أزمة سياسية بين بري وعون تتمدد وتتوسع
الديار :
تطرق الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله الى كل الملفات خلال حديثه الى قناة «الميادين» عبر برنامج لعبة الامم الذي يعده ويقدمه الزميل سامي كليب، واكد سماحته على «حتمية انتصار محور المقاومة التي ستكون فرصته تحرير القدس» معتبرا ان معركتنا مع العدو الاسرائيلي اساسه الانسان وليست الاسلحة، وانساننا سينتصر على انسانهم الجبان. وقال السيد نصرالله يجب ان نضع نصب اعيننا احتمال الحرب بعد قرارات ترامب ونتنياهو، وان محور المقاومة بات اقوى من اي زمن مضى مشيراً الى واقع مقاوم سيخرج من سوريا رغم جراحها المثخنة، وقال: سيأتي يوم ونعلن فيه عن عدد شهداء وجرحى حزب الله في سوريا. واكد ان المقاومة موجودة في الجنوب السوري وهذا حق لسوريا وصولاً الى تحرير الجولان. واعتبر ان فلسطين من البحر الى النهر هو حق لن نتنازل عنه ولا يوجد احد لا فلسطيني ولا عربي يتخلى عن حبة تراب من فلسطين او من حرف من اسمها، وتابع لن نعترف بشرعية الكيان الغاصب حتى لو اعترف به كل العالم.
وعن القرار الاخير للرئيس الاميركي ترامب بشأن مدينة القدس رأى سماحته ان هذا القرار يعني نهاية اسرائيل، وان ترامب مس بالقدس التي تشكل نقطة اجماع وتعني مئات ملايين المسلمين والمسيحيين، مشدداً على ان عملية السلام انتهت والحل باعتماد نهج المقاومة، وكشف انه التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية وقد شكلت القدس جوهر اللقاءات وتفعيل الانتفاضة وتأمين الدعم لها ومن الواجب دعمها بالسلاح مشيراً الى ان المقاومة تحتفظ لنفسها في المفاجآت. ودعا الى الانتباه لقرارات ترامب وطالب محور المقاومة للتحضير والعمل لمواجهة اي طارئ وان يحول اي حرب الى انتصار ملمحاً الى انه سيكون ابعد من الجليل، وذكر ان اهم عنصر في صراعنا مع العدو هو عنصر المفاجأة. واعتبر ان موضوع الدخول الى الجليل هو ثنائي ومنفصل عن الحرب الكبرى والقوى التي ستدخل فيها.
وكشف عن اخر المحاولات الاميركية للتواصل مع حزب الله وكانت بعد انتخاب ترامب لكن قبل استلامه لمنصبه. كما ان معظم الدول الاوروبية حاولت التواصل مع الحزب، وبات هناك تعاوناً معلوماتيا مع بعض الاجهزة الاوروبية لمكافحة داعش، وعن لبنان قال سماحته ان المخطط السعودي كان يقضي بايصال لبنان الى فراغ حكومي وبالتالي الى الفوضى ونشر السلاح على اراضيه وعلى اللبنانيين ان يعلموا انه تم انقاذ لبنان من مخطط خطير وفوضى وحرب اهلية. والفرنسيون لديهم هذه المعطيات كما كشف عن تواصل حصل بين الحريري وحزب الله معبراً عن عدم ممانعته باللقاء معه لكنه لا يريد احراجه، ونفى نصرالله ما يتردد عن حلف خماسي في الانتخابات النيابية معتبرا ان الاساس بالنسبة لحزب الله هو حلفاؤه.
واوضح ان حزب الله يسعى اليوم لايجاد حل للمشكلة بين صديقينا وحليفينا الرئيسين نبيه بري وحزب الله، وتابع ان حزب الله ليس طرفاً وانما يتبنى الرأي القاضي بضرورة توقيع وزير المالية، ورأى ان الخيارات صعبة في هذه المسألة نظراً لدقتها وحساسيتها مطالباً بوجود جهة في الدولة عليها ان تحسم في الامور الدستورية بدلاً من توسعها.
اللواء :
فتح ساحة النجمة امام المواطنين اللبنانيين، يعني في ما يعني، ان مرحلة مريرة أحاطت بالبلاد والعباد طويت أيضاً، فرفعت الحواجز وبات بإمكان النّاس ان يتحركوا في السابق قبل الإجراءات التي ازيلت مع بداية هذا العام..
إلا ان «الحواجز» امام الترقيات الكاملة، لم ترفع بعد، بانتظار ان تنجح الاتصالات التي تبذل لتضييق شقة التباين السياسي - الدستوري بين الرئاستين الأولى والثانية.
وقبل ساعات من جلسة مجلس الوزراء اليوم لم تكن أزمة مراسيم الترقية لضباط دورة 1994 وجدت سبيلها إلى المعالجة.
وعزت أوساط عين التينة استمرار المأزق، لأن «الاصول لم تحترم وفي ظل تأكيد وزارة المال ان لا شيء تغيّر بعد».
وإذا كان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله نأى بنفسه وبحزبه عن الأزمة باعتبار ان الخيارات ليست سهلة، معلناً عن تفهم وجهتي نظر كل من الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه برّي، وان حزب الله «جهة حكم» ليحتكم إليها، منتقداً غياب مرجعية للبت بدستورية المراسيم، مثل مصلحة تشخيص النظام في إيران، فإن الزيارة التي جرى الحديث عنها إلى عين التينة من قبل الرئيس سعد الحريري لم تتم، وقال المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بعد لقاء الرئيس الحريري: «رئيس الحكومة يتابع الموضوع، لا أنا، فهو أولى بالعمل، ولا شيء بلا حلّ».
