فتح ساحة النجمة امام المواطنين اللبنانيين، يعني في ما يعني، ان مرحلة مريرة أحاطت بالبلاد والعباد طويت أيضاً، فرفعت الحواجز وبات بإمكان النّاس ان يتحركوا في السابق قبل الإجراءات التي ازيلت مع بداية هذا العام..
إلا ان «الحواجز» امام الترقيات الكاملة، لم ترفع بعد، بانتظار ان تنجح الاتصالات التي تبذل لتضييق شقة التباين السياسي - الدستوري بين الرئاستين الأولى والثانية.
وقبل ساعات من جلسة مجلس الوزراء اليوم لم تكن أزمة مراسيم الترقية لضباط دورة 1994 وجدت سبيلها إلى المعالجة.
وعزت أوساط عين التينة استمرار المأزق، لأن «الاصول لم تحترم وفي ظل تأكيد وزارة المال ان لا شيء تغيّر بعد».
وإذا كان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله نأى بنفسه وبحزبه عن الأزمة باعتبار ان الخيارات ليست سهلة، معلناً عن تفهم وجهتي نظر كل من الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه برّي، وان حزب الله «جهة حكم» ليحتكم إليها، منتقداً غياب مرجعية للبت بدستورية المراسيم، مثل مصلحة تشخيص النظام في إيران، فإن الزيارة التي جرى الحديث عنها إلى عين التينة من قبل الرئيس سعد الحريري لم تتم، وقال المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بعد لقاء الرئيس الحريري: «رئيس الحكومة يتابع الموضوع، لا أنا، فهو أولى بالعمل، ولا شيء بلا حلّ».
وأعربت مصادر بعبدا عن استياءها الشديد لما وصفته «نبش مرسوم» عائد إلى العام 1997، لتبرير نشر مرسوم الاقدمية في الجريدة الرسمية، من قبل وزارة المال، في إشارة إلى ان الحديث عن اعتبار المرسوم نافذاً بعد توقيع رئيس الجمهورية من دون نشره في الجريدة الرسمية مرفوض، استناداً إلى قانون صادر عام 97، وموقع من الرئيس الراحل الياس الهراوي، ويقضي بنشر أي قانون أو أي مرسوم أو قرار في ملحق من الجريدة الرسمية في مهلة أقصاها 15 يوماً من تاريخ صدوره.
أزمة المرسوم
كانت أزمة المرسوم قد حضرت في لقاء الرئيس برّي مع قائد الجيش العماد جوزاف عون على رأس وفد من القيادة، وكذلك في لقاء الرئيس الحريري مع اللواء إبراهيم على رأس وفد من كبار ضباط المديرية.
واصر الرئيس برّي امام وفد قيادة الجيش على ان يتطرق إلى أزمة المرسوم، رغم ان العماد عون أوضح له ان الهدف من الزيارة هو المعايدة بحلول العام الجديد، وليس بهدف الحديث عن أي شيء آخر، لانك أب للمؤسسة العسكرية، فرد عليه برّي قائلاً: «انا أم وأب وست وجد المؤسسة، وإذا انتو ما بدكم تحكو انا بحكي».
وعلم ان الرئيس برّي أكّد للعماد عون ان موقفه من المرسوم ليس سياسياً أو مذهبياً، وهو ليس موجهاً ضد المؤسسة العسكرية التي لطالما كنت المدافع الأوّل عنها في الكثير من المحطات، واعتبرها الضامنة للاستقرار في لبنان، بل موقفي هو محض دستوري ويتعلق بالصلاحيات، وان الحل لهذه الأزمة يكون عن طريق تطبيق مواد الدستور واحترام الصلاحيات، إذ لا يجوز القفز فوق توقيع وزير المال من أية جهة كان هذا الوزير على أي مرسوم له مرتبات مالية، مشدداً على انه لطالما ردّ إلى الحكومة مشاريع قوانين لم تكن مزيلة بتوقيع الوزير المختص..
وفي تقدير مصادر نيابية قريبة من عين التينة، ان الرئيس برّي تنازل 50 في المائة في أزمة المرسوم، وهو مستعد لطي الملف فقط بتوقيع وزير المال علي حسن خليل، مشددة على ان ما يقال عن ان المرسوم نافذ دون نشره هو كلام غير صحيح وغير دقيق وغير قانوني، وأشارت إلى ان عين التينة تنتظر دورا من الرئيس الحريري لحل الأزمة، رغم انه من غير المعروف لا تفاصيل ولا نتائج المسعى الذي يقوم به رئيس الحكومة، ولا ما إذا كان الوزير خليل أو غيره سيطرح هذا الأمر للبحث في جلسة مجلس الوزراء اليوم.
وكانت مصادر مطلعة على وجهة نظر بعبدا، اشارت إلى ان مرسوم منح اقدمية لضباط دورة 1994 عمم ونشر في حينه، وهو ليس بحاجة إلى الجريدة الرسمية، وأكدت انه لا يمكن ان تصدر المراسيم دفعة واحدة، وان قسماً منها تمّ توقيعه باستثناء مرسوم ترقية ضباط الجيش، مشيرة إلى ان وزير المال لا يملك صلاحية للرقابة على عمل زملائه الوزراء الآخرين، استناداً إلى قرار صدر عن مجلس شورى الدولة في العام 1991.
