أثناء رئاسة محمود أحمدي نجاد قال الشيخ الإيراني محمد تقي مصباح يزدي إن " طاعة محمود نجاد هي طاعة الله تعالى" واليوم ينتقد مرشد الثورة نجاد ويتبعه الرئيس حسن روحاني في اعتبار أن نجاد قد وضع نفسه ضدّ النظام وكان الرئيس الايراني الأسبق قد وقف خطيباً في المتظاهرين ومحرضاً على حكومة فاسدة حيث لا يهتم الكثير من المسؤولين في مشاكل الشعب الايراني الذي سيُسقط روحاني الذي انتخبه لدورتين دون أن يقدم له سوى المزيد من الأزمات الاقتصادية .
حديث من كان مُطاعاً كطاعة الله ينفي من اتهم الحراك الايراني بالعمالة ويفضح كل تصريحات الأجهزة الأمنية والسياسية كون نجاد من تيار المحافظين بل من صقور تيّار السلطة وهو الأقدر على توصيف الاحتجاج كونه رئيس سابق وممثل مباشر لتيّار المحافظة على السلطة الايرانية ولو أنه شمّ رائحة خيانة لكان من أوّل الذين أدانوا التحرّك ولوقف بوجهه ولم يقف مؤيداً له وهذا ما دفع السلطة الأمنية إلى اعتقال رمز من رموز المتشددين ضدّ أميركا والغرب عموماً ومن الرافضين لتيار الإصلاحيين ومن المؤمنين بثوابت الثورة الايرانية الداعية الى" ثورنة" العالم تمهيداً لدولة صاحب العصر والزمان الامام المهدي .
هذا الفهم الثوروي هو دين أحمدي نجاد الى جانب اعتقاده بالتحضير المسبق لخروج الامام الغائب لا يجعل منه عميلاً لأميركا أو داعياً لإسقاط نظام ولاية الفقيه وقد اعتبره المرشد أحد أبنائه من هنا وقوف أحمدي نجاد وسط المطلبيين تأكيد على نظافة الحركة الايرانية ولا يحتاج المتابع الى استحضار المزيد من الشهود للدلالة على وطنية الحركة المطالبية فيكفي شهادة رئيس من أهل بيت الفقيه والثورة والدولة وهو لا يمُتُ بصلة لتيار الاصلاحيين بل هو من صقر حاد وأحمدي نجاد من صقور التيّار المتشدّد.
إقرأ أيضا : الحجّتية: الاتصال بالمهدي في المنام، والتناقض مع ولاية الفقيه
من اللافت أن الرئيس روحاني قد تنكر لأصله الإصلاحي طوعاً أو كرهاً لا هم طالما أنه قدّ أيّد المطالب في اليوميين الأولين ومن ثم اتهم المطالبين باتهمات لا تليق برئيس أوصله الشعب الى الرئاسة لدورتين لا كونه الشيخ روحاني بل لكونه مرشح التيّار الاصلاحي في إيران .
يبدو أن الرئيس استطعم حلاوة السلطة رغم أنه لا يملكها واكتفى بدور يحدده التيار المحافظ له من هنا التزم السياسة المحافظة ورفض حاجات الناس البسيطة واتهم من صوت له وأوصله الى الرئاسة بالعمل المأجور لصالح من لا يريد الخير لإيران ورفع من وتيرة الانتقاد لأحمدي نجاد في محاولة منه لتشوية الصورة المطلبية واعتبارها حركة داخلة في الحسابات السياسية الرئاسية باعتبار أن نجاد حاول أن يتصدر الواجهة المطلبية وهناك من حمّل نجاد مسؤولية التظاهر المسيسة لصالح عودة أحمدي نجاد الى الرئاسة عبر الاطاحة بحكومة روحاني التي فشلت حتى في تنفيذ ما يوكل اليها من أدوار من قبل الأجهزة القائدة في إيران .
إقرأ أيضا : إنتفاضة إيران.. تجدد الاحتجاجات ليلاً وأهالي المعتقلين ينتفضون
لقد عاشت حكومة روحاني على نتائج الاتفاق النووي واعتبرت أن دبلوماسيتها قد نجحت في إخراج إيران من العاصفة الدولية وهذا ما سيريح الشعب الايراني من خلال صرف الأموال المفرج عنها على التنشيط الاقتصادي ولكن حسابات بيدر السلطة غير منسجمة تماماً مع حسابات الحقل الايراني العام ومن هنا نشبت ظاهرة الاحتجاج على النظام وعلى ممارساته وعلى سياساته الداخلية والخارجية والتي أدّت الى خلق ظواهر اعتراضية شعبية لم تكن في المشهد السياسي من قبل بالمعنى القائم في إيران والمحتكر من قبل تيارين هما : تيار المحافظين وتيّار الاصلاحيين وهذا ما أنبأ عن وجود أزمة اقتصادية كبيرة وغير عادية وخاصة من خلال اتساع حجم البطالة في الشارع الايراني وقد احتاجت السلطة الى كامل قوتها من المرشد الى الأمن وأجهزة الجمهورية الى مدرسي قم وجهاز المشايخ الى الموظفين والمؤيدين للسلطة أي الى كامل شبكات الدولة لمواجة تحدي المطالبين بحقوقهم وهذا ما يشير الى حجم التحرك الوطني الايراني والذي غطى أغلب المُدن الايرانية ويمكن القول أن إيران لم تواجه مثل هذا التحدي الداخلي من قبل .
ثمّة ضرورة لوعي سلطوي يستوعب مطالب الشعب كيّ لا تدور إيران في دوامات العنف فالاصلاح وظيفة الأنبياء و الأولياء فلماذا ننكر على الشعب الاقتداء بالقدوة الحسنة لرفع حرماناً يأكل من لحمه وينهش بعظامه؟ وقد قالها أمير المؤمنين علي عليه السلام :" عجبت لمن لم يجد قوت عياله كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه ".