لم يكن متوقعا ان يمضي الحديث التلفزيوني الاخير للامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله مع الزميل سامي كليب في قناة “الميادين” الى ألقاء الضوء على جوانب من الحياة الشخصية لنصرالله .وكانت المفاجأة ان الاهتمام الداخلي توجّه الى هذا الجزء الشخصي من الحديث ولا سيما حديث زعيم “حزب الله” عن راتبه على الرغم من ان الامين العام أسهب في الحديث الطويل في تناول القضايا الرئيسية التي تتصل بدور الحزب داخليا وإقليميا وخصوصا كلامه عن الحرب مع إسرائيل إنطلاقا من أن “ثمة ما يتحضّر للمنطقة” على حد تعبير نصرالله.وقد تبيّن لاحقا أن هذا القسم من الحديث لم يكن عابرا بل كان محط إهتمام عند إعلام الحزب وخصوصا في موقع “العهد” الالكتروني الذي أورد في تغطيته لحديث نصرالله فقرة بعنوان: “السيد نصرالله يتحدث عن :قراءاته..علاقته بالرياضة والفن..راتبه..وهل تعب؟”
سئل نصرالله:كم راتبك الشهري في حزب الله؟فأجاب:”لم يسبق لي أن أجبت على هذا السؤال.أظن حوالي 1300 أو 1400 دولار لأنهم يقتطعون منه عادة دعما للمقاومة وغيرها”.وسئل:”سيد المقاومة مرشد المقاومة أمين حزب الله يعيش ب 1400 دولار؟فأجاب:”الله يدبّر الامور”.ويبقى السؤال الذي لم يأت عليه جواب حتى الان:ما هي الرسالة التي أراد نصرالله توجيهها من خلال الحديث عن حياته الشخصية وخصوصا راتبه؟
من خلال ردود الفعل الداخلية يتبيّن ان التوفيق لم يحالف هذه الرسالة .إذ غرق الموضوع في سجال أظهر ان القاسم المشترك بين المتساجلين هو عدم تقبّل أهمية ان يكون قائد المقاومة يتقاضى 1400 دولار كراتب شهري في وقت هناك رواتب أعلى بكثير يتقاضاها من هم تابعون له كما هو حال نواب الحزب في مجلس النواب.وبالتالي لم تصدر ردة فعل تدعو الى إنصاف نصرالله ماديا بما ينسجم مع موقعه الخطير في لبنان والمنطقة.
أما ردة الفعل الخارجية لاسيما في إيران التي تحتفي دوما بكل إطلالات نصرالله الاعلامية فتبيّن انها قد تميّزت بالتجاهل الكامل ,وبالتالي فإن الرسالة التي كانت محتملة من وراء القول بأن أحد أهم ركائز المشروع الخارجي للجمهورية الاسلامية يعيش في نطاق الكفاف حسب مستويات العيش في لبنان لم تصل الى الجمهور الايراني الغارق حاليا في أزمة لا سابق لها والتي كشفت المستور عن صعوبات العيش منذ العام 1979.
أن الدهشة التي إنطوى عليها السؤال عن 1400 دولار يعيش بها نصرالله شهريا تظهر أننا هنا في لبنان ننتمي الى عالم بعيد جدا عن إيران.والمثال هو في راتب الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني. إذ كشف عضو لجنة الميزانية في البرلمان الايراني موسى الرضا ثروتي في أيار 2016 “أن راتب الرئيس الشهري هو بالفعل أربعة ملايين تومان أي ما يعادل نحو 1200 دولار أميركي!” لذلك يحقّ لروحاني أن يقول لنصرالله:”نيّالك!”