وأعربت مصادر بعبدا عن استياءها الشديد لما وصفته «نبش مرسوم» عائد إلى العام 1997، لتبرير نشر مرسوم الاقدمية في الجريدة الرسمية، من قبل وزارة المال، في إشارة إلى ان الحديث عن اعتبار المرسوم نافذاً بعد توقيع رئيس الجمهورية من دون نشره في الجريدة الرسمية مرفوض، استناداً إلى قانون صادر عام 97، وموقع من الرئيس الراحل الياس الهراوي، ويقضي بنشر أي قانون أو أي مرسوم أو قرار في ملحق من الجريدة الرسمية في مهلة أقصاها 15 يوماً من تاريخ صدوره.
أزمة المرسوم
كانت أزمة المرسوم قد حضرت في لقاء الرئيس برّي مع قائد الجيش العماد جوزاف عون على رأس وفد من القيادة، وكذلك في لقاء الرئيس الحريري مع اللواء إبراهيم على رأس وفد من كبار ضباط المديرية.
واصر الرئيس برّي امام وفد قيادة الجيش على ان يتطرق إلى أزمة المرسوم، رغم ان العماد عون أوضح له ان الهدف من الزيارة هو المعايدة بحلول العام الجديد، وليس بهدف الحديث عن أي شيء آخر، لانك أب للمؤسسة العسكرية، فرد عليه برّي قائلاً: «انا أم وأب وست وجد المؤسسة، وإذا انتو ما بدكم تحكو انا بحكي».
وعلم ان الرئيس برّي أكّد للعماد عون ان موقفه من المرسوم ليس سياسياً أو مذهبياً، وهو ليس موجهاً ضد المؤسسة العسكرية التي لطالما كنت المدافع الأوّل عنها في الكثير من المحطات، واعتبرها الضامنة للاستقرار في لبنان، بل موقفي هو محض دستوري ويتعلق بالصلاحيات، وان الحل لهذه الأزمة يكون عن طريق تطبيق مواد الدستور واحترام الصلاحيات، إذ لا يجوز القفز فوق توقيع وزير المال من أية جهة كان هذا الوزير على أي مرسوم له مرتبات مالية، مشدداً على انه لطالما ردّ إلى الحكومة مشاريع قوانين لم تكن مزيلة بتوقيع الوزير المختص..
وفي تقدير مصادر نيابية قريبة من عين التينة، ان الرئيس برّي تنازل 50 في المائة في أزمة المرسوم، وهو مستعد لطي الملف فقط بتوقيع وزير المال علي حسن خليل، مشددة على ان ما يقال عن ان المرسوم نافذ دون نشره هو كلام غير صحيح وغير دقيق وغير قانوني، وأشارت إلى ان عين التينة تنتظر دورا من الرئيس الحريري لحل الأزمة، رغم انه من غير المعروف لا تفاصيل ولا نتائج المسعى الذي يقوم به رئيس الحكومة، ولا ما إذا كان الوزير خليل أو غيره سيطرح هذا الأمر للبحث في جلسة مجلس الوزراء اليوم.
وكانت مصادر مطلعة على وجهة نظر بعبدا، اشارت إلى ان مرسوم منح اقدمية لضباط دورة 1994 عمم ونشر في حينه، وهو ليس بحاجة إلى الجريدة الرسمية، وأكدت انه لا يمكن ان تصدر المراسيم دفعة واحدة، وان قسماً منها تمّ توقيعه باستثناء مرسوم ترقية ضباط الجيش، مشيرة إلى ان وزير المال لا يملك صلاحية للرقابة على عمل زملائه الوزراء الآخرين، استناداً إلى قرار صدر عن مجلس شورى الدولة في العام 1991.
وردت مصادر مقربة من الوزير خليل على هذا الكلام، مؤكدة ان وزير المال لم يدع يوماً ان له رقابة على زملائه، لكنه متمسك بالصلاحيات المنصوص عنها في الدستور لجهة دور الوزارة والوزير، وهو لن يتخلّى عن هذه الصلاحيات.
وأشارت إلى ان شيئاً لم يتغيّر على الإطلاق بالنسبة لمرسوم الضباط، فالمسألة دستورية بحتة وقد اوضحها الرئيس برّي بكل جوانبها، وهو عاد واكدها امام نواب الأربعاء بأن «الوضع لا يزال على حاله بالنسبة للمرسوم، مجدداً التأكيد على وجوب الالتزام بالاصول والقوانين والدستور في هذا الشأن».
وإذ تمنى للبنانيين في العام الجديد الخير والاستقرار، أكّد على ضرورة الانصراف إلى معالجة قضايا النّاس الحياتية والخدماتية، قائلاً: «آن الأوان لتأمين الكهرباء والماء والطبابة وكل الاحتياجات الخدماتية للمواطنين في كل لبنان».
نصر الله
في هذا الوقت، كشف الأمين العام «لحزب الله» السيد حسن نصر الله، ان الحزب يسعى لإيجاد حل للمشكلة القائمة بين الرئيسين عون وبري وكلاهما حليفان، لكننا لا نعلم إذا كنا سنوفق في إيجاد هذا الحل أو لا نوفق، في أوّل إشارة علنية إلى الصعوبات والتعقيدات التي تواجه مساعي الوسطاء.
