على خط القوى المعارضة للتسوية حركة اتصالات متسارعة، وافكار اولية وتصوّر لكيفية خوض المعركة في الكثير من الدوائر او في معظمها، وعن هذه الاتصالات تلخص مصادر معارضة الوضع الحالي بالآتي:
أولاً: انّ النواة الاساسية من القوى التي عارضت التسوية باتت في حكم التعاون الانتخابي بغضّ النظر عن طبيعة هذا التحالف وتفصيلاته واسمائه في الدوائر، وهذه القوى التي يمكن اختصارها بحزبي الكتائب و»الوطنيين الاحرار» وباللواء أشرف ريفي والدكتور فارس سعيد ومجموعات المجتمع المدني، تتواصل بروحية تحقيق هدف تشكيل لوائح انتخابية، تحمل برنامج 14 آذار من دون الالتزام بعنوان 14 آذار، اي انّ هذه القوى تحمل البرنامج السيادي الاصلاحي المعروفة عناوينه، في مواجهة القوى المشاركة مع «حزب الله» في السلطة، سواء منها المسيحية او الاسلامية، وتطمح هذه القوى الى إعادة تشكيل توازن في مواجهة مشروع «حزب الله» بالحد الذي يمكن تشكيله، وهي ترى انّ التقاءها ضمن معركة انتخابية واحدة أمر لا بد منه، وهذا الالتقاء بات اكثر إلحاحاً بعد ازمة الاستقالة والعودة عنها.
ثانياً: تطمح هذه القوى لاستعادة مشهد معركتي الـ 2009 و2005، وهذا يفترض تحديد أسس التعامل مع مكوّنين أساسيين اي تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية» اللذين يشاركان في الحكومة بعدما دخلا كل على طريقته في تفاهمات مع «التيار الوطني الحر» المتحالف مع «حزب الله».
فـ«المستقبل» و«القوات» اللذين شاركا في صنع التسوية الحالية التي أدّت الى تمكين «حزب الله» من السيطرة على القرار اللبناني، مستمران بتغطية هذه التسوية كل على طريقته. ففي وقت ذهب «المستقبل» الى التحالف الكامل مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، اصطدمت «القوات» بالتيار العوني وتعرضت للعزل داخل الحكومة، وهي اليوم في موقع المعارضة من داخل الحكومة، مع استمرارها بتأييد التسوية، وتحييدها لرئيس الجمهورية.
وفي هذا الاطار تشير المصادر الى أنّ التعاون مع «القوات اللبنانية» ضروري على ان يتمّ حسم التباسات في التموضع والخطاب بما يتلاءم مع وضوح المعركة وجذريتها. امّا عن «المستقبل» فتشير الى أنّ موقف الرئيس الحريري بالاستمرار في التسوية، قد يكون قراراً نهائياً لقناعته بجدوى التحالف مع «التيار الوطني الحر»، وبانعدام ظروف المواجهة.
وفي هذه الحال، لا بد من انتظار أجوبة في الاسابيع المقبلة عن اسئلة طرحت حول مسعى سعودي سيترجم بدعوة الرئيس الحريري الى زيارة المملكة، والتفاهم على مسار جديد، وتبعاً لتلك الاجوبة، يمكن تحديد مسار التحالفات ومصير الحكومة.
ثالثاً: تدرك قوى المعارضة أنّ طبيعة القانون الانتخابي والادوات التي تملكها السلطة، قادرة على الاتيان بأغلبية واضحة، قد ينال فيها «حزب الله» الأغلبية المطلقة، وقد ترتفع حصته مع حلفائه الى اكثر من سبعين نائباً (من دون احتساب كتلة النائب وليد جنبلاط)، وهذا يحتّم مسيحياً تكتل جميع القوى في مواجهة الحليف المسيحي الاول للحزب اي «التيار الوطني الحر»، الذي يحتفظ بقوته مضافاً اليها موقعه في السلطة من رأس الهرم الى الحكومة والادارات على اختلافها.
وتشير المصادر الى انّ الحوار الكتائبي القواتي الذي انطلق يدرك طرفاه هذه الحقيقة، وهما يعرفان أنّ فرصتهما تكمن بتوحيد اللوائح (وترك المنافسة للصوت التفضيلي داخل اللوائح)، فالشرذمة وعدم القدرة على الاتفاق على سقف سياسي للمعركة كما على لوائح انتخابية سياسية «ومدنية» سيؤديان الى تقزيم حضور القوى المؤهلة في مرحلة ما بعد الانتخابات، والى استفرادها، ويمكن تصور شكل الحكومة الجديدة من الآن في حال فاز «حزب الله» وحلفاؤه بأغلبية كبيرة، كما يمكن توقع طبيعة التشريعات التي ستسنّ في المجلس النيابي المقبل، بما يتعلق بسلاح «حزب الله» ومشروعه.