مشهورة هي الرواية التي تُنقل عن ملكة فرنسا ماري انطوانيت زوجة الملك لويس السابع ( 1755 ) وابنة ملكة فيينا ماريا تيريزا، وإشتهرت هذه الملكة الجميلة بإغداق الأموال على محاسيب البلاط، من دون أي إهتمام بمعاناة الناس وأوضاعهم .
فتقول الرواية أنه عندما وصلت إليها أصوات جموع المتظاهرين الباريسيين من تحت قصرها، واخترقت صراخات الثوار الجائعين جدران قصر تويلري المحصن، بسبب إنتشار الفقر والعوز والبطالة في طول فرنسا وعرضها، سألت عن سبب هذه الضجة وماذا يريد هؤلاء المتظاهرون ؟ ولما جاءها الجواب بأنهم فقراء ليس لديهم خبز يأكلونه، كان جوابها المريع والذي تحول إلى ما يشبه وقود أشعل الثورة الفرنسية وأسقط عرشها : " إذا لم يكن هناك خبز للفقراء، دعهم يأكلون الكعك " !
فكعك ماري انطوانيت، الذي إنما يوحي عن الهوة الساحقة بين السلطة الحاكمة وبين الجماهير، بحيث أصبحت السلطة غير مدركة أو غير معنية بما يعانيه الشعب، ولا تشعر هذه السلطة بحجم المآسي التي تجتاحهم، فلم تعد قادرة على التمييز بين صرخات الجوع وآلامه أو اعتبار هذه الصرخات مجرد ترف أو حتى مؤامرة تستهدف النظام الحاكم، فيكون العلاج عندها بكل بساطة أن دعوهم يأكلوا الكعك !
وبالعودة إلى ما يجري في المدن والشوارع الإيرانية، وخروج الناس يطالبون بحقهم الشرعي بالعمل والرغيف، والحد من الفساد وصرف موازنات مالية هائلة خارج الحدود ولأسباب توسيع نفوذ النظام، وحرمانهم من أدنى مقومات الحياة، ويعترضون على سوء توزيع الثروة الإيرانية، وهذا باعتراف حتى رئيس البلاد الشيخ حسن روحاني.
إقرا أيضا: فتوى السيستاني: دور سليم في الزمن الخطأ
يطل المرشد بعد أيام على صراخ الناس ليقول بكل بساطة :" إن هدف هؤلاء المحتجين هو منعنا من الوصول إلى القدس " !
هكذا وبهذه البساطة، يشخص مرشد الجمهورية الإسلامية كل الأزمة التي يمر بها المواطن الإيراني، ويدوس على كل الأرقام التي أقرتها الحكومة عن حجم البطالة التي تخطت 12،8 % وأعداد المواطنين الذين بلغوا ال40 مليون يعيشون تحت خط الفقر والإتهامات بالفساد والسرقة التي ساقها أصحاب النفوذ لبعضهم البعض وآخرها إتهام الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد ومستشاره من قبل المحكمة العليا بسلب مليارات الدولارات، فضلا عن تمتع أقل من 6% من المتنفذين بأكثر من 93% من ثروات البلاد .
كل هذا يُختصر عند المرشد بكعكة القدس، وكفى الله المؤمنين شر المحتجين ... يبقى لا بد من التذكير ها هنا بأن تجاهل الملكة ماري انطوانيت لصرخات المواطنين ورفضها إعطائهم أي من حقوقهم، والإكتفاء بحشد الجنود حول فرساي إنتهى إلى سقوط الملك وإلى قطع رأسه ورأس الملكة على يد الجياع.