لكن نصر الله، لاحظ ان هناك من يريد تكبير المشكل ونحن لا نوافق على ذلك، فنحن معنيون بإيجاد المخارج المناسبة وفقاً للقانون والدستور، لكن لا نستطيع القول اننا بتنا قريبن من الحل، إذ ان هناك قراءتين مختلفتين حول الموضوع بين الرئيسين عون وبري ونحن لسنا جهة حكم.
واعتبر في حديث مع قناة «الميادين» انه في نهاية المطاف يجب ان يكون هناك جهة موثوقة في الدولة يتم الاحتكام إليها، مستبعداً إيجاد حل لمشكلة مرسوم الضباط قبل جلسة مجلس الوزراء غداً (اليوم).
وعن عدم لقائه بالرئيس سعد الحريري أو النائب وليد جنبلاط قال: هناك تواصل طبيعي مع النائب جنبلاط من اخوتنا في الحزب، وكذلك فإن وزراء الحزب يلتقون الرئيس الحريري في مجلس الوزراء، لكن من جهتي لا مانع من أي لقاء ثنائي، لكني لا أطلب هذا اللقاء ولا أريد احراج أحد.
وأكّد نصر الله ان لا صحة للحديث عن تحالف خماسي في الانتخابات النيابية، وقال: الأصل اننا سنتحالف مع حلفائنا، اما من خارج التحالفات فلم يحصل بعد أي نقاش حولها.
مجلس الوزراء
إلى ذلك، أوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان مرسوم الضباط غير مدرج على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء اليوم في بعبدا، وانه قد يحضر مادة للنقاش إذا طرحه أحد الوزراء ولا سيما وزير المال.
وقال وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري لـ«اللواء» ان لا رغبة بافتعال مشكلة حوله داخل مجلس الوزراء، خاصة وان تصرف رئيس الجمهورية دستوري، وسأل: «لماذا يقوم اشكال على مرسوم لا يرتب أعباء مالية، نافياً ان تكون لديه معلومات عن ترتيب ما جار لمعالجة الوضع».
غير ان مصادر وزارية أخرى متابعة للملف نفت علمها بإمكانية إثارة موضوع المرسوم خلال جلسة الحكومة اليوم، داعية إلى انتظار ما سيتم طرحه من خارج جدول الأعمال وعدم استباق الأمور، وتوقعت معالجته على الطريقة اللبنانية «لا غالب ولا مغلوب»، من دون الإفصاح عن الحلول المقترحة، ورأت انه من مصلحة الجميع التوصّل إلى توافق حول هذا الملف، لأن استمرار الخلافات السياسية الداخلية لا يخدم احدا في هذه المرحلة، ولا ضرورة التفرغ للاستحقاق الأبرز الذي ينتظره اللبنانيون، وهذا استحقاق الانتخابات النيابية التي لم يعد يفصلنا عنها سوى أربعة أشهر فقط.
تلفزيون لبنان
وعلى صعيد الجلسة، علم ان وزير الاعلام ملحم الرياشي سيطرح مجدداً موضوع تعيين رئيس واعضاء مجلس ادارة تلفزيون لبنان،وان الامر لا زال معلقاً على طلب التيار الوطني الحر تعيين مدير جديد للوكالة الوطنية للاعلام،وهو الامر الذي يرفض رياشي ربطه بتعيينات التلفزيون نظرا للوضع الاداري والوظيفي والمالي الذي آلت اليه المؤسسة والذي يستلزم الاسراع في التعيينات.
واوضح رياشي في حديث لـ«اللواء» ان الموضوع لم يعد بيده بعد ان رفعه الى رئاسة مجلس الوزراء منذ خمسة اشهر بل هوبيد رئيسي الجمهورية والحكومة ويفترض ان يضعاه على جدول اعمال مجلس الوزراء وان يختاروا من بين ثلاثة اسماء طرحتها لرئاسة مجلس الادارة وفازوا في امتحان مجلس الخدمة المدنية اضافة الى اسماء مقترحة لمجلس الادارة، ومن المفروض إبعاد التلفزيون عن الصراع السياسي لان تلفزيون لبنان لديه الامكانات والنخب ولديه خطة عمل حتى العام2019 لتحويله الى تلفزيون عالمي ومميز لكل اللبنانيين، لأنه صورة حقيقية عن لبنان التنوع والرسالة والنموذج.
واكد انه يرفض المقايضة بين تعيين مجلس ادارة التلفزيون وتعيين مدير جديد للوكالة الوطنية، مشيرا الى ان تعيين مدير الوكالة يجب ان يخضع لامتحان مجلس الخدمة المدنية وكذلك رؤساء الوحدات في وزارة الاعلام. وانا لن اقبل بكيديات سياسية في وزارة الاعلام،فأنا اريد ان اجري اصلاحا وتغييرا في وزارة الاعلام.
وخلافا لما تردد فإن وزير البيئة طارق الخطيب قال لـ«اللواء» انه لن يطرح من خارج الجدول ملف معالجة النفايات الصلبة ما لم يطرحه رئيس الجمهورية من باب معرفة اين اصبح الملف.
