أوضَحت مصادر «بيت الوسط» لـ«الجمهورية» أنّ الحريري باشر اتصالاته سعياً في المرحلة الاولى إلى تكوين افكار مبدئية حول ما يمكن اتخاذه من خطوات لإقفال هذا الملف.
وقالت إنّه وفي ظلّ تكتّم الحريري على ما هو مطروح فُهِم أنّ هناك تصوّراً مبدئياً يُعمَل على تطويره لتفكيك الأزمة. ولفتت إلى أنّ الحريري طرح في خلوة بعبدا شيئاً منها على رئيس الجمهورية ولن يكون هناك شيء جاهز قبل لقائه مع بري، وهو لقاء لم يحدَّد له ايّ موعد بعد».
مصادر وزارية
وقالت مصادر وزارية متابعة لـ«الجمهورية»: «صحيح أنّ الحكومة عقدت جلستها وكأنّ شيئاً لم يكن، لكنّ اللقاءات الجانبية التي حصلت على هامش الجلسة فتحَت الباب للمعالجة السياسية، وبدا رئيس الحكومة عازماً على حلّ المشكلة من خلال عرضِه اقتراحات».
وعلمت «الجمهورية» أنّ «من بين هذه الاقتراحات تجريد مرسوم الاقدميات من ابعاده السياسية وحصرُه بالاطار القانوني والدستوري من خلال تكليف جهة دستورية محايدة إجراءَ مطالعة حوله وإبداء رأيها الدستوري فيه، على أن تحظى هذه الجهة بثقة طرفَي الخلاف».
وأضافت المصادر الوزارية: «التوتّر السياسي موجود، ولكنّ الوزراء تهيَّبوه، خصوصاً أنّ رئيس الحكومة أصرّ في بداية الجلسة على التضامن الوزاري رغم الخلافات السياسية، وبدا الجميع مقتنعاً بأنّ مجلس الوزراء يجب أن يبقى في منأى عن ايّ خلاف، لاقتناع جميع القوى السياسية المتمثلة في الحكومة بأنّ من مصلحة الجميع عدم تفجيرها في الفترة المتبقية من عمرها قبل الانتخابات النيابية».
برّي
وردّاً على سؤال حول ازمة «مرسوم الاقدمية» قال بري امام زوّاره مساء امس: «إنّ الأزمة ما تزال تُراوح مكانها، ولا شيء إيجابياً بعد، ولا تزال الأمور جامدة ولا جديد».
وسُئل بري عن الحلول المطلوبة، فأجاب: «الحل أنا وضعتُه، وهو الحل البسيط والمثالي والقانوني، هو أن يُرسَل المرسوم إلى وزير المال ليوقّعه لا أكثر ولا أقلّ».
وأكّد بري أنه لن يتراجع عن هذا الموقف «لأنه موضوع دستوريّ وميثاقي وله علاقة باتّفاق الطائف، وأنّ ما يحصل من تجاوُز التوقيع (توقيع وزير المال) وغيره دُفعَ ثمنَها مئة وخمسون الف قتيل، ويجب على الجميع أن يعرفوا أنّ هذه المسألة ليست سهلة ولا رجوع عنها على الإطلاق».
وأكّد بري أنّ لقاءَه أمس الاوّل مع قيادة الجيش «كان إيجابياً جداً»، وأشار إلى أنه عرَض خلاله مسألة مرسوم الأقدمية امام القيادة العسكرية وتوسّع في الشرح، وقال في الخلاصة «إنّ قيادة الجيش والمؤسسة العسكرية غير مستهدفة بما يَجري، وأنا حريص على هذه المؤسسة وعلى حقوق العسكريين وعلى دعم هذه المؤسسة قبلاً والآن وفي كلّ وقت، ولكنّ هذا الموضوع لا علاقة للمؤسسة به على الإطلاق، هناك مرسوم موجود وهو حتى الآن غير نافِذ لأنه يحتاج إلى توقيع وزير المال.
هناك أصول قانونية يجب أن تُتبع ولا يمكن أن نحيدَ عنها أبداً أبداً أبداً. يجب أن يوقّع وزير المال المرسوم، ومن العيب أن يمرّ هذا المرسوم خلافاً للقانون، إذ إنّ هناك قانوناً سبق لنا أن أقرّيناه في مجلس النواب ويجب التقيّد به في اعتبار أنّ هناك مسألة ميثاقية وقانونية ودستورية لا بدّ من أن يتمّ الالتزام بها».
