قارن الدبلوماسي الإيراني السابق سيد حسين موسى، بين قيادة الزعيم الإيراني علي خامنئي وبين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، معتبراً طبيعة تكوين الشخصيتين ستكون هي الفيصل في حسم الصراع بين الدولتين الإقليميتين
 

وقال موسوي في مقال بموقع Lobe Log الأميركي إن الأنماط القيادية بين ولي العهد السعودي، الذي يعزز من سلطته باطرادٍ في الرياض، ويجهز نفسه ليصبح أقوى حاكم في التاريخ السعودي وبين المرشد الأعلى لإيران، ذي الـ78 عاماً، آية الله والخبرة التي عاشها كل منهما سوف تقرر مستقبل السلم والاستقرار في المنطقة.

وأضاف موسوي قبل الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، كان خامنئي ناشطاً سياسياً، وعارض ديكتاتورية الشاه وتحمَّل 15 عاماً من السجن والتعذيب والنفي، وارتفعت مكانته بين الثوريين بعد الثورة، وفي عام 1981 انتُخِب رئيساً. وقد لعب خامنئي دوراً محورياً في الإشراف على وقيادة جهود الحرب الإيرانية العراقية (1980ـ1989)، التي دعمت فيها الولايات المتحدة وقوى عالمية وإقليمية صدام حسين. أما محمد بن سلمان، فقد وُلِد عام 1985 وليست له أي خبرة يمكن مقارنتها بخامنئي.

سياسات خارجية متباينة

وتابع الدبلوماسي الإيراني السابق "تزعَّم علي خامنئي لـ28 عاماً دولة تعرَّضت لكل أنواع الضغوط الاقتصادية والسياسية والأمنية من قِبل القوى الخارجية بشكلٍ أساسي الولايات المتحدة بهدف تحفيز عملية تغييرٍ للنظام. ومع ذلك، لم يثبت أمن واستقرار إيران في هذه الفترة وحسب، بل وأصبحت البلاد قوة إقليمية مؤثرة. وفي الحقيقة، لم ينتج عن سياسات العقوبات والضغط والتهديدات بالحرب ضد طهران إلا ترسيخ موقفها بصفتها الدولة الإقليمية الوحيدة التي لا تعتمد على القوى الخارجية في أمنها.

وعلاوة على ذلك، بُنيَت استراتيجية الأمن القومي لخامنئي على الاعتقاد بأنَّ مواجهة تطلعات الهيمنة الأميركية في الشرق الأوسط ليست فقط مصدراً لقوة إيران، وإنما تسمح لها أيضاً بالحفاظ على استقلاليتها.

وأضاف موسوي على النقيض من ذلك، تنظر الأسرة المالكة السعودية للولايات المتحدة بصفتها ضامن أمنها واعتمدت على رعايتها العسكرية والسياسية والاقتصادية لعقود. وقد أشار محمد بن سلمان، في شهر أيار الماضي، على استمرار اعتماده على الولايات المتحدة بتوقيعه أكبر صفقة أسلحة في تاريخ الولايات المتحدة بقيمة 350 مليار دولار، وبذلك حظي بدعم البيت الأبيض الكامل لأجندته الإقليمية والداخلية.

وبحسب المقال داخل المنطقة، شكَّلت طهران شراكةً استراتيجية مع روسيا. وقد لعبت طهران دوراً محورياً في سوريا والعراق، بناءً على طلبٍ من حكومتي البلدين، لتأمين سلامة أراضيهما وهزيمة المنظمات الإرهابية المرتبطة بداعش. وعلى الرغم من إعطاء إدارة ترامب الضوء الأخضر للسعودية، فإنَّ الأخيرة قد غاصت في مستنقع في اليمن.

أما في الأمور الاقتصادية، فإنَّ خامنئي ومحمد بن سلمان يختلفان أيضاً بشكل أساسي. فعلى الرغم من أنَّ كلاً من إيران والسعودية تعانيان من الفساد والبطالة المزمنة وانخفاض أسعار النفط، فإنَّ إيران قد اتخذت، في مواجهة هذه التحديات، خطواتٍ لإصلاح نظام دعمها غير الكفؤ وتنويع اقتصادها. وعلاوة على ذلك، قال صندوق النقد الدولي إنَّ السعودية سوف تعاني، مرةً أخرى، هذا العام من العجز، وهو ما سيزيد استنزاف احتياطياتها من النقد الأجنبي. وبالنظر إلى أنَّ النفوذ السعودي التقليدي في العالم العربي كان مبنياً على قوتها المالية، فإنَّ تناقص قدراتها المالية سيُقوِّض من قيادتها للعالم العربي، بحسب موسوي.

أنماط قيادة متباينة

وبالعودة إلى نشأة كل الرجلين فإن الزعيم الإيراني نشأ في أسرةٍ فقيرة وحافظ على نمط حياةٍ متواضع منذ استلامه لمناصبه الرسمية بعد الثورة. أمَّا محمد بن سلمان فقد عاش منذ ولادته في قصور مزخرفة ولم يشهد قط مصاعب شخصية أو فقراً. والعام الماضي، قالت صحيفة نيويورك تايمز إنَّه اشترى يختاً بقيمة 500 مليون دولار، كما ذكر مقال موسوي.

يُعَد الزعيم الإيراني كذلك خبيراً في الجيوبولوتيكا (الجغرافيا السياسية) وصنع القرارات السياسية، إذ تمتد خبرته السياسية والعسكرية والأمنية لأكثر من 50 عاماً، ويتزعَّم دولة فاعِلة نسبياً وذات تاريخ حضاري غني. وهذا هو السبب الأساسي الذي مكَّن إيران من الحصول على أعلى المكاسب وأقل الخسائر في المنطقة بينما دفعت السعودية أعلى التكاليف وحازت أقل المكاسب، بحسب المقال.

ومع ذلك، يُعَد محمد بن سلمان قائداً شاباً وطموحاً لديه خطة إصلاح غير مسبوقة لتحويل السعودية إلى مجتمعٍ أكثر انفتاحاً وكبح جماح مؤسستها الدينية الوهابية الأصولية. وهذا بالضبط هو ما تحتاجه السعودية. وإذا ما نجح محمد بن سلمان في مسعاه، فإنَّ البلاد سوف تصبح قوة كبرى من قوى الاستقرار والتنمية في المنطقة والعالم العربي. ومن الناحية الأخرى، سيشهد الشرق الأوسط موجةً جديدة من الدمار إذا ما انحدرت السعودية للفوضى.

وختم موسوي مقاله "فبعد اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011، أصبح حدوث تغيُّرٍ أساسي في المشهد الجيوسياسي في المنطقة أمراً حتمياً. ولن تضر العلاقة الصفرية بين إيران والسعودية الاستقرار الإقليمي فحسب، وإنما ستقلص أيضاً احتمالات الإصلاح السعودي بدلاً من تعزيزها. ويبقى التعاون بين هاتين القوتين الإقليميتين الوازِنتين عنصراً أساسياً لتشكيل نظامٍ شرق أوسطي سلمي جديد وتمكين محمد بن سلمان من إدارة التحديات الداخلية السعودية.