في غضون الاحتجاجات التي شهدتها معظم المناطق في الجمهورية الإسلامية الإيرانية هذا الأسبوع، امرت السلطات الإيرانية بإقفال تطبيقي إنستغرام وتيليغرام، أشهر تطبيقين في البلاد للحفاظ على السلام وفق تعبيرهم، وبذلك تعذر على المواطنين الإيرانيين الدخول الى هذين التطبيقين منذ ذلك الوقت. وقد طلبت الحكومة الإيرانية من تطبيق التراسل الفوري تيليغرام حجب جميع القنوات الإرهابية، مهددة بحظر التطبيق كلياً في حال لم يستجب التطبيق للقرار. وعلّق وزير الداخلية الإيراني عبد الرزي رحماني على هذا الإجراء ان سوء استخدام الشبكات الاجتماعية من بعض الافراد "يسبب العنف والخوف" وان مثل هذا السلوك سوف يتم تحطيمه.
وبالفعل، حذف تطبيق تيليغرام قناة واحدة على الأقل كانت تحرض على العنف بحسب ما تتهمها السلطات الإيرانية، لكنّ الرئيس التنفيذي بافيل دوروف رفض إقفال قنوات أخرى سلمية.
وفي حين بقي تطبيق التراسل الفوري واتساب فعالاً في إيران، اعرب الرئيس التنفيذي ديروف في منشور له على تيليغرام عن استغرابه من حظر تطبيقه الذي يستخدمه الآلاف من الناس لكونه منصة لحرية التعبير، واعتبر ان حظر التطبيق من السلطات افضل من ان نساهم في قمع حريات الناس.
يستخدم العديد من الإيرانيين مجموعات خاصة على تيليغرام للبقاء على تواصل مع العائلة والأصدقاء، والأهم من ذلك، أنهم يشتركون في القنوات العامة للحصول على الأخبار التي لا تتوافر على وسائل الإعلام الحكومية. ووفقاً للباحثين في المجلس الأعلى الإيراني للفضاء السيبراني، يستخدم اكثر من نصف السكان الإيرانيين والذي يبلغ عددهم 80 مليون نسمة تطبيق تيليغرام، في حين يصل متوسط مستخدمي تيليغرام والذين يشتركون في المجموعات الى اكثر من 5000 عضو.
وفي عقب الإحتجاجات، العديد من المتظاهرين المناهضين للحكومة الإيرانية كانوا يستخدمون تطبيقات مثل تيليغرام وإنستغرام لإيصال أصواتهم. وقد اضطلعت هذه التطبيقات بدور أساسي في بث المعلومات إلى جمهور واسع، ولكن بعد ان حظر هذان التطبيقان، إضافة الى تويتر وفايسبوك ويوتيوب، لجأ المستخدمون الى ميزة الرسائل المشفرة باستخدام برنامج VPN غير القانوني كوسيلة لنشر أشرطة الفيديو والصور للاشتباكات التي كانت قائمة.
ما هو تطبيق تيليغرام ولماذا حجب؟
عدد كبير من الأشخاص لا يعرفون الكثير عن تطبيق تيليغرام لكونهم يستخدمون تطبيقات التراسل الفوري الأخرى كواتساب وفايسبوك ماسنجر وإنستغرام وتويتر، وهي بطبيعة الحال أكثر شهرة من هذا التطبيق في معظم دول العالم لا سيما في الدول العربية، الا ان تطبيق تيليغرام لا يمكن الإستهانة به على حد سواء، لكونه تطبيقاً مجانياً للتراسل ايضاً، ويعمل على منصات متعددة، وهو يركز على السرعة والخصوصية والناحية الأمنية. وبإمكان مستخدمي تيليغرام تبادل الرسائل بأمان مع إمكانات التشفير العالية بما في ذلك الصور والفيديو والوثائق من أي نوع.
ويتوافر تيليغرام على جميع انظمة التسغيل بما في ذلك أندرويد، IOS وحتى Windows Phone وهو متاح ايضاً على الأجهزة اللوحية، ويتوافر أيضاً على أنظمة التشغيل الأخرى مثل ماكنتوش ولينكس، كما يعمل على نسخة الويب من طريق المتصفحات، مما يسمح للمستخدم باستخدامه على مختلف الأجهزة والمنصات في نفس الوقت، ويقوم التطبيق بمزامنة الرسائل بسلاسة بين أي جهاز وآخر من أجهزة المستخدم.