العلاقات اللبنانية - السعودية
وشكلت مناسبة تقديم أوراق اعتماد السفير السعودي الجديد في لبنان وليد اليعقوب رسميا إلى رئيس الجمهورية، كأول سفير معتمد في لبنان منذ ثلاث سنوات، فرصة للتأكيد على متانة العلاقات الأخوية بين لبنان والمملكة العربية السعودية وضرورة تنميتها وتعميقها وتنزيهها من الشوائب، خصوصا بعد ما جرى من تطورات واحداث خلال السنوات الماضية.
ولوحظ ان السفير الجديد، بعدما قدم أوراق اعتماده، قام بجولة وصفها بأنها بروتوكولية، شملت الرئيسين برّي والحريري، وكذلك بجولة على رؤساء الحكومة السابقين بدأها بزيارة رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، وسيتبعها اليوم بزيارات لكل من الرؤساء تمام سلام وسليم الحص ونجيب ميقاتي، للتعارف واستعراض الأوضاع من مختلف جوانبها، ولا سيما العلاقات الثنائية بين البلدين.
وعلم ان السفير اليعقوب نقل للرئيس عون، عند تقديم أوراق اعتماده تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وتمنياته بدوام التقدم للبنان، كما علم ان السفير السعودي أكّد أهمية دور اللبنانيين الموجودين في المملكة واحتضانها لهم. وأبدى رغبة بلاده في تطوير العلاقات على مختلف الأصعدة.
وقالت مصادر مطلعة ان رئيس الجمهورية تمنى التوفيق للسفير السعودي في مهامه.
ومعلوم ان السفير اليعقوب أمضى أربع سنوات في لبنان بين عامي 2010 و2014 قبل ان ينتقل إلى سفارة بلاده في باريس وبقي فيها حتى تعيينه سفيرا في لبنان.
وعمل مع وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان مسؤولا عن ملف لبنان، كما شارك في العديد من الدورات في العلاقات الدبلوماسية والدولية، ومثل المملكة في العديد من المؤتمرات الدولية في الأمم المتحدة.
تربوياً، أزمة جديدة تطل برأسها في ملف سلسلة الرتب والرواتب، وفقا للقانون 46 لأساتذة التعليم الخاص، فبعد تلويح المعلمين باللجوء إلى القضاء وتطلعها بإيجابية لاجتماع مجلس المطارنة الموارنة الشهري، فوجئ المعلمون بالبيان الصادر عن المطارنة الذي دعا بشكل غير رسمي إلى عدم الالتزام بالقانون 46، وذلك من خلال رمي مسؤولية دفع رواتب المعلمين في المدارس الخاصة على الدولة، «كي لا يتعرّض القطاع التربوي، الذي يفتخر به اللبنانيون، لانتكاسة لا تستطيع الدولة التعويض عنها».
من جهته، اعتبر عضو مجلس إدارة صندوق التعويضات نعمة محفوض ان التخويف بانتكاسة القطاع التربوي غير مبررة، كاشفا ان ثلت المؤسسات التربوية الخاصة دفعت السلسلة ولم تفلس ولم تخسر.
الجمهورية :
كلما مرّ يوم بلا معالجة او مخارج، او حلول وسطى، تعقّدت أزمة مرسوم منح الاقدميات لضباط ما سمّيت "دورة عون" أكثر فأكثر، وزرع المزيد من عناصر الاشتباك على خط الرئاستين الاولى والثانية، والمتضرّر الاساس من هذا الاشتباك هي المؤسسة العسكرية التي يفترض انها فوق كل اعتبار، وعلى وجه التحديد اولئك الضباط الذين حرموا من الترقية التي يستحقونها جرّاء مزاجيات سياسية وكيديات لا دخل لهم بها، ناهيك عن خلق مناخ من التشنج السياسي الذي يبدو مفتوحاً على احتمالات شتى. هذا في وقت تبدو الصورة الإقليمية تتحرّك على وقع الحدث الفلسطيني في ظل تفاقم التصعيد السياسي والميداني، وكذلك على وقع الحدث الايراني وتطوراته المتسارعة، في ظل تحركات وتظاهرات متنقلة من منطقة ايرانية الى اخرى، بالتوازي مع موقف مُستجِد للرئيس الاميركي دونالد ترامب وإعلانه الاستعداد لتقديم "دعم كبير" للشعب الايراني عندما يحين الوقت لاستعادة زمام ما وَصفه "الحكم الفاسد".
فترة الأعياد ظهّرت الى العلن حجم الفاقة التي تضرب الفئات الشعبية، وتَجلّت في الوهن الفاقع في قدرتهم الشرائية التي جرفها الاهتراء الاقتصادي والمعيشي الذي يضرب مفاصل البلد، وأعدمتها المسكّنات الحكومية والوعود المتتالية التي ليس منها طائل.
هذه الصورة وحدها يفترض انها كابحة لحال الاسترخاء الذي تعيشه الحكومة، وكأنها حكومة بلد آخر لا علاقة لها بهموم الناس وبالاعباء التي تتراكم فوق رؤوسهم، ويفترض انها حافز لهزّ المخّ الحكومي لعله يشعر بعمق الحاجة الى وقفة مسؤولة من أولي الامر يغادرون فيها حلبات المصارعة التي صارت عنوان العلاقات السياسية والرئاسية، ويلتقون في مساحة مشتركة تصوغ الحلول والمعالجات لِما يعتري الواقع الداخلي من ثغرات وموبقات وملفات متراكمة.
