أولاً: السيد حسن نصرالله على خطى الإمام علي بن أبي طالب
قال السيد حسن نصرالله بالأمس (وهو رجل ثقة) أنّ راتبه يبلغ ألف وثلاثمائة دولار أميركي، وهو مبلغ متواضع جدّاً في لبنان، موظف في الفئة الثالثة يتقاضى ضعف هذا المبلغ، وهكذا يكون السيد قد سار على خطى الإمام علي بن أبي طالب الذي كان يقسم بيت المال في كلّ جمعة حتى لا يبقى منه شيئاً، ثمّ يُفرشُ له ويقيلُ فيه، وكان إذا دخل بيت المال ونظر إلى ما فيه من الذهب والفضة قال:
" ابيضّي واصفرّي وغُرّي غيري
إنّي من الله بكلّ خير."
وعندما قُتل شهيداً رثاهُ ابنه الحسن وقال: "لقد ترك ثلاثمائة درهم،" وعندما استعمل الإمام علي ابن عمّه عبدالله بن عباس على البصرة، فاستحلّ الفيء على تأويل قول الله تعالى: (واعلموا أنّ ما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خُمسُه وللرسول ولذي القربى)، واستحلّه من قرابته من رسول الله (ص)، وما لبث أن كتب أبو الأسود الدؤلي إلى عليٍ يشكو ابن عباس: " إنّ ابن عمّك قد أكل ما تحت يديه من غير علمك، فلم يسعني كتمانك ذلك، فانظر رحمك الله فيما هنالك."
وكتب عليٌّ لابن عباس: "أمّا بعد، فإنّه بلغني عنك أمرٌ، إن كنت فعلته فقد أسخطّت الله، وأخزيت أمانتك، وعصيت إمامك، وخُنت المسلمين، بلغني أنّك جردت الأرض وأكلت ما تحت يدك، فارفع إليّ حسابك، واعلم أنّ حساب الله أعظم من حساب الناس والسلام. "
إقرأ أيضا : كم يبلغ راتب نصر الله الشهري ؟
فكتب إليه ابن عباس: "أما بعد، فإنّ كل الذي بلغك باطل، وأنا لما تحت يدي ضابط، وعليه حافظ، فلا تُصدّق على الظّنين والسلام."
فكتب إليه علي: "فإنّه لا يسعني تركك حتى تعلمني ما أخذت من الجزية، من أين أخذته؟ وما وضعت منها وأين وضعته؟ فاتّق الله فيما ائتمنتك عليه واسترعيتك إياه."
فلما رأى ابن عباس أنّ عليّاً غير مقلعٍ عنه، كتب إليه: "ابعث إلى عملك من أحببت، وحمل معه ما كان في بيت مال البصرة وكان فيما زعموا ستة آلاف ألف،" ومضى مع بعض أصحابه حتى قدموا الحجاز فنزل مكة.
وكتب إليه علي كتاباً نقتبس منه: "أمّا بعد، فإنّي اشركتك في أمانتي ولم يكن من أهل بيتي رجلٌ أوثق عندي منك،... قلبت لابن عمك ظهر المجن، ففارقته مع القوم المفارقين، وخذلته أسوأ خذلان، وخُنته مع من خان، أما تعلم أنّك تأكل حراماً وتشرب حراماً وتشتري الإماء وتنكحهم بأموال اليتامى والأرامل والمجاهدين في سبيل الله التي أفاء الله عليهم.فاتّق الله وأدّ إلى القوم أموالهم ، فإنّك والله لئن لم تفعل وأمكنني الله منك لأُعذرنّ إلى الله فيك، فوالله لو أنّ الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلت، ما كانت لهما عندي هوادة، ولما تركتهما حتى آخذ الحقّ منهما."
إقرأ أيضا : نصر الله يتودّد لفقراء إيران ... ولمقاتليه المُعدَمين: راتبي 1300 دولار
ثانياً: المرشد السيد الخامنئي على خطى الخليفة عثمان
إذا كان السيد حسن نصرالله يتنكّب خطى الإمام علي، ويتقاضى راتباً متواضعاً، وكان إمامُه القابع في طهران يمتلك ثروة تقدّر بالمليارات، فإنّ المرشد الأعلى يكون قد سار على خطى الخليفة الثالث عثمان بن عفان في السنوات الأخيرة من ولايته، فقد عمد إلى تأمير الأحداث من أهل بيته على الجلّة الأكابر من أصحاب محمد (ص)، فقالوا لعبد الرحمن بن عوف: "هذا عملك واختيارك لأمة محمد! "قال: "لم أظنّ هذا به، "ودخل على عثمان فقال له:" إنّي إنّما قدّمتك على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر، وقد خالفتهما."فقال عثمان: "عمر كان يقطع قرابته في الله، وأنا أصلُ قرابتي في الله، "فقال له:" للّه عليّ أن لا أُكلّمُك أبداً! "فمات عبدالرحمن وهو لا يُكلّم عثمان.
ومنّا نقم الناسُ على عثمان: أنّه آوى طريد رسول الله الحكم بن أبي العاص-ولم يُؤوه أبو بكر ولا عمر- وأعطاه مائة ألف، وسيّر أبا ذرٍّ إلى الربذة، وطلب منه عبدالله بن خالد بن أسيد صلةً فأعطاه أربعمائة ألف؛ وتصدّق رسول الله بمهزون-موضع سوق المدينة- على المسلمين، فأقطعها الحارث بن الحكم أخا مروان؛ وأقطع فدك مروان، وهي صدقة لرسول الله (ص)، وافتتح إفريقيا؛ فأخذ خُمس الفيء فوهبهُ لمروان.
هذا غيضٌ من فيض ممّا أخذه المسلمون على خليفتهم، فيا تُرى، هل يُحصي الإيرانيّون في قادم الأيام من مآخذ على إمامهم ومرشدهم ما أحصاهُ المسلمون في حقّ الخليفة الثالث؟