نضال الشعب الإيراني - المُحبط من الاضطهاد والطغيان والغلاء والاستبداد - ضد الدكتاتورية حقيقي ويجب ألا يُسمح باختطافه
أعزاؤنا المواطنون،
إن الأزمة السياسية- الاقتصادية للنظام الثيوقراطي المُفلس في إيران تتطور وتتعمق يوميا، ويمكن ملاحظة أثر هذه الأزمة في صراعات النظام الداخلية والفضائح غير المسبوقة عن الاحتراب بين أجنحة النظام القوية- كاشفة عمق الفساد والاضطهاد السائد فيما يُزعم أنه “النظام النموذجي للعالم”.
لقد خلق تزايد الفقر والحرمان والغلاء والبطالة المزمنة- الذين دمروا حياة فئة واسعة من السكان وخاصة الشباب-، والتدمير الكبير والكارثي للبيئة، جراء السياسات الكارثية للسلطة الحاكمة، والإفلاس الاقتصادي الكامل للنظام، إضافة إلى تزايد الضغوط الخارجية على النظام، كل ذلك مجتمعا خلق وضعا دقيقا جدا ومتفجرا في مجتمعنا. ويطلب رؤوس النظام المتنعمون بحياة الترف وبثروات غير مسبوقة راكموها على مدى الأربعين عاما الماضية عبر نهب الموارد الوطنية وثروة الأمة، يطابون من الشعب أن يصبر ويتحمل المصاعب من أجل “حماية النظام الإسلامي”- نظام لم يجلب لأمتنا غير الدمار والتخلف الثقافي والسياسي والاقتصادي. لقد أثبت الحكّام الحاليون عمليا أن هدفهم الوحيد ورغبتهم الوحيدة هما إنقاذ النظام الاستبدادي الحالي والحكم المطلق لرجال الدين الظلاميين لأمتنا بغض النظر عن تكلفة أي جريمة أو مأساة قد تقع.
شهدت الأسابيع الأخيرة تصاعد الاستياء وتجمعات للمتظاهرين غير مسبوقة في مدن عديدة، إضافة إلى مظاهرات عمالية واسعة وكبيرة ضد الغلاء والاضطهاد والظلم الواقع من أجهزة الحكم، ومن الحكومة والبرلمان (مجلس) وحتى القضاء والحرس الثوري ومؤسسة المرشد الأعلى والتي تحمي كلها مصالح الرأسماليين الكبار. ويعتبر تزايد استياء الشعب تجاه الوضع القائم، والأهم، استعداد الجماهير الغاضبة ورغبتها في مجابهة آلة قمع النظام، يعتبر ذلك مؤشرا على أهمية التطورات في مستوى جهوزية الجماهير لمعارضة- وخوض صراع مفتوح ضد- حكم الجمهورية الإسلامية في إيران. وعلى العكس من مزاعم بعض القادة الإصلاحيين الداعمين للنظام أن مثل هذه المظاهرات “مؤامرات”، فإننا على يقين من أن أغلبية أبناء أمتنا قد خاب أملها وهي مُحبطة من شعارات أولئك الذين جل همهم إجراء تغييرات تجميلية طفيفة على النظام الحالي، بل هي تطالب الآن بتغييرات جذرية في طريقة حكم البلد، ولا يخشى اليوم تصاعد نضال الشعب وتطوره سوى أولئك الذين يريدون المحافظة بأي شكل على الوضع المأساوي الحالي. وقد أثبتت تجربة العقدين الماضيين، والعديد من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ولمجالس المدن التي عُقدت، وعُبث بها تحت سيطرة وتوجيه المرشد الأعلى، أثبتت أن الشعب يتجه بسرعة بعيدا عن استراتيجية الاختيار بين السيء والأسوأ، وأنه لم يعد يقبل التلاعب بمطالبه من قبل النظام والإصلاحيين الداعمين للنظام الذين يلعبون بشكل عام دور وسطاء السلطة. تريد أغلبية الشعب في وطننا اليوم إنهاء النظام الاستبدادي الثيوقراطي، والقضاء على الاضطهاد والظلم، وبسط الحرية والعدالة الاجتماعية، والسبيل الوحيد لتنفيذ هذه المطالب هو النضال المشترك لكل القوى الوطنية والمحبة للحرية دون تدخل خارجي.
