يقول قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري إن موقعًا اخباريًا مقربًا من أحد المسؤولين السابقين يقف وراء الدعوات لأول تظاهرة في مشهد ومدن أخرى، ووصف جعفري هذا المسؤول السابق بالمغرد خارج السرب وهذا وصف استخدمه المرشد الاعلى آية الله خامنئي في نقد تصرفات الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، وأضاف بأن السلطات المعنية تدرس حاليًا موضوع تدخل هذا المسؤول السابق وبحال ثبوت الارتباط بينه وبين تلك الدعوات سيتم مواجهته وفق الظروف وطلب القوى الأمن الداخلي، مما يعني بأن القوى الأمن الداخلي وجهت أصابع الإتهام إلى محمود أحمدي نجاد.
وفيما يتعلق بدور أحمدي نجاد يمكن القول بأنه ليس لديه قوة لتحشيد المتظاهرين بشكل مباشر وتحت رايته، ذلك لأنه متهم بالتورط في العدد من ملفات الفساد المالي والشعب الإيراني عانا خلال فترة ولايته ما عاناه من المشاكل الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والقمع الداخلي والحصار الدولي.
إقرأ أيضًا: إيران: مسيرات شعبية عارمة مؤيدة للنظام
اذًا لا يشكل احمدي نجاد بنفسه مصدر تهديد للنظام ولهذا أطلق النظام عنانه وتركه يتجول في مختلف المدن والقرى وينتقد القضاء وحتى المرشد الأعلى ويدخل في لعبة بنغ بونغ معه ويرد صاعه بصاعين ولا أحد يعترض عليه، وبعدما انتقد خامنئي تصرفات أحمدي نجاد بأنها غير لائقة لمسؤول سابق حكم البلاد لمدة عشر سنوات ثم يعود ويغرد خارج السرب، استمر نجاد فى انتقاداته متسائلًا: اذا اختلف شخص مع المرشد الاعلى وكان لديه رأي آخر هل عليه أن يذهب ويموت لأنه يخالف المرشد الأعلى؟!
تلك التصريحات لم يعهده الشعب الإيراني حتى عند ما اشتد الخلاف بين الإمام الخميني وأول رئيس لإيران ابو الحسن بني صدر قبل هروبه من إيران الى فرنسا.
لم يشاهَد أي بصمة لفريق أحمدي نجاد خلال الإحتجاجات الأخيرة في إيران مما يعني بأن المتظاهرين ما كانوا من أنصاره ولكن لا يبعد ان يكون له تأثير غير مباشر على الإحتجاجات حيث أنه تجاوز الخطوط الحمراء في الحوار مع المرشد الأعلى ورفع سقف الانتقاد عاليًا خلال الفترة الأخيرة أي خلال محاكمة مقربيه وآخرهم وليس أخيرًا حميد بقائي معاون الرئيس نجاد في الشؤون التنفيذية الذي حكم عليه بالسجن لـ 63 عامًا وفق الأخير أو 15 عامًا وفق مصادر أخرى.
إقرأ أيضًا: إيران: مكونات الحركة الإحتجاجية الأخيرة
فالإستراتيجية التي اتخذها أحمدي نجاد في مواجهة القضاء تتركز على هجوم مضاد على رئيس القضاء وأسرته وتوجيه تهمة الفساد المالي والأمني لهم أكثر مما هي على براءة مقربيه من التهم حيث انه يعرف أن هناك وثائق لا يشوبها خلل وتثبت تلك الوثائق تورط حاشيته في ملفات الفساد.
ثم عند ما أصيب بخيبة أمل في اعفاء مقربيه المتهمين من المحاكمة، دخل في لعبة الصراع مع المرشد الأعلى واكد على عدم انسحابه وخلال رسالته المصورة الأخيرة توعد المسؤولين - دون أن يحددهم - بأن الشعب سيكنسهم.
تلك المواجهة الكلامية التي أطلقها الرئيس السابق بطبيعة الحال لها تأثير على الشارع كما صمته أمام الإحتجاجات التي عمت الكثير من المدن الإيرانية خلال أسبوع، يثير تساؤلات عدة، هل أن الرئيس أحمدي نجاد كان يؤيد التظاهرات ولو أن المتظاهرين ما كانوا تحت مظلته ولا آبهين بوضعه الذي لا يحسد عليه؟ وما هو سر صمته المريب تجاه الإحتجاجات بينما الإصلاحيون اتخذوا موقفًا صريحًا تجاهها وأدانوا أعمال الشغب التي تخللتها؟
هل سيكسر نجاد صمته قبل أن يكسر العسكر والأمن المتبقى من كيانه؟