شهدت إيران أكثر لياليها عنفاً منذ بدء الاحتجاجات على الوضع المعيشي، ما رفع حصيلة القتلى إلى 12، إذ سقط 10 قتلى بعد تحدي المتظاهرين تحذيرات وزارة الداخلية. وكان لافتاً إعلان السلطات إحباط محاولة «متظاهرين مسلحين» السيطرة على قواعد عسكرية ومراكز للشرطة.
وبعدما هادن الرئيس الإيراني حسن روحاني المحتجين الاحد، عاد وتوعدهم أمس بـ «ردّ على اثارة الاضطرابات ومخالفة القانون»، وإن رأى في التظاهرات «فرصة» لتسوية الوضع الاقتصادي في البلاد. في الوقت ذاته، حضّ رئيس القضاء صادق لاريجاني على التعامل «بقوة» مع المخلّين بالأمن. أما الرئيس الأميركي دونالد ترامب فصعّد هجومه، إذ اعتبر أن «زمن التغيير» حان في إيران.
وتجاهل المحتجون دعوة روحاني إلى الهدوء، إذ نظموا تظاهرة وسط طهران ليل أمس، مرددين هتافات مناهضة للنظام، فيما نُشرت صور لسيارات محترقة، وسط تقارير عن انتشار كثيف للشرطة.
ومع دخول التظاهرات يومها الخامس على التوالي، أظهرت تسجيلات مصوّرة بثتها وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، متظاهرين يهاجمون مباني عامة، بينها مراكز دينية ومصارف تابعة لميليشيات «التعبئة العامة» (باسيج) ويحرقون سيارات للشرطة.
وبثّ التلفزيون الإيراني أن صدامات أوقعت 10 قتلى الأحد، بينهم 6 في مدينة تويسركان غرب البلاد، والآخرون في شاهينشهر وإيذه جنوب غربيها. وكان شخصان قُتلا في مدينة دورود غرب إيران.
ووقعت اضطرابات في مدن نور آباد وخرم آباد وسنندج وجابهار. وهتف محتجون في خرم آباد مشيرين إلى المرشد علي خامنئي: «عار عليك يا خامنئي، دع البلد وشأنه». وردّد متظاهرون «شاه رضا، طيّب الله ثراك»، كما أظهرت تسجيلات مصوّرة محتجين في مدينة شيراز وهم يمزقون صورة للجنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري».
وبثّ التلفزيون الإيراني أن «محتجين مسلحين حاولوا السيطرة على مراكز شرطة وقواعد عسكرية»، مستدركاً أنهم «واجهوا مقاومة قوية من قوات الأمن».
وأُوقف حوالى 400 متظاهر قال المدعي العام في طهران عباس جعفري دولت آبادي بأن بعضهم سيواجه عقاباً شديداً، وزاد: «بعد تقديم آلاف الشهداء للثورة، لن تعود الأمّة إلى عهد الظلام لحكم بهلوي».
وأعلن ناطق باسم الشرطة مساء أن أحد عناصرها قتل برصاص مسلح في نجف آباد.
ودعا رئيس القضاء صادق لاريجاني «مَن لديهم مطالبات محقة» إلى أن «يعبّروا عنها بطريقة قانونية»، وحضّ على «التعامل بقوة ضد المخربين وناشري الفوضى»، معتبراً أن «بعضهم يخلط بين الحق والباطل». ولفت إلى أن إيران «شهدت أحداثاً كثيرة مشابهة، وتجاوزتها بسهولة».
وأقرّ روحاني بأن الاقتصاد الإيراني «يحتاج إلى عملية جراحية كبرى»، مؤكداً أن الحكومة عازمة على «تسوية مشكلات المواطنين». ونبّه إلى أن «العدوّ يسعى إلى إثارة فوضى، عبر تحريض مغفلين تسلّلوا بين المحتجين، وردّدوا هتافات مخالفة للقانون وإرادة الشعب، كما تعرّضوا للمقدسات ومبادئ الثورة ودمّروا ممتلكات عامة». وأضاف: «أمّتنا ستتعامل مع هذه الأقلية. الانتقادات والاحتجاجات فرصة وليست تهديداً، والشعب سيردّ على مثيري الاضطرابات ومخالفي القانون».
وعدّد «إنجازات» حكومته، معتبراً أن «الظروف الاقتصادية في إيران أفضل من متوسط الوضع الاقتصادي في العالم»، وتابع: «شعبنا رأى كثيراً أحداثاً مشابهة، وتمكّن من تجاوزها بسهولة».
وفي محاولة للتقليل من شأن الاحتجاجات، اعتبر الناطق باسم «الحرس الثوري» الجنرال رمضان شريف، أن الوضع في إيران «تحت السيطرة»، مؤكداً أن «لا حاجة لتدخل الحرس» في ما يحدث. لكن الناطق باسم القوات المسلحة الجنرال مسعود جزائري تحدث عن «مخطط أميركي لإشعال فتنة جديدة في إيران».
في المقابل، تمنّى وزير الاستخبارات الإسرائيلي إسرائيل كاتس «النجاح للشعب الإيراني في كفاحه من أجل الحرية والديموقراطية»، مستدركاً أن الدولة العبرية «ملتزمة الامتناع عن التدخل في شأن داخلي».
أما ترامب، فكتب على موقع «تويتر»: «الشعب الإيراني العظيم مقموع منذ سنوات، ومتعطش إلى الغذاء والحرية. ثروات إيران تُنهب، وكذلك حقوق الإنسان. حان زمن التغيير». وأضاف: «إيران تفشل على كل الصعد، على رغم الاتفاق الرهيب الذي وقّعته معها إدارة (الرئيس السابق باراك) أوباما»، في إشارة إلى الاتفاق النووي المُبرم بين طهران والدول الست.
لكن وزارة الخارجية الروسية نبّهت إلى أن ما يحدث هو «مسألة داخلية لإيران»، معربة عن «أمل بألا يتطوّر الوضع في ظل سيناريو عنف وسفك دماء». ورفضت «تدخلاً خارجياً يزعزع استقرار الوضع».
وناشد وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل، الحكومة الإيرانية «احترام حقوق المتظاهرين في التجمّع والتعبير عن آرائهم بسلمية»، كما حضّ «جميع الأطراف» على «الإحجام عن العنف».