السفير السعودي
في السياسة، لا تطورات نوعية، وها هو مجلس الوزراء ينعقد في القصر الجمهوري اليوم، لدرس جدول اعمال عادي غابت عنه الملفات الاساسية. فيما اللافت وسط هذه الصورة كان الحضور السعودي في الصورة الداخلية عبر تسليم السفير السعودي في لبنان وليد اليعقوب أوراق اعتماده رسمياً في لبنان، وفي اللقاءات التي أجراها بعد ذلك مع كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري في زيارة وصفها اليعقوب "للتعارف ولعرض التطورات الراهنة والعلاقات الثنائية"، وخَتمها بالقول: "إن شاء الله الأمور طيبة وتفاءلوا بالخير تجدوه".
وفي زيارة بروتوكولية لرئيس الحكومة سعد الحريري، عرض خلالها آخر التطورات والعلاقات الثنائية، وانتهت الى إعلان السفير السعودي أنّ اللقاء مع الحريري "كان جيداً وممتازاً"، وأتبعها السفير السعودي بزيارة مماثلة الى الرئيس فؤاد السنيورة.
أزمة المرسوم
لا جديد على صعيد ازمة المرسوم المتعلق بمنح الاقدمية لضبّاط "دورة عون"، والامور جامدة على خط التعقيدات الرئاسية المانعة من نفاذ هذا المرسوم. الّا انّ اللافت في هذا السياق ما وُصِف بـ"النقاش الهادىء والودي والمفصّل لهذا الأمر" بين بري ووفد المؤسسة العسكرية برئاسة قائد الجيش العماد جوزف عون، الذي زاره للتهنئة بالاعياد.
وقالت مصادر المجتمعين لـ"الجمهورية": "كان اللقاء ودياً جداً، وتمّ التطرّق الى مجموعة امور ولا سيما على الصعيد الامني، فيما جرى تناول مسألة المرسوم واستعراض كل ما أحاط به، حيث برزت رغبة القيادة العسكرية في ايجاد المعالجة السريعة له.
امّا بري فعبّر عن حرصه الدائم على المؤسسة العسكرية وحقوق العسكريين. وانطلاقاً من تأكيده على ضرورة اتّباع الاصول القانونية والدستورية، جَدّد التأكيد انّ حل هذه المسألة سهل جداً ويتمثّل بإحالة المرسوم المتعلق بمنح الاقدميات الى وزير المالية ليوقعه وتنتهي المسألة.
بري
والامر نفسه اكد عليه بري في "لقاء الاربعاء النيابي" بقوله: "اننا نحتكم الى الدستور في قضية مرسوم الاقدميات"، لافتاً الى انّ هناك قانوناً أقرّ في العام 1997 يتوجّب نشر كل المراسيم والقوانين والقرارات من دون استثناء في الجريدة الرسمية، اي انّ مرسوم منح الاقدميات لا يصبح نافذاً الّا عند نشره في الجريدة الرسمية".
ليونة... ولا حلول
غير انّ ما لفت الانتباه على خط التصعيد الرئاسي، الاشارة الهادئة التي أوردها بري في معرض كلامه امام نواب الاربعاء، ومفادها "اننا لم نكن بحاجة لتحويل موضوع منح الاقدميات مشكلة سياسية"، وقال: "نأسف لكون العلاقة كانت ممتازة مع فخامة الرئيس قبل ايجاد هذه المشكلة".
واللافت ايضاً البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية وغمز فيه من "تكاثر اخبار في الآونة الأخيرة وتُنسب الى مصادر في بعبدا"، وتضمّن البيان نبرة شديدة اللهجة بحيث ورد فيه "ليكن معلوماً، وبمعزل عن أي مضمون، أنّ في بعبدا مصدراً وحيداً ينطق رسميّاً عنها وهو المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية".
والملاحظ انّ هذه الليونة تَبدّت بعد ما يمكن وصفه "سجال المنابر"، على محطتين تلفزيونيتين، نسبت الاولى كلاماً لـ"مصادر بعبدا، تؤكد فيها انه لا يمكن ان تصدر مراسيم الترقيات إلّا دفعة واحدة، لافتة الى انّ قسماً منها تمّ توقيعه لكن مرسوم ترقيات الجيش لم يوقّعه وزير المال علي حسن خليل، وهذا ما يجعله المُعرقل لكل الترقيات... وليس لوزير المال صلاحية الرقابة على عمل زملائه الوزراء الآخرين وفق القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة عام 1991".
فيما نقلت الثانية عن مصادر وزير المالية قوله: "لم أدعّ يوماً انّ لي رقابة على زملائي، لكنني متمسّك بالصلاحيات المنصوص عليها في الدستور لجهة صلاحيات الوزارة والوزير".
الجدير ذكره انّ أزمة مرسوم الاقدميات كانت محل بحث بين رئيس الحكومة ووزير المال خلال لقاء ليلي جمعهما ليل امس الاول، لكن لم يتمخّض عنه اي اشارات حَلحلة.
وفيما قالت اوساط الحريري لـ"الجمهورية": "انّ المحركات قد بدأت وسيسعى الى حلّ قريب لأزمة المرسوم"، أملت مصادر مواكبة لهذا الملف ان تبرز خيوط حلحلة من اللقاء المقرر بين رئيسي الجمهورية والحكومة قبل جلسة مجلس الوزراء اليوم.