ويقوم تيليغرام بنفس الوظائف التي تقوم بها برامج التراسل الأخرى، ويركز على التواصل من طريق الرسائل المكتوبة ومشاركة الملفات والصور بأفضل شكل ممكن، كما يقدم التطبيق خدمة المكالمات الصوتية المشفرة والآمنة.
وعلى عكس تطبيق واتساب فميزة المكالمات في تطبيق تيليغرام لا تشترط حصولك على رقم شخصٍ معين لتحادثه، حيث يمكنك الاتصال به من خلال اسم حسابه (Username) فقط، وحتى لا يزعجك الجميع بالاتصالات فيمكنك تحديد من يمكنه الاتصال عليك، من الجميع، أو جهات اتصالك، أو حتى أن تمنع الميزة تمامًا فلا يتصل بك أحد.
ويعتمد تيليغرام على الخدمات السحابية وهو مشفر بشكل كامل، ويستخدم خوادم موزعة على جميع أنحاء العالم، ولذلك يمكن الوصول إلى الرسائل من أجهزة مختلفة في آن واحد، كما يمكن مشاركة عدد لا محدود من الصور ومقاطع الصوت والفيديو والملفات من أي نوع.
لماذا حجب دون واتساب!
في تقرير سابق نشرته صحيفة الغارديان البريطانية زعمت فيه أنّ لتطبيق الدردشة الشهير "واتساب" باباً خلفياً يمكن للحكومات والقراصنة استخدامه لخرق هواتف المستخدمين والتجسّس على مكالماتهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن التطبيق يتضمّن ثغرة تُمكّن فايسبوك الذي استحوذ على واتساب في العام 2014 مقابل 22 بليون دولار، وكذلك الحكومات، من الوصول وقراءة الرسائل "المشفّرة" المرسلة عبر التطبيق.
واعتبر الخبراء الذين كشفوا عن هذه المعلومات للصحيفة، أنّ واتساب يشكّل "خطراً حقيقياً لحريّة التعبير".
وفي حين لاقى هذا الموضوع نفياً قاطعاً من ادارة واتساب التي اعتبرت هذه الميزة ليست بثغرة، ولا يمكن استخدامها لاختراق الهاتف أو التجسّس على الدردشات والمكالمات، بل هي ميزة مضافة إلى بروتوكول التشفير الخاص بتطبيق Signal، الآمن جداً، كي لا تضيع الرسائل، خلافاً لما يفعله Signal الذي يقطع مباشرةً الطريق على الرسالة في حال حدوث أمر مماثل، فلا تصل الرسالة إلى الطرف الآخر بعد عودته إلى شبكة الإنترنت أو إعادة تنزيله التطبيق.
في المقابل يعتبر تطبيق تيليغرام أكثر أمناً وخصوصية في عملية التراسل والمحادثات اذ انه يضم طبقتين من التشفير: الأولى لحماية السيرفرات التي تمر من خلالها الرسائل، وأخرى للتطبيقات كما أن نوع التشفير المستخدم هو تشفير متماثل وهو من أقوى أنواع التشفير.
كما يوفر تيليغرام محادثات سرية وخاصة لها العديد من الميّزات كالتشفير الكامل والإشعارات لا تحتوي على أي تفاصيل، فإذا مسحت أي رسالة أو صورة قمت بإرسالها للطرف الآخر فسوف تمسح لديه وهو أمر آمن جداً كما تستطيع ضبط الوقت بحيث تمسح الرسائل المرسلة نفسها بعد وقت معين، إضافة الى ان تيليغرام لا يدعم إيصالات القراءة، وبإمكانك استخدام اسم مستخدم فقط لإضافتك عبر تيليغرام من دون رقم الهاتف.
اذاً، يبدو ان ايران ركزت على حجب هذا التطبيق نسبة الى التفاعل الكبير الذي يحظى به بين سكانها، ولكونه تطبيقاً مشفراً بالكامل يصعب الوصول بتاتاً الى اي معلومات او صور يتم تبادلها عليه.