إنتخابات بلا إصلاحات
ونعى وزير الداخلية نهاد المشنوق الاصلاحات في قانون هذه الانتخابات، وقال: «واضحٌ أنّ الوقت يأكل الإصلاحات، وذاهبون إلى الانتخابات وفق القانون لكن بلا إصلاحات».
هذا الأمر عزّزه مجلس الوزراء بتخصيصه مبلغ 50 مليار ليرة لبنانية لإجراء الانتخابات، في إشارةٍ إلى حسم الذهاب لإجرائها بلا إصلاحات، لأنّ بند تمويل الانتخابات تأجّل مرّات عدة بسبب عدم الاتفاق على البطاقة البيومترية والتسجيل المسبَق و»الميغا سنتر».
سجال «القوات» ـ «الحزب»
في أيّ حال، فإنّ مجلس الوزراء انعقد في أجواء هادئة لم يَخرقها سوى سجالٍ ناعم بين «القوات اللبنانية» و»حزب الله» حول جبهة الجنوب، وإذ ظلّ سقفه مضبوطاً فإنه أظهر مدى الهوّة بين الطرفين.
وعلمت «الجمهورية» انّ الوزير بيار بوعاصي سأل في مداخلته: «أين اصبح التحقيق في قضية قيس الخزعلي؟». وقال: «إذا تكرّرت هذه الامور فسنسيء إلى صورة لبنان». وعقّبَ الوزير غسان حاصباني على كلامه فقال: «نريد ان يكون الجيش وحده المسؤول عن المخاطر العسكرية التي تُواجه لبنان».
فردّ وزير العدل سليم جريصاتي بتأكيده «انّ التحقيق لم ينتهِ بعد وأنّ التحقيقات التي أجرتها وزارة العدل بيّنت انّ هذا الشخص لم يدخل إلى لبنان عبر المعابر الشرعية، على ما أبلغَ إليه الأمن العام، فهو ربّما دخلَ خلسةً أو استعملَ بطاقة مزوّرة».
كذلك، أثار بوعاصي كلام الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله عن فتح جبهةِ الجنوب، وقال: «إنّ مِثل هذا الكلام يتعارض مع سياسة النأي بالنفس، والحديث عن استقدام مقاتلين من اليمن والعراق وغيرها مرفوض تماماً وهو اختزال للدولة».
فردّ عليه الوزير محمد فنيش قائلاً: «عوض ان نفتحَ مواضيع جانبية فلنُركّز على المخاطر الاسرائيلية. انّ مجلس الوزراء ليس مكان سجال، هناك نيّات اسرائيلية عدائية يجب التنبّه اليها وعدم التلهّي بالكلام».
واستكمل فنيش هذا الموقف خارج الجلسة بموقف اكثر تصعيداً عندما قال لدى مغادرته: «انّ كلام السيّد نصرالله لا يحتاج لا لتفسير ولا لتوضيح. إذا اعتدَت اسرائيل ماذا نفعل؟ هل نتفرّج؟ أم نستنجد بترامب؟ هناك جهة متضرّرة من حالة الاستقرار السياسي التي سادت بعد انتهاء أزمة استقالة الحريري. وهناك من يريد أخذ البلدِ إلى سجالات للاستفادة منها إعلامياً، فهذه مشكلته. أمّا كلام السيّد فواضح وضوحَ الشمس».
وعلمت «الجمهورية» انّه وبعد الكلام السياسي لرئيسي الجمهورية والحكومة، طلبَ الوزير غازي زعيتر الكلام طارحاً ملفّات زراعية مهمَلة تحتاج للمتابعة. وتحدّث بَعده الوزير مروان حمادة مقترحاً عَقد جلسةٍ استثنائية لمجلس الوزراء للبحث في الملف التربوي. وطرَح أزمة النفايات في الشوف وعاليه متسائلاً عن سبب التباطؤ في معالجتها.
وتحدّث الوزراء تباعاً، كلّ مِن موقعه، عن الملف الذي يَعنيه. فمنهم من اقتصَرت مداخلته على القضايا الاقتصادية والاجتماعية والحياتية، ومنهم من تناوَل الشأن السياسي. فالوزير علي قانصو نبَّه إلى ضرورة استمرار التوافق السياسي وعدمِ حصول أيّ شرخ نتيجة المواقف التي تصدر من وقتٍ إلى آخر.