وردت مصادر مقربة من الوزير خليل على هذا الكلام، مؤكدة ان وزير المال لم يدع يوماً ان له رقابة على زملائه، لكنه متمسك بالصلاحيات المنصوص عنها في الدستور لجهة دور الوزارة والوزير، وهو لن يتخلّى عن هذه الصلاحيات.
وأشارت إلى ان شيئاً لم يتغيّر على الإطلاق بالنسبة لمرسوم الضباط، فالمسألة دستورية بحتة وقد اوضحها الرئيس برّي بكل جوانبها، وهو عاد واكدها امام نواب الأربعاء بأن «الوضع لا يزال على حاله بالنسبة للمرسوم، مجدداً التأكيد على وجوب الالتزام بالاصول والقوانين والدستور في هذا الشأن».
وإذ تمنى للبنانيين في العام الجديد الخير والاستقرار، أكّد على ضرورة الانصراف إلى معالجة قضايا النّاس الحياتية والخدماتية، قائلاً: «آن الأوان لتأمين الكهرباء والماء والطبابة وكل الاحتياجات الخدماتية للمواطنين في كل لبنان».
نصر الله
في هذا الوقت، كشف الأمين العام «لحزب الله» السيد حسن نصر الله، ان الحزب يسعى لإيجاد حل للمشكلة القائمة بين الرئيسين عون وبري وكلاهما حليفان، لكننا لا نعلم إذا كنا سنوفق في إيجاد هذا الحل أو لا نوفق، في أوّل إشارة علنية إلى الصعوبات والتعقيدات التي تواجه مساعي الوسطاء.
لكن نصر الله، لاحظ ان هناك من يريد تكبير المشكل ونحن لا نوافق على ذلك، فنحن معنيون بإيجاد المخارج المناسبة وفقاً للقانون والدستور، لكن لا نستطيع القول اننا بتنا قريبن من الحل، إذ ان هناك قراءتين مختلفتين حول الموضوع بين الرئيسين عون وبري ونحن لسنا جهة حكم.
واعتبر في حديث مع قناة «الميادين» انه في نهاية المطاف يجب ان يكون هناك جهة موثوقة في الدولة يتم الاحتكام إليها، مستبعداً إيجاد حل لمشكلة مرسوم الضباط قبل جلسة مجلس الوزراء غداً (اليوم).
وعن عدم لقائه بالرئيس سعد الحريري أو النائب وليد جنبلاط قال: هناك تواصل طبيعي مع النائب جنبلاط من اخوتنا في الحزب، وكذلك فإن وزراء الحزب يلتقون الرئيس الحريري في مجلس الوزراء، لكن من جهتي لا مانع من أي لقاء ثنائي، لكني لا أطلب هذا اللقاء  ولا أريد احراج أحد.
وأكّد نصر الله ان لا صحة للحديث عن تحالف خماسي في الانتخابات النيابية، وقال: الأصل اننا سنتحالف مع حلفائنا، اما من خارج التحالفات فلم يحصل بعد أي نقاش حولها.
مجلس الوزراء
إلى ذلك، أوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان مرسوم الضباط غير مدرج على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء اليوم في بعبدا، وانه قد يحضر مادة للنقاش إذا طرحه أحد الوزراء ولا سيما وزير المال.
وقال وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري لـ«اللواء» ان لا رغبة بافتعال مشكلة حوله داخل مجلس الوزراء، خاصة وان تصرف رئيس الجمهورية دستوري، وسأل: «لماذا يقوم اشكال على مرسوم لا يرتب أعباء مالية، نافياً ان تكون لديه معلومات عن ترتيب ما جار لمعالجة الوضع».
غير ان مصادر وزارية أخرى متابعة للملف نفت علمها بإمكانية إثارة موضوع المرسوم خلال جلسة الحكومة اليوم، داعية إلى انتظار ما سيتم طرحه من خارج جدول الأعمال وعدم استباق الأمور، وتوقعت معالجته على الطريقة اللبنانية «لا غالب ولا مغلوب»، من دون الإفصاح عن الحلول المقترحة، ورأت انه من مصلحة الجميع التوصّل إلى توافق حول هذا الملف، لأن استمرار الخلافات السياسية الداخلية لا يخدم احدا في هذه المرحلة، ولا ضرورة التفرغ للاستحقاق الأبرز الذي ينتظره اللبنانيون، وهذا استحقاق الانتخابات النيابية التي لم يعد يفصلنا عنها سوى أربعة أشهر فقط.