قانصو
وأكّد الوزير علي قانصو وجود إرادةٍ عامة لدى السياسيين واللبنانيين على حدّ سواء بأن تُحلَّ أزمة مرسوم الأقدمية، وقال لـ"الجمهورية": "ما دام الرئيس الحريري يحمل افكاراً لحلّ الموضوع فنحن نشجّع ونتمنى ان يصل الى نتائج". وأبدى اعتقاده بأنّ استمرار الخلاف حول المرسوم "ستكون له انعكاسات ضارّة على البلاد وعلى عمل الحكومة، لذا يجب حلّ الموضوع بسرعة".
وشدّد قانصو على "الأولويات التي يجب أن تعالجها الحكومة، وأبرزها موازنة 2018 وملفات النفط والكهرباء وقانون الانتخاب"، محذّراً من "انعكاسات استمرار الخلاف السياسي القائم على معالجة أيّ ملف، وقد ثبتَ في العام 2017 أنّ الوفاق السياسي عندما توافرَ تمّت معالجة ملفات قاسية جداً وأمكنَ إيجاد الحلول لها، والآن في سنة 2018 وجود وفاق سياسي معناه وجود إنتاجية للحكومة، وغياب هذا الوفاق معناه غياب ايّ إنتاجية للحكومة في أيّ موضوع، سواء كان صغيراً أم كبيراً".
ودعا قانصو الى ضرورة معالجة أزمة المرسوم، وسأل: "أين المشكلة إذا وقّعَ وزير المال؟". وقال: "إذا كان في توقيعه إنقاذ للوضع العام في البلد فليكن، "ما لازم تكون صعبة"، يُعاد المرسوم الى وزير المال يوقّعه ويتمّ تعميمه إذا أردنا فِعلاً ان تحَلّ الأزمة، والجميع يريد حلّها بدءاً من رئيس الجمهورية الحريص أكثر من الجميع على عهده وعلى نجاح الحكومة وعلى استكمال مسيرة الإنجازات، لذلك أعتقد أنه لن تكون هناك صعوبات لإيجاد حلّ تَسووي ما".
الإنتخابات تتقدم
في الجانب الآخر للمشهد الداخلي، إنّ الصورة المرتجّة سياسياً ورئاسياً تزداد اهتزازاً مع كل طلعة شمس، في غياب المخارج والحلول، الّا انها تتواكب مع الاستعدادات الجارية للدخول في السباق الانتخابي، وخصوصاً انّ الباقي من عمر المجلس النيابي الحالي لا يزيد عن 122 يوماً فقط. وهذه الفترة العمرية تؤكد انّ زمن الانتخابات النيابية قد بدأ بشكل فعلي، تحضيراً ليوم الاقتراع المحدد رسمياً يوم الاحد في 6 ايار المقبل، اي بعد اربعة اشهر بالتمام والكمال.
واذا كان الطاقم السياسي منهمكاً في مناكفاته واشتباكاته العلنية، الّا انّ كل الاداء الذي يأتيه مرتبط بالاستحقاق الانتخابي. وتبعاً لذلك، فإنّ الزمن الانتخابي لن يطول الوقت الذي يفرض فيه نفسه متقدّماً على كل المفاصل والمواقع الداخلية، سواء على المجلس النيابي الذي قد يكون امام جلسة تشريعية ربما يتيمة لإقرار موازنة العام 2018 اذا ما أنجزتها الحكومة وأحالتها الى المجلس في وقت قريب. والّا سيتم ترحيلها الى المجلس النيابي الجديد، الذي سينبثق عن انتخابات ايار المقبلة.
ضغط المهل
وثمّة ما فرض الدخول في الزمن الانتخابي، وهو ضغط المهل المرتبطة بالعملية الانتخابية. فبعد تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات، وانتهاء مهلة تسجيل المغتربين الذي قارَب التسعين ألفاً، ينتقل الملف الانتخابي الى تجميد القوائم الانتخابية في 30 آذار المقبل، والتي تتضمن أسماء الاشخاص المسجلين الذين تتوافر فيهم الشروط القانونية، ويسبق ذلك دعوة الهيئات الناخبة في السادس من شباط المقبل، حيث يوجب القانون الانتخابي صدور هذه الدعوة قبل تسعين يوماً من الموعد المحدد للانتخابات (6 ايار 2018)، لتحدد بعدها مهل الترشيح، حيث يقفل باب الترشيح قبل موعد الانتخابات بستين يوماً، اي قبل 6 ايار المقبل، تليها بعد ذلك إعداد اللوائح الانتخابية حيث يوجب القانون انتظام المرشحين في لوائح قبل اربعين يوماً من موعد الانتخابات كحد أقصى، اي قبل 28 آذار، ليليها انتخاب المغتربين الذي يوجب القانون اقتراعهم في السفارات والقنصليات في الخارج قبل 15 يوماً من موعد الانتخابات، اي الاحد 22 نيسان، وبعدها تحديد موعد اقتراع الموظفين المنتدبين لإدارة أقلام الاقتراع يوم الخميس 3 ايار 2018. وقبل كل ذلك الشروع في عملية شرح القانون، كما يوجب القانون، وهو أمر لم يُلحظ انه قد بدأ بشكل جدي.
ورغم ضغط المهل ما زال القانون الانتخابي محلّ أخذ ورَد، واللافت في هذا السياق حماسة "التيار الوطني الحر" لإدخال بعض التعديلات على القانون، ولا سيما في ما خَص تمديد مهل تسجيل المغتربين، وكذلك بالنسبة الى التسجيل المسبق للناخبين اللبنانيين في لبنان، الراغبين في الاقتراع في أماكن السكن وليس في أماكن القيد.