أعزاؤنا المواطنون،
في الوقت نفسه تجب ملاحظة أنه في الأوضاع الدقيقة الناتجة عن التوترات الإقليمية الحالية الخطرة، فإن الرجعية الإقليمية- المدعومة من إدارة ترامب في الولايات المتحدة وحكومة نتنياهو اليمينية في اسرائيل- تسعى للتأثير بشكل محدد على التطورات في بلدنا واستبدال النظام الرجعي الحالي بنظام رجعي آخر. وإن دعم هذه القوى، أي قوى الرجعية الإقليمية، وإدارة ترامب، وحكومة نتنياهو اليمينية، دعمها للملكيين الإيرانيين والقوى السياسية حاملة أجندة التعاون مع أكثر الأنظمة رجعية في المنطقة والعاملة من أجل إقناع الدول الأوروبية بفرض العقوبات على الاقتصاد الإيراني- مضاعفين بذلك معاناة المُعدمين والمُهمّشين في بلدنا- ولتشجيع الدول الأجنبية للتدخل عسكريا في إيران، كل ذلك لا يترك أي مجال للتفاؤل بشأن الخطط المستقبلية لهكذا “معارضة”. يجب على القوى التقدمية والمحبة للحرية في إيران زيادة حضورها في الحراك الجماهيري المعارض- أكثر من أي وقت مضى-، وأن تصيغ شعارات تعبر عن الشعب، وتوفر توجها متزنا وتعتمد على مطالب الجماهير المُحقة من أجل القضاء على النظام الاستبدادي الحالي وإنهاء العوز الاقتصادي والاضطهاد والظلم ونهب الثروات الطبيعية والبشرية لأمتنا، مع تجنب الشعارات الرجعية والمثيرة للفرقة. يجب ألا نسمح للماضي بأن يعيد نفسه، بمعنى اختطاف نضال الأمة الباسل من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية على يد حفنة من الانتهازيين الرجعيين الذين لا يؤمنون بحقوق الشعب ولا الحريات الديمقراطية.
أعزاؤنا المواطنون،
إن الطريق لإنقاذ البلد هو عبر التعبئة المشتركة والمنظمة لكل القوى الوطنية والمعادية للدكتاتورية والمحبة للحرية، للقضاء على نظام المرشد الأعلى الاستبدادي والثيوقراطي المعادي للشعب. ولطالما أيقن حزبنا أن النظام السياسي الحاكم في إيران- نظام قائم على حكم الفرد الواحد كـ “ممثل لله في الأرض” والذي يتجاوز القانون والمؤسسات التنفيذية الحاكمة والسلطة التشريعية والأجهزة القضائية والأمنية العسكرية- هو نظام عصي على الإصلاح ولا يمكن خلق نظام ديمقراطي مستند إلى الشعب إلا بتغيير النظام الحالي. والحل شن نضال مشترك ومنظم من كل الشرائح الاجتماعية- من العمال وكل العاملين إلى الشباب الثوري والطلبة والنساء والمثقفين التقدميين والمحبين للحرية- يستند إلى شعارات ضد الطغيان، وقد أثبتت تجربتنا التاريخية المعاصرة أن جماهير إيران لديها القدرة على إيصال صوتها لآذان الرجعية الحاكمة. فمرة أخرى ندعو كل القوى الوطنية والتقدمية والمحبة للحرية في الوطن للترفع عن خلافاتها النظرية- التاريخية وأن تنهض معا إلى جانب حركة الجماهير للدفع بالنضال قدما- ذلك النضال الذي هدفه رفض الطغيان وتأسيس حكم الشعب والحرية والسلام والسيادة والعدالة الاجتماعية.
اللجنة المركزية لحزب توده الإيراني
٢٩ ديسمبر ٢٠١٧