنع أي دواء لا بل مراقبة كيفية رش هذا الدواء، بغية عدم التسبب بأي أذى، والحد من الخطورة".
أما عن وجود بديل لهذه المبيدات أوضح نمر ان « الحل البديل سيكون في اعتماد الزراعة البيولوجية وهذا امر غير رائج في لبنان وفي الخارج ايضًا. بالتالي عند منع أي دواء لا يمكننا الاستغناء عنه أو ليس لديه بديل، سنسمح عندها بتكاثر الحشرات والامراض».
أضاف: «هذه المبيدات لازالت تستعمل في الخارج ونحن لا نستطيع ان نمتنع عن استعمال مبيدات لا يوجد بديل لها، اذ ليس هناك مبيد أو دواء لديه الفعالية نفسها. اذ باستعمال هذا المبيد لايزال المزارع يحصل على نتيجة، ولكن اذا استبدلناه لا يمكنه الحصول على النتيجة نفسها، لا بل تكون النتيجة اقل بكثير وهنا تكون المشكلة».
من هنا، الحل لا يكون بوقف هذه المبيدات بحسب نمر، الذي يقول: «انا ضد الحلول عندما لا يكون لدينا بديل، خصوصًا في ظل الأزمة الزراعية التي يعاني منها لبنان».
تابع: «في السابق تم توقيف بعض المبيدات التي هي فعلًا خطرة وتبقى في الارض والمياه الجوفية ونحن عرضة أكثر لها، ولكن اليوم عند الحديث عن هذه المبيدات يمكننا التحكم بها عبر طريقة الرش، اي هناك نظام وقواعد معينة علينا اتباعها عند استخدام المبيدات تمنع حصول اي ترسبات، وهناك نسبة من المزارعين ولو قليلة ليست على علم بهذه القواعد بينما النسبة الاكبر تعمل على اتباع هذه الارشادات».
استطرد: «من الافضل أن تكون هناك دراسات اضافية حول هذا الملف، واستكمال الدراسات من خلال وضع معايير تجبر المزارع على ارشادات معينة وان تكون هناك تحاليل حول المنتجات لدينا من خضار وفاكهة وذلك على نطاق محلي أولًا قبل الذهاب نحو التصدير، اذ ان الناس في لبنان هم ايضًا في حاجة الى معرفة ماذا يأكلون».
ولفت نمر الى ان «هناك بعض الفحوصات التي تجري في يوم واحد ولا تستغرق الكثير من الوقت، وبالتالي ليس هناك عذر بعدم اجراء تلك الفحوصات او التحاليل.
ومن هذه النقطة يجب أن يكون هناك توعية للمزارع، وعندما يرى المزارع أنه توجد رقابة حول هذا الموضوع عندها سيضطر الى اتباع الارشادات الخاصة بكل دواء ومبيد وعدم الاستهتار».
عن عملية الاستيراد والتصدير قال نمر: «في حال الاستيراد، يلجأ البلد المستورد الى أخذ المنتج واجراء التحليلات عليه، في حال وجدت بعض ترسبات المبيد مهما كان نوع هذا المبيد سواء تلك التي منعت أو غيرها، وكانت نسبة الترسبات أكثر من تلك المسموح بها عندها لا يستورد المنتج أو يعيده الى بلد المنشأ».