فيما تبرز في المقابل عدم حماسة بري لفتح باب التعديلات على القانون الانتخابي، لأنّ من شأن ذلك ان يفتح بازاراً تعديلياً يبدأ ولا ينتهي. فضلاً عن انّ التسجيل المسبق محلياً متعذّر لأسباب تقنية، أقلّها تمديد شبكة كاملة على مستوى البلد كله، وهو امر صعب ليس في الامكان احتواؤه او تجاوزه خلال الفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات.
هل تطير السنة الدراسية؟
إستحوذت قضية المدارس الخاصة والتداعيات التي طالتها بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب، لجهة من يَتكبّد مسؤولية تسديد الفروقات التي ولّدتها السلسلة، حيّزاً أساسياً من اجتماع مجلس البطاركة أمس الذي ترأسه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي. فبعدما طالب المجتمعون "الدولة دفع رواتب المعلمين"، علمت "الجمهورية" مساء "انّ اللجنة الأسقفية عقدت اجتماعاً بعيداً من الإعلام برئاسة المطران حنا رحمة وفي حضور مدير عام وزارة التربية فادي يرق لأكثر من ساعتين، لمنع أيّ انتكاسة قد تُصيب السنة الدراسية.
في هذا السياق قال مصدر تربوي مسؤول لـ"الجمهورية": "تبيّن للجنة الاسقفية، وبعد دراسة أعَدّتها، انّ على الدولة تكبّد نحو 450 مليون دولار عن مُجمَل التلاميذ في القطاع الخاص إذا قررت المضي قدماً بتسديد الفروقات للأساتذة، التي أحدثتها السلسلة، وانّ اللجنة الاسقفية في صدد تقديم نسخة عن هذه الدراسة لرئيس الجمهورية ميشال عون".
في هذا الإطار، أكّد رئيس اللجنة الاسقفية المطران رحمة لـ"الجمهورية": "انّ بكركي تنظر إلى مسألة التعليم كقضية حياة وموت لأنّ إقفال أي مؤسسة تربوية يعني تغيير وجه لبنان الثقافي والرسالة"
الاخبار :
منذ أكثر من أسبوعين، والبلاد عالقة في أزمة مرسوم الأقدمية الذي وقّعه الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري لضبّاط ما يسمّى دورة عون 1994، أو دورة الانصهار الوطني. ومع أن الكباش يأخذ شكلاً دستورياً بين عون ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي، إلّا أن تمسّك الطرفين بمواقفهما بات يعكس أزمة سياسيّة في العمق، إن نجحت وساطة ما (لم تبدأ حتى الساعة) بحلّها، فإن الأزمة ستبقى قائمة، وتنتظر فرصة مناسبة أخرى لتعبّر عن وجودها.
ويبدو الغرق في النقاش الدستوري على طرفي المواجهة، هروباً من حقيقة الصراع في ضوء المتغيّرات التي تطرأ تباعاً على موازين القوى في النظام السياسي اللبناني، والتحولات التي أصابت اتفاق الطائف، على الأقل منذ وصول الرئيس ميشال عون إلى سدّة الرئاسة والأزمة التي طاولت أخيراً الرئيس سعد الحريري.
فعون، وإن كان لا يزال يحافظ في الخطاب والشكل على اتفاق الطائف، إلّا أنه لا يوفّر جهداً لاسترجاع صلاحيات رئيس الجمهورية القوي في ما قبل الطائف، لتحصيل ما لا يمنحه النص الدستوري صراحةً. ويستفيد عون من عوامل داخلية ودولية لتحقيق استعادة موقع الرئاسة المسيحي القوي، أوّلها داخلياً عبر احتواء الحريري واحتضانه ومساعدته للحد من خسائره في الانتخابات النيابية المقبلة، وبالتالي ضمان توقيعه إلى جانب توقيع رئاسة الجمهورية.
ويستفيد عون أيضاً من الضعف الذي أصاب النائب وليد جنبلاط لناحية انحسار تأثيره على اللعبة الداخلية بفعل تقلّباته السياسية طوال العقد الماضي. كذلك يدرك عون أن موقف حزب الله، مهما تعاظمت الملفات الخلافية الداخلية، لا يمكن أن يكون صدامياً معه، على أساس العلاقة الاستراتيجية التي تجمع الطرفين، ولا سيّما مواقف عون في ما خصّ الصراع مع إسرائيل والمواجهة مع السعودية. كلّ هذا داخلياً، يدعمه شبه تأييد دولي لعون، أوروبي تحديداً، تحت عنوان تقوية مؤسسات الدولة اللبنانية وعزلها عن التأثيرات الإقليمية. ويبدو عون بالنسبة إلى كثيرين، منهم نواب ووزراء في قوى 8 آذار وتيار المستقبل، كمن يحرص عند كلّ فرصة، على استرجاع ما يمكن استرجاعه من مرحلة ما قبل 13 تشرين الأول 1990 بتصفية حساب غير معلنة مع الحقبة السورية.
