أولاً: تجدُّد الصراع واحتدامه
بالأمس تجدّد صراع الرئاستين الأولى والثانية حول مرسوم دورة الانصهار الوطني، والتي تحوّلت إلى دورة "التّصدع" الوطني، وذلك بعد تجاذباتٍ عدّة، وشباكٍ إعلامي علني طوال الأسبوعين الماضيين، وفي حين كان يأمل كثيرون (ونحن منهم) أن ينتهي هذا الخلاف على خير، بعد تدخل رئيس الحكومة الذي وعد بمعالجة هادئة، عادت المواجهة بالأمس أكثر حدّة وعُنفاً عبر المكاتب الإعلامية للرئيسين، وباتت خطوط الرجعة مقفلة ووعرة تماماً.
ثانياً: العُقدة في توقيع وزير المال أم في المرسوم ذاته؟
عندما اندلع الخلاف إثر محاولة تمرير مرسوم أقدمية ضباط دورة "عون"، حدّد الرئيس نبيه بري العقدة في بُطلان المرسوم بالأساس، وليس بالشكل، فقد سبق للرئيس عون (عندما كان نائباً) أن طرحهُ على المجلس النيابي ولم يُقرّ، وأُحيل على لجنةٍ فرعية لدراسته، كما سبق وطُرح هذا المرسوم على حكومة الرئيس السابق تمام سلام ولم يُقرّ أيضاً، أمّا المرسوم الحالي- الأزمة فلا يحمل توقيع وزير المالية الذي يأتمر بأوامر الرئيس بري، فاستحكمت العقدة من طرفيها، واحتار المتابعون: هل المرسوم باطل من أساسه؟ أم أنّه أصبح باطلاً لعرضٍ شابه، وهو توقيع وزير المالية.
إقرأ أيضا : محمد فضل الله يستقيل من الوظيفة، وتلزيمات ملايين الدولارات تمرّ بسلام
ثالثاً: الرئيس بري يحُلّ العقدة الأصعب
تراجع الرئيس بري فيما يتعلق بالعقدة الأولى والاصعب، وهي رفض المرسوم من أساسه وإبطاله، ووضع المشكلة في توقيع وزير المال باعتباره مُلزم دستورياً وميثاقياً، يكفي أن يُوقّع وزير المالية وكفى الله المؤمنين شرّ القتال. قطعنا الخطوة الأولى، وعليكم بالخطوة التالية.
رابعاً: أكلُ العنب، أم قتل الناطور!
لم يردّ الرئيس ميشال عون على تحية الرئيس بري بأحسن منها، وكان التراشق الإعلامي والعلني قد حشر الجميع في زوايا ضيّقة وموحشة، لم يعد باستطاعة الرئيس عون التراجع، فهو رئيس "قوي" كما يُردّد مناصروه وأتباعه ليل نهار، لا يستطيع التراجع والطلب من وزير المالية التوقيع، لا يستطيع أن يُقرّ بأنّ المرسوم الخالي من توقيع وزير المالية كان باطلاً، أو غير دستوري وغير نافذ، لا يريد أن "يُشرّع" المرسوم ويكتفي بأكل العنب، وإذا تيسّر أكل العنب وقتل الناطور، فلا بأس في ذلك على أبواب الانتخابات النيابية المرتقبة بعد أشهرٍ معدودات. ً