تلفزيون لبنان
وعلى صعيد الجلسة، علم ان  وزير الاعلام ملحم الرياشي سيطرح مجدداً موضوع تعيين رئيس واعضاء مجلس ادارة تلفزيون لبنان،وان الامر لا زال معلقاً على طلب التيار الوطني الحر تعيين مدير جديد للوكالة الوطنية للاعلام،وهو الامر الذي يرفض رياشي ربطه بتعيينات التلفزيون نظرا للوضع الاداري والوظيفي والمالي الذي آلت اليه المؤسسة والذي يستلزم الاسراع في التعيينات.
واوضح رياشي في حديث لـ«اللواء» ان الموضوع لم يعد بيده بعد ان رفعه الى رئاسة مجلس الوزراء منذ خمسة اشهر بل هوبيد رئيسي الجمهورية والحكومة ويفترض ان يضعاه على جدول اعمال مجلس الوزراء وان يختاروا من بين ثلاثة اسماء طرحتها لرئاسة مجلس الادارة وفازوا في امتحان مجلس الخدمة المدنية اضافة الى اسماء مقترحة لمجلس الادارة، ومن المفروض إبعاد التلفزيون عن الصراع السياسي لان تلفزيون لبنان لديه الامكانات والنخب ولديه خطة عمل حتى العام2019  لتحويله الى تلفزيون عالمي ومميز لكل اللبنانيين، لأنه صورة حقيقية عن لبنان التنوع والرسالة والنموذج.
واكد انه يرفض المقايضة بين تعيين مجلس ادارة التلفزيون وتعيين مدير جديد للوكالة الوطنية، مشيرا الى ان تعيين مدير الوكالة يجب ان يخضع لامتحان مجلس الخدمة المدنية وكذلك رؤساء الوحدات في وزارة الاعلام. وانا لن اقبل بكيديات سياسية في وزارة الاعلام،فأنا اريد ان اجري اصلاحا وتغييرا في وزارة الاعلام.
وخلافا لما تردد فإن وزير البيئة طارق الخطيب قال لـ«اللواء» انه لن يطرح من خارج الجدول ملف معالجة النفايات الصلبة ما لم يطرحه رئيس الجمهورية من باب معرفة اين اصبح الملف.
العلاقات اللبنانية - السعودية
وشكلت مناسبة تقديم أوراق اعتماد السفير السعودي الجديد في لبنان وليد اليعقوب رسميا إلى رئيس الجمهورية، كأول سفير معتمد في لبنان منذ ثلاث سنوات، فرصة للتأكيد على متانة العلاقات الأخوية بين لبنان والمملكة العربية السعودية وضرورة تنميتها وتعميقها وتنزيهها من الشوائب، خصوصا بعد ما جرى من تطورات واحداث خلال السنوات الماضية.
ولوحظ ان السفير الجديد، بعدما قدم أوراق اعتماده، قام بجولة وصفها بأنها بروتوكولية، شملت الرئيسين برّي والحريري، وكذلك بجولة على رؤساء الحكومة السابقين بدأها بزيارة رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، وسيتبعها اليوم بزيارات لكل من الرؤساء تمام سلام وسليم الحص ونجيب ميقاتي، للتعارف واستعراض الأوضاع من مختلف جوانبها، ولا سيما العلاقات الثنائية بين البلدين.
وعلم ان السفير اليعقوب نقل للرئيس عون، عند تقديم أوراق اعتماده تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وتمنياته بدوام التقدم للبنان، كما علم ان السفير السعودي أكّد أهمية دور اللبنانيين الموجودين في المملكة واحتضانها لهم. وأبدى رغبة بلاده في تطوير العلاقات على مختلف الأصعدة.
وقالت مصادر مطلعة ان رئيس الجمهورية تمنى التوفيق للسفير السعودي في مهامه.
ومعلوم ان السفير اليعقوب أمضى أربع سنوات في لبنان بين عامي 2010 و2014 قبل ان ينتقل إلى سفارة بلاده في باريس وبقي فيها حتى تعيينه سفيرا في لبنان.
وعمل مع وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان مسؤولا عن ملف لبنان، كما شارك في العديد من الدورات في العلاقات الدبلوماسية والدولية، ومثل المملكة في العديد من المؤتمرات الدولية في الأمم المتحدة.
تربوياً، أزمة جديدة تطل برأسها في ملف سلسلة الرتب والرواتب، وفقا للقانون 46 لأساتذة التعليم الخاص، فبعد تلويح المعلمين باللجوء إلى القضاء وتطلعها بإيجابية لاجتماع مجلس المطارنة الموارنة الشهري، فوجئ المعلمون بالبيان الصادر عن المطارنة الذي دعا بشكل غير رسمي إلى عدم الالتزام بالقانون 46، وذلك من خلال رمي مسؤولية دفع رواتب المعلمين في المدارس الخاصة على الدولة، «كي لا يتعرّض القطاع التربوي، الذي يفتخر به اللبنانيون، لانتكاسة لا تستطيع الدولة التعويض عنها».
من جهته، اعتبر عضو مجلس إدارة صندوق التعويضات نعمة محفوض ان التخويف بانتكاسة القطاع التربوي غير مبررة، كاشفا ان ثلت المؤسسات التربوية الخاصة دفعت السلسلة ولم تفلس ولم تخسر.