أمّا على مقلب برّي، فرئيس المجلس النيابي الذي لم يخف موقفه من انتخاب عون، بسبب عدم الاتفاق على ما سُمِّي يومها «السلة»، وهي خريطة طريق كان المبتغى منها إعادة تثبيت اتفاق الطائف، ليس في وارد التنازل عمّا يعتبره تحوّلات في لبنان ما بعد الطائف، حقّقت جزءاً من التوازن الذي كان مفقوداً بين الطوائف في لبنان ما قبل الطائف، وهو ما زكّى الحرب الأهلية اللبنانية.
من هنا، تبدو أزمة برّي مع مسألة توقيع وزير المال، أبعد من توقيع وزير مختصّ على مرسوم، إنّما دلالة على اهتزاز مبدأ التوافق الذي ترسّخ بعد الحرب. إذ إن برّي، الذي وإن كان دائماً يتمسّك بمواقفه، فإنه يترك هامشاً واسعاً للتفاوض والحلول الوسط، بات اليوم أمام مفترق طرق: إمّا التشبّث بحقوق تكفلها ديباجة دستورية (حول الأعباء المالية التي يكلّفها مرسوم الأقدمية) وتعكس توافقاً في البلاد، وإمّا التنازل عن المبدأ لأجل الاستقرار السياسي، مع الخوف من تحوّل هذا التنازل إلى عرف، يهدّد الصيغة القديمة القائمة برمّتها، من دون اتضاح الأفق لصيغة جديدة.
غير أن تخوّف برّي من المفترض أن يكون هاجساً عند الحريري. إذ إن برّي، الذي يتعامل معه حزب الله كحليف أوّل وممثّل «حقوق الشيعة» في النظام السياسي اللبناني، يدرك كيفية «تثبيت الحقوق» عند البحث الجدّي في إعادة توزيع محاصصة النظام اللبناني. فيما يبدو الحريري، وما يمثّل طائفيّاً، وهو الخارج من أزمة كبرى مع المملكة العربية السعودية، أمام تحوّلات تطاول صلاحيات رئيس الحكومة «السّني»، التي منحها الطائف في جزئها الأكبر من حصّة رئاسة الجمهورية. وإن أي تعديل في صلاحيات رئاسة الجمهورية، وإن كانت في النفوذ وليس في النّص، فإنها ستكون على حساب صلاحيات رئاسة الحكومة، في عصر يصعب معه استعادة هذه الصلاحيات، مع أفول النفوذ السعودي في المشرق عموماً وفي لبنان على وجه الخصوص.
تقنيّاً، وبعد أن جُمّدت مبادرة المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم لحلّ الأزمة بين برّي وعون، أعلن إبراهيم من السرايا الحكومية بعد لقاء الحريري أن رئيس الحكومة الآن سيلعب دوره بالوساطة، و«هو أولى». فيما انحصر لقاء برّي بقيادة الجيش اللبناني أمس بتلقي التهاني بالأعياد والاستماع من بري إلى المسار الذي سلكه المرسوم بين بعبدا وعين التينة، وتأكيد بري حرصه على المؤسسة العسكرية.
وحتى ليل أمس، لم يكن قد سجّل أي تطوّر لافت على طريق حلّ الأزمة، إلّا أن السّجال استمر أمس، مع إعادة التراشق بالمواد الدستورية بين الطرفين، لتأكيد أحقيّة موقف كلّ منهما.
وحتى الآن، لم يوقّع وزير المال علي خليل مرسوم الترقيات في الجيش بسبب ورود أسماء ضباط على جداول الترقيات من المستفيدين من مرسوم الأقدمية، فيما لم ينشر المرسوم بعد في الجريدة الرسمية، ما يجعله غير نافذ، ما يهدّد كلّ الترقيات في الأجهزة الأمنية والعسكرية، في ظلّ إصرار بعبدا على إصدار مرسوم واحد للترقيات.
وفيما كان قد طرح سابقاً خلال وساطة اللواء إبراهيم، منح أقدمية لضباط دورة 1995 الذين عانوا من ظروف مشابهة لتلك التي عاناها ضباط دورة عون، بدا الاقتراح شديد التأثير في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. وعلمت «الأخبار» أن اقتراحاً رفع من عدد من ضبّاط المديرية إلى وزير الداخلية نهاد المشنوق وأطراف أخرى لتدارك انعكاس الأقدميات على قوى الأمن. ويذكر الاقتراح أن تسوية منح الأقدمية لضباط الـ1995 تحلّ المشكلة في الجيش لناحية التوازن الطائفي ومن ناحية التراتبية العسكرية، إنّما ستخلق مشكلة كبيرة في قوى الأمن. إذ إن الأمر سينعكس على الضباط الحقوقيين الذين تخرجوا عام 1994، وهم حالياً رؤساء ضباط دورة 1995. ويشير الاقتراح إلى أن الضباط الحقوقيين أنهوا 4 سنوات دراسة جامعية وخضعوا لدورة في كلية الضباط لمدّة سنة، وتخرجوا برتبة ملازم (ما مجموعه خمس سنوات). ويشمل الحلّ المقترح بأن تُمنح دورة الحقوقيين 1994، نفس القدم للترقية، أسوة بدورتي 1994 و1995 للمحافظة على التراتبية في مؤسسة قوى الأمن الداخلي. علماً بأن ضباط هذه الدورة تأخروا عن الترقية إلى رتبة عقيد مدة ستة أشهر عن المادة المنصوص عنها في القانون من دون مبرر، فيما أعيدت الترقية هذا العام للضباط المستحقين إلى الحد الأدنى المنصوص